موقف أبي أيوب من المنافقين
كان للصحابي الجليل أبو أيوب الأنصاري مواقف عديدة في مواجهة المنافقين، ومنها أنّهم كانوا يحضرون إلى المسجد ويسمعون الأحاديث ويسخرون منها ومن الدين، فرآهم الرسول صلّى الله عليه وسلّم يتهامسون وقد التصق بعضهم ببعض، فأمر النبي بإخراجهم من المسجد بعنف، فقام أبو أيوب على أحدهم وقد كان على دينه في الجاهلية فسحبه من قدمه حتى أخرجه من المسجد، وهو يقول له: أتخرجني يا أبا أيوب من مربد بني ثعلبة، ثم ذهب إلى شخص آخر من عائلته بني النجار فلبّبه بردائه ونتره بشدة ثم ضربه على وجهه وأخرجه من المسجد وهو يقول: أفّ لك منافقاً خبيثاً أدراجك يا مُنافق من مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بمعنى عُد من الطريق التي جئت منها،[١] هذا هو أبو أيوب الأنصاري الخزرجي النجاري الّذي سكن معه الرسول، وعندما توفي قالت الروم للمسلمين يوم دفنهم له: لقد كان لكم الليلة شأن قالوا: هذا رجل من أكابر أصحاب نبينا وأقدمهم إسلاما، وقد دفناه حيث رأيتم، ووالله لئن نبش لا ضرب لكم بناقوس في أرض العرب ما كانت لنا مملكة.[٢]
موقف أبي أيوب من حادثة الإفك
عندما نزل قوا الله تعالى (وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَٰذَا سُبْحَانَكَ هَٰذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ)[٣]أثبتت الروايات أنها متعلّقة بموقف الصحابي أبي أيوب وزوجته، حيث أخذ بعض الناس هذا الافتراء على أم المؤمنين عائشة، أمّا أبو أيوب وزوجته فقد اعتبراه بُهتاناً عظيماً، وفي موضع آخر جاءت إليه فقالت: يا أبا أيوب ألا تسمع ما يقول الناس في عائشة؟ قال: بلى، وذلك الكذب أكنت يا أم أيوب فاعلة؟ قالت: لا والله ما كنت لأفعله، قال: فعائشة والله خير منك، هذا هو موقف أبو أيوب من المنافقين وحادثة الإفك فقد بيّن أن من هم أقل ورع وتقوى من عائشة لا يفعلون ذلك فكيف بأم المؤمنين زوجة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.[٤]
من هو المنافق
المنافق هو من يُظهر غير ما يُخفي، فإن أخفى تكذيبه بأصول الإيمان فيكون المنافق الخالص وحكمه الكفر، وقد يزيد عذابه إن أظهر الإيمان وخدع بذلك المسلمين قال تعالى (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا)[٥]فأمّا إذا أخفى معاصيه لله تعالى فهو هنا في شعبة أو أكثر من شعب النفاق، ومن الجدير بالذكر أنَّ المنافق يظهر عندما يكون الدين في جُلّ قوّته وتصبح كلمة الله هي العليا، فتذهب سيطرة الكفر حيث إنَّ جبنهم وخوفهم يجعلهم يُظهرون إيمانهم بعكس الكفر في وجدانهم فهم يخشون مواجهة المسلمين بما يُبطنون.[٦]
المراجع
- ↑ السهيلي (1412ه)، الروض الأنف في شرح السيرة النبوية (الطبعة الأولى)، بيروت: دار إحياء التراث العربي، صفحة 322-323، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ ابن الأثير، أبو الحسن (1989)، أسد الغابة ، بيروت: دار الفكر، صفحة 25-26، جزء 6. بتصرّف.
- ↑ سورة النور، آية: 16.
- ↑ إبراهيم بن إبراهيم قريبي، مرويات غزوة بني المصطلق وهي غزوة المريسيع، المدينة المنورة: عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، صفحة 273-276. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 145.
- ↑ عبد الكريم زيدان (2001)، أصول الدعوة (الطبعة التاسعة)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 396. بتصرّف.