أبيات في الغزل
- يقول إلياس أبو شبكة:
أَيَحِقُّ لي في غَيرِها الغَزلُ
- وَعَلى فَمي مِن قَلبِها قُبَلُ
وَكَأَنَّني في عَينِها لَهَبٌ
- بِفُؤادِها الوَلهانِ مُتَّصِلُ
يَبدو رَماداً حينَ تَلحَظُنا
- عينٌ وَحينَ تَغيبُ يَشتَعِلُ
يا خَيرَ مَن حَنَّت لَها مُهَجٌ
- وَأَحبَّ مَن غَزَلَت لَها مُقَلُ
أَفرَغتِ عِطرَكِ في دَمي فَعَلى
- شِعري عَبيرٌ مِنكِ مُنهَمِلُ
لَولاكِ جفَّ الشِعرُ في كَبِدي
- وَحييتُ لا حبٌّ وَلا أَمَلُ
- يقول عبد الغني النابلسي:
لم أزل في الحب يا أملي
- أخلط التوحيد بالغزلِ
وعيوني فيك ساهرة
- دمعها كالصيب الهطل
ليت لي من نور طلعتكم
- لمحةً كي تنطفي غللي
إن أحشائي بكم تلفت
- بل وجسمي في الغرام بَلي
واصطباري يوم جفوتكم
- زال والتهيام لم يزل
جد لعيني باللقاء ولو
- في الكرى يا غاية الأمل
وتلطف بالمشوق ودع
- ذا الجفا واعطف وجُد وصِل
وأبح مضناك بعض لقا
- يا شفا قلبي من العلل
يا منى هذا الفؤاد ويا
- بغيتي يا كلَّ متكلي
يا ضيا شمسي إذا طلعت
- في الضحى مني وفي الطَفَل
يا مرادي حين قلت ويا
- جلَّ قصدي حين لم أقل
خذ أماناً من قلاك لنا
- إننا منه على وجل
ثم كن فيما يكون كما
- كنت في أيامك الأُوَل
ذا التجافي كم أكابده
- آهِ قلَّت في الهوى حيلي
والذي أهواه مشتمل
- من ملاح الكون في حلل
وسرت من نحو كاظمة
- نسمة فيها انمحى طللي
وبروق الحي لامعة
- حان لما أومضت أجلي
هذه الأكوان أجمعها
- شمَّةٌ من وردة الأزل
عطرتني عندما نفحت
- ما أنا عنها بمشتغل
طيب أثواب المليح بدا
- فائحاً من جانب الكلل
وثغور الزهر قد بسمت
- من روابي أشرف الرسل
يا عذولاً لامني سفهاً
- أنا لا أصغي إلى العَذَل
قلبي المضنى حليف جوىً
- عن هوى الغزلان لم يَحُل
مغرم صب بذي عظم
- جلَّ عن علمي وعن عملي
ما له في الخلق من شبه
- ما له في الأمر من مثل
جل عن قولي أجلُّ وعن
- كل خاف لي وكل جلي
ذو اتصال غير متصل
- وانفصال غير منفصل
لم يمل عن أمره أحد
- دائماً في سائر الملل
غير أن الأمر منقسم
- للصواب المحض والزلل
وانقسام الأمر يظهر في
- مقتضى أشخاصه السفل
وهو في العلياء واحده
- قبل أن يبدو لذي مقل
هذه أبهى ملابسنا
- حلة زرَّت على بطل
لم نفصلها لغير فتى
- عزمه خالٍ من الكسل
خمرة منها النهى سكرت
- شربة أحلى من العسل
فاقبلونا يا أحبتنا
- وابشروا بالمنزل الجلل
أبيات في الحكمة
- يقول الإمام الشافعي:
دَعِ الأَيّامَ تَفعَلُ ما تَشاءُ
- وَطِب نَفساً إِذا حَكَمَ القَضاءُ
وَلا تَجزَع لِحادِثَةِ اللَيالي
- فَما لِحَوادِثِ الدُنيا بَقاءُ
وَكُن رَجُلاً عَلى الأَهوالِ جَلداً
- وَشيمَتُكَ السَماحَةُ وَالوَفاءُ
وَإِن كَثُرَت عُيوبُكَ في البَرايا
- وَسَرَّكَ أَن يَكونَ لَها غِطاءُ
تَسَتَّر بِالسَخاءِ فَكُلُّ عَيبٍ
- يُغَطّيهِ كَما قيلَ السَخاءُ
وَلا تُرِ لِلأَعادي قَطُّ ذُلّاً
- فَإِنَّ شَماتَةَ الأَعدا بَلاءُ
وَلا تَرجُ السَماحَةَ مِن بَخيلٍ
- فَما في النارِ لِلظَمآنِ ماءُ
