المؤمن
يُطلق المؤمن على من آمن بالله تعالى، وملائكته، وكتبه، وبرسله، وباليوم الآخر، وبالقدر خيره وشرّه، وبكلّ ما ورد بشكل صحيحٍ في الشريعة الإسلامية، والمؤمن لغةً هو اسم فاعل للموصوف بالإيمان، وتجدر الإشارة إلى أنّ المؤمن يرجع في اللغة إلى ثلاثة أصول، الأصل الأول الأمن، وهو ما يقابل الخوف، ووردت كلمة الأمن في القرآن الكريم بقول الله تعالى: (الَّذينَ آمَنوا وَلَم يَلبِسوا إيمانَهُم بِظُلمٍ أُولـئِكَ لَهُمُ الأَمنُ وَهُم مُهتَدونَ)،[١] والأصل الثاني التصديق الذي يقابل التكذيب، ومثاله من القرآن قول الله تعالى: (وَما أَنتَ بِمُؤمِنٍ لَنا وَلَو كُنّا صادِقينَ)،[٢] وورد عن أبي منصور الهروي أنّه قال: (لم يختلف أهل التفسير أنّ معناه: وما أنت بمصدق لنا، والإيمان في حقنا هو تصديق خبر الله تصديقاً جازماً، وتنفيذ أمره تنفيذاً كاملاً)، والأصل الثالث الأمانة التي تضادّ الخيانة، وتجدر الإشارة إلى أن الله تعالى أطلق على نفسه اسم المؤمن، ودليل ذلك قوله: (هُوَ اللَّـهُ الَّذِي لَا إِلَـهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ)،[٣] وذلك يدلّ على انفراد الله تعالى بالربوبية، والوحدانية، والألوهية، مع الإشهاد على ذلك، كما أنّ الله تعالى هو الأمن والأمان لعباده؛ حيث إنّه وعد عباده بذلك يوم القيامة، كما أنّ الله تعالى لا يتّصف بأيّ صفة نقصٍ أو عيب، فالله تعالى لا يُوصف بالخيانة والغدر بأيّ حالٍ من الأحوال.[٤]
صفات المؤمن
قال الله تعالى في بيان صفات المؤمنين: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ*الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ*وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ*وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ*وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ*إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ*فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْعَادُونَ*وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ*وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ*أُولَـئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ*الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)،[٥] وفيما يأتي بيان بعض صفات المؤمنين بشيءٍ من التفصيل:[٦]
- أداء الصلاة بشخوع وطمأنينةٍ وتدبرٍ، فالصلاة من أعظم العبادات التي تربط العبد بربه، التي لا بدّ فيها من الخوف الذي يحقق تعظيم وتقدير الله تعالى، وتجدر الإشارة إلى أنّ الخشوع مطلوبٌ داخل الصلاة وخارجها، إلّا أنّه أدعى وأوجب في الصلاة، لأن العبد في الصلاة يقف بين يدي ربه، كما أنّ الخشوع يُعدّ من العبادات القلية التي تنعكس على الأعمال الظاهرة، ولذلك فلا بدّ للمسلم المحافظة على أداء الصلاة في أوقاتها المحددة شرعاً، بأركانها، وواجباتها، وسننها، وشروطها، مع الحرص على التدبّر والتفكّر في دلالات ومعاني الآيات القرآنية المتلوة فيها، ومن الأمور التي تُعين العبد على الخشوع والتدبر، الوقوف بين يدي الله تعالى، واستشعار أنّ الصلاة آخر صلاة يؤديها المسلم في حياته، وإبعاد وتجنّب أيّ أمر يشغل المصلي ويلهيه عن صلاته، من الأمور المادية والمعنوية.
- تجنب الباطل من الأقوال والأفعال، والعمل والاستعداد للحياة الآخرة، والحرص على حفظ الجوارح والحواس والألسنة من الفواحش والمنكرات، ومن المعينات على ما سبق تذكّر الهدف الذي من أجله خُلق الإنسان، والنهاية التي سيؤول إليها، وتذكّر تسجيل الملائكة لجميع الأعمال التي تصدر عن العباد.
