الإيمان
يُعرّف الإيمان عند أهل السنة والجماعة على أنه قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالأركان، وللإيمان أركان مجموعة في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أن تُؤمِنَ باللهِ، وملائكتِه، وكُتبِه، ورُسلِه، واليومِ الآخِرِ، وتُؤمِنَ بالقدَرِ خَيرِه وشَرِّه)،[١] ومن الجدير بالذكر أن الدين ثلاث مراتب وهي الإسلام، والإيمان، والإحسان، والإيمان يقع في المرتبة الوسطى، فالإسلام أدنى منه مرتبةً، والإحسان أعلى مراتبه، والدليل على ذلك الآيات التي ذكرت قول الأعراب، حيث كانوا حديثي العهد بالإسلام فأتوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدّعون الإيمان، فقال الله تعالى: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَـكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ).[٢][٣]
صفات المؤمنين
ذكر الله تعالى عدداً من صفات المؤمنين في سورة المؤمنون، وقد اشتملت هذه الصفات على حفظ حقوق الله تعالى وحقوق العباد، وأعمال الجوارح، وأعمال القلوب، والأعمال المتعدية، والأعمال اللازمة، ثم بينت الآيات ما يترتب على الإلتزام بتلك الصفات من جزاء عظيم في الدنيا والآخرة، حيث قال تعالى: (أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ*الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)،[٤]، وفيما يأتي بيان تلك الصفات:[٥]
- الخشوع في الصلاة: فقد افتتحت الآيات الكريمة الحديث عن صفات المؤمنين بذكر خشوعهم في الصلاة، حيث قال تعالى: (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ)،[٦] مما يدل على عظم الصلاة وأهميتها، فهي الصلة بين المسلم وربه عز وجل، فينبغي أن تؤدى الصلاة بخشوع، والخشوع هو الخوف المؤدي لتعظيم الله تعالى، ولا بُد من الإشارة إلى أن الخشوع من العبادات القلبية التي لها أثر كبير على أعمال الجوارح؛ إذ إن الخشوع سببٌ لأداء الصلاة بالشكل المطلوب، والحفاظ على شروطها، وأركانها، وواجباتها، وتدبر آيات الله تعالى، وحضور القلب والعقل خلال أدائها، وفي الحقيقة ثمة أمور تساعد على الخشوع في الصلاة، ومنها تذكر الموت وأداء الصلاة وكأنها آخر صلاة قبل الموت، واجتناب كل ما يمكن أن يُشغل الذهن ويشتت الانتباه، ولذلك نهى الشرع الحاقن أو الحاقب عن أداء الصلاة حتى يقضي حاجته، وكذلك نهى الجائع عند حضور الطعام عن الصلاة، مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا صلاةَ بحضرةِ الطعامِ، ولا هو يُدافِعُه الأخبثان).[٧]
- الإعراض عن اللغو: حيث إن المؤمنين مشغولون بآخرتهم حذرون مما قد يضرهم بها، ولذلك فإنهم يتركون ما لا يعنيهم من تفاهات الأمور، ولا يقولون الباطل أو يفعلونه، إذ إنهم يحفظون ألسنتهم عن الفحشاء، وجوارحهم عن الشر والعدوان، ويجتنبون تضييع الأوقات فيما لا يعنيهم، تصديقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ مِن حُسنِ إسلامِ المرءِ تركَه ما لا يَعنيه)،[٨] وقد ذكر الله تعالى هذه الصفة في قوله: (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ).[٩]
- تزكية النفس والمال: وقد دل على هذه الصفة قول الله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ)،[١٠] ويمكن القول إن التزكية بمعناها اللغوي هي التطهير، وفي الحقيقة إن المؤمنين يسعون جاهدين لتطهير أنفسهم من الأخلاق الزديلة، والاعتقادات الفاسدة، والأفكار المنحرفة، ومن كل ما قد يشوب النفس من النقائص والعيوب، مستذكرين وعد الله تعالى لهم بالفلاح، حيث قال: (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا*وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا)،[١١] ومن الأخلاق الرذيلة التي يسعون لتطهير أنفسهم منها خلق البخل والشح، ولذلك فرض الله تعالى زكاة المال على المسلمين تطهيراً لأنفسم وأموالهم، حيث إن في مخالفة النفس صلاح الدنيا والآخرة.
- حفظ الفرج: وقد دل على هذه الصفة قول الله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ*إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ)،[١٢] ومن الجدير بالذكر أن الله تعالى قد خلق البشر وجعل الرغبة الجنسية من فطرتهم، ثم أمرهم بتسييرها بالطريق الصحيح، وهو الزواج الذي فيه السعادة، وكثرة النسل، وصلاح الدنيا، وتقارب الناس وتعارفهم، حيث قال: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)،[١٣] فأطاع المؤمنون أمر ربهم وحفظوا فروجهم من الزنا واللواط، والعادة السرية، فأعانهم الله على طاعته، وأصلح لهم حياتهم، بينما انهمك بعض الناس في المحرمات فكان وبال ذلك دمار للمجتمع، وخراب أخلاقهم وصحتهم.
- أداء الأمانة: وقد دل على هذه الصفة قول الله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ)،[١٤] فقد ذكر الله تعالى أن الأمانة ومراعاة العهود من صفات المؤمنين، وتشمل الأمانة كل حق وجب على الإنسان أداؤه لأهله، كعبادة الله تعالى على الوجه المطلوب، وتربية الأبناء، وأداء حقوق الزوج، ورد الودائع، والبيع والشراء، وإيصال الرسائل إلى أهلها، وأما العهد فهو الحق الذي يجب الإيفاء به، ولا بُد من الإشارة إلى أن الإخلاف بالعهد من صفات المنافقين، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (آيةُ المنافِقِ ثلاثٌ: إذا حدَّثَ كذَبَ، وإذا وعَدَ أخلَفَ، وإذا اؤتُمِنَ خانَ).[١٥]
حلاوة الإيمان
كما أن للإيمان جزاء عظيماً في الآخرة، فإن له أيضاً ثماراً في الدنيا يجنيها المؤمن في كل حين، فيذوق طعم سعادة الروح، وتظهر آثار الإيمان على جوارحه، مما يورث القلب الشجاعة والإقدام، والجرأة في قول الحق، واتباعه، ويورث النفس التقوى، وتلك هي حلاوة الإيمان التي أخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال: (ثلاثٌ مَن كُنَّ فيهِ وجَد حلاوَةَ الإيمانِ: أن يكونَ اللهُ ورسولُه أحبَّ إليه مما سِواهما، وأن يُحِبَّ المرءَ لا يُحِبُّه إلا للهِ، وأن يَكرهَ أن يَعودَ في الكُفرِ كما يَكرهُ أن يُقْذَفَ في النارِ).[١٦][١٧]
المراجع
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 8، صحيح.
- ↑ سورة الحجرات، آية: 14.
- ↑ "ما هو الإيمان وما الفرق بينه وبين الإسلام"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 5-10-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة المؤمنون، آية: 10،11.
- ↑ "صفات المؤمنين في سورة المؤمنون"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 5-10-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة المؤمنون، آية: 2.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 560 ، صحيح.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 229 ، صحيح.
- ↑ سورة المؤمنون، آية: 3.
- ↑ سورة المؤمنون، آية: 4.
- ↑ سورة الشمس، آية: 9-10.
- ↑ سورة المؤمنون، آية: 5،6.
- ↑ سورة الروم، آية: 21.
- ↑ سورة المؤمنون، آية: 8.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6095، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 16 ، صحيح.
- ↑ "حلاوة الإيمان"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-10-2018. بتصرّف.