وَرِزقُكَ لَيسَ يُنقِصُهُ التَأَنّي
- وَلَيسَ يَزيدُ في الرِزقِ العَناءُ
وَلا حُزنٌ يَدومُ وَلا سُرورٌ
- وَلا بُؤسٌ عَلَيكَ وَلا رَخاءُ
إِذا ما كُنتَ ذا قَلبٍ قَنوعٍ
- فَأَنتَ وَمالِكُ الدُنيا سَواءُ
وَمَن نَزَلَت بِساحَتِهِ المَنايا
- فَلا أَرضٌ تَقيهِ وَلا سَماءُ
وَأَرضُ اللَهِ واسِعَةٌ وَلَكِن
- إِذا نَزَلَ القَضا ضاقَ الفَضاءُ
دَعِ الأَيّامَ تَغدِرُ كُلَّ حِينٍ
- فَما يُغني عَنِ المَوتِ الدَواءُ
- يقول أبو الطيب المتنبي:
نَبكي عَلى الدُنيا وَما مِن مَعشَرٍ
- جَمَعَتهُمُ الدُنيا فَلَم يَتَفَرَّقوا
أَينَ الأَكاسِرَةُ الجَبابِرَةُ الأُلى
- كَنَزوا الكُنوزَ فَما بَقينَ وَلا بَقوا
مِن كُلِّ مَن ضاقَ الفَضاءُ بِجَيشِهِ
- حَتّى ثَوى فَحَواهُ لَحدٌ ضَيِّقُ
خُرسٌ إِذا نودوا كَأَن لَم يَعلَموا
- أَنَّ الكَلامَ لَهُم حَلالٌ مُطلَقُ
وَالمَوتُ آتٍ وَالنُفوسُ نَفائِسٌ
- وَالمُستَغِرُّ بِما لَدَيهِ الأَحمَقُ
وَالمَرءُ يَأمُلُ وَالحَياةُ شَهِيَّةٌ
- وَالشَيبُ أَوقَرُ وَالشَبيبَةُ أَنزَقُ
أبيات في الزهد
- يقول أبو العتاهية:
لَعَمرُكَ ما الدُنيا بِدارِ بَقاءِ
- كَفاكَ بِدارِ المَوتِ دارَ فَناءِ
فَلا تَعشَقِ الدُنيا أُخَيَّ فَإِنَّما
- تَرى عاشِقَ الدُنيا بِجُهدِ بَلاءِ
حَلاوَتُها مَمزوجَةٌ بِمَرارَةٍ
- وَراحَتُها مَمزوجَةٌ بِعَناءِ
فَلا تَمشِ يَوماً في ثِيابِ مَخيلَةٍ
- فَإِنَّكَ مِن طينٍ خُلِقتَ وَماءِ
لَقَلَّ امرُؤٌ تَلقاهُ لِلَّهِ شاكِراً
- وَقَلَّ امرُؤٌ يَرضى لَهُ بِقَضاءِ
وَلِلَّهِ نَعماءٌ عَلَينا عَظيمَةٌ
- وَلِلَّهِ إِحسانٌ وَفَضلُ عَطاءِ
وَما الدَهرُ يَوماً واحِداً في اختِلافِهِ
- وَما كُلُّ أَيّامِ الفَتى بِسَواءِ
وَما هُوَ إِلّا يَومُ بُؤسٍ وَشِدَّةٍ
- وَيَومُ سُرورٍ مَرَّةً وَرَخاءِ
وَما كُلُّ ما لَم أَرجُ أُحرَمُ نَفعَهُ
- وَما كُلُّ ما أَرجوهُ أَهلَ رَجاءِ
أَيا عَجَباً لِلدَهرِ لا بَل لِرَيبِهِ
- تَخَرَّمَ رَيبُ الدَهرِ كُلَّ إِخاءِ
وَمَزَّقَ رَيبُ الدَهرِ كُلَّ جَماعَةٍ
- وَكَدَّرَ رَيبُ الدَهرِ كُلَّ صَفاءِ
إِذا ما خَليلٌ حَلَّ في بَرزَخِ البِلى
- فَحَسبي بِهِ نَأياً وَبُعدَ لِقاءِ
أَزورُ قُبورَ المُترَفينَ فَلا أَرى
- بَهاءً وَكانوا قَبلُ أَهلَ بَهاءِ
- يقول أبو نواس:
يا ربِّ إنْ عَظُمَتْ ذُنُوبِي كَثْرَةً
- فلقد عَلِمْتُ بِأَنَّ عفوك أَعْظَمُ
إِنْ كَانَ لاَ يَرْجُوكَ إِلاَّ مُحْسِنٌ
- فَمَن الذي يَدْعُو ويَرْجُو المجرم
أَدْعُوكَ رَبِّ كما أمرت تَضَرُّعاً
- فَإِذَا رَدَدَّتَ يَدِي فمن ذا يَرْحَمُ
مَالِي إِلَيْكَ وَسِيلَةٌ إِلاّالرَّجَا
- وَجَمِيلُ عَفْوِكَ ثُمَّ إِنِّي مُسْلِمُ
أبيات في المديح
- يقول النابغة الذبياني:
فَإِنَّكَ شَمسٌ وَالمُلوكُ كَواكِبٌ
- إِذا طَلَعَت لَم يَبدُ مِنهُنَّ كَوكَبُ
- يقول جرير:
أَلَستُم خَيرَ مَن رَكِبَ المَطايا
- وَأَندى العالَمينَ بُطونَ راحِ