- تزكية وطهارة النفس والمال، فالنفس الإنسانية مليئة بالنقائص والعيوب التي تكدّر صفوها ونقاءها، ولا بد للمسلم إصلاحها وتقويمها من الأعمال والاعتقادات الباطلة والمنحرفة، والأخلاق الرذيلة، وذلك ما يتحقق أيضاً بزكاة المال الواجبة على المسلمين.
- حفظ الفروج عن المحرمات والفواحش والرذائل، ولذلك شرع الإسلام الزواج الذي يحقق الرغبة الجنسية للإنسان بصورة تحفظ الفروج، والعفة، والنسل، والذرية، والسعادة.
- حفظ العهود، وأداء الأمانات والحقوق إلى أصحابها، فالأمانة تُطلق على كلّ حقٍّ يجب على الفرد حفظه وأداؤه إلى صاحبه، ومن أمثلة الأمانات: عبادة الله تعالى، والعمل والوظيفة، وأداء الحقوق الزوجية، والبيع والشراء.
الإيمان بالله
يقوم الإيمان على ستة أركان لا يتحقق إلّا بها، تتمثل في قول الرسول لجبريل عليه السلام عندما سأله عن الإيمان فقال له: (أن تُؤمِنَ باللهِ، وملائكتِه، وكُتبِه، ورُسلِه، واليومِ الآخِرِ، وتُؤمِنَ بالقدَرِ خَيرِه وشَرِّه)،[٧] والإيمان بالله يتضمّن الإيمان بربوبيّته التي دلّ عليها العقل والشرع والفطرة والحس، والإيمان بربوبيته التي تعني الاعتقاد الجازم بأنّ الله تعالى المتصرّف الوحيد في شؤون عباده وأحوالهم، وتوحيد الألوهية التي تتمثّل بأنه المستحق الوحيد للعبادة دون سواه، وتوحيد الأسماء والصفات الخاصة به.[٨]
وتجدر الإشارة إلى أنّ كلّ مخلوق فُطر على الإيمان بالله، كما أنّ جميع المخلوقات والموجودات لا بدّ من موجد وخالق لها، فلا يمكن بأيّ حالٍ من الأحوال أن توجِد المخلوقات نفسها بنفسها، ولا حتى بالصدفة، لأنّ كلّ حادث لا بد من مُحدِث له، كما أنّ التناسق والتناغم بين المخلوقات لا يمكن أن يكون صدفةً، والحسّ الذي يدل على وجود الله تعالى ووجوب الإيمان به ما يكون من تفريجه لكروب ومحن العباد، وإجابته لسؤال الداعين، كما أنّ المعجزات المؤيد بها الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام تدلّ على وجود الله تعالى الذي أرسلهم وأيّدهم بمعجزاتهم، فالمعجزات تُعدّ من الأمور الخارقة لعادات البشر، ومن المعجزات التي أُيّد بها الأنبياء انفلاق القمر إلى شقين للرسول محمد عليه الصلاة والسلام حين طلبت قريش منه ذلك، وما كان من تأييد الله تعالى لعيسى بن مريم عليهما السلام بإحياء الموتى وإخراجهم من قبورهم، وما كان من انفلاق البحر لموسى عليه السلام عندما ضربه بالعصا.[٨]
المراجع
- ↑ سورة الأنعام، آية: 82.
- ↑ سورة يوسف، آية: 17.
- ↑ سورة الحشر، آية: 23.
- ↑ "المؤمن"، articles.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-12-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة المؤمنون، آية: 1-11.
- ↑ "صفات المؤمنين في سورة المؤمنون"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-12-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 8، صحيح.
- ^ أ ب "الإيمان بالله"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-12-2018. بتصرّف.