شجرة الدر
تلقب شجرة الدر بعصمة الدين أم خليل، وهي من أصول تركية، في حين قال البعض بأنّها من أصول أرمينية، وقد عملت جارية عند السلطان الصالح نجم الدين أيوب بعد أن اشتراها، ثم بعد ذلك حظيت بمكانة كبيرة وعالية عنده، الأمر الذي جعله يعتقها ويتزوجها، فأنجبت منه ولدها خليل، والذي توفي في تاريخ 2 من صفر 648هـ (مايو 1250م)، وقد تولت عرش دولة مصر لمدة ثمانين يومياً، وكان ذلك بمبايعة من أعيان الدولة والمماليك بعد وفاة زوجها السلطان نجم الدين أيوب، ثمّ بعد مرور هذه الفترة تنحت عن العرش وتنازلت عنه لزوجها الثاني عز الديب أيبك التركماني، وكان ذلك في سنة 648هـ (1250م)، وقد لعبت دوراً مهماً في الحملة الصليبية السابعة التي تعرضت لها مصر، إضافة لمعركة المنصورة.
إدراة شجرة الدر لشؤون الحرب
توفي السلطان الصالح النجم الدين أيوب في سنة 647هـ، وتحديداً في ليلة النصف من شهر شعبان، وقد كانت وقتها القوات الصليبية تتقدم إلى الجهة الجنوبية من الشاطئ الشرقي للنيل للإجهاز والسيطرة على القوات المصرية الموجودة في المنصورة، وإذاعة خبر وفاة السلطان في ذلك الوقت سيلعب دوراً كبيراً في إضعاف وإحباط معنويات الجنود والتأثير على سير المعركة، وفي هذه الأثناء أخذت شجرة الدور موقفاً في غاية الروعة، إذ تجاهلت أحزانها وقدمت المصلحة والمنفعة العليا للدولة مدركةً الموقف الخطير الذي تمر فيه، حيث أخفت خبر وفاة السلطان، وأمرت بنقل جثته بشكل سري إلى قلعة الروضة في القاهرة بوساطة سفينة، كما أمرت الأطباء ايضاً بأن يدخلوا إلى غرفة السلطان بشكل يومي كعادتهم، وكانت تدخل الطعام والأدوية لحجرته كما لو كان على قيد الحياة، واستمرت الأوراق والمعاملات الرسمية تخرج بشكل يومي من غرفته وعليها علامة وتوقيع السلطان، وقد تولت شجرة الدور آنذاك تنظيم وترتيب شؤون الدولة، وإدارة أمور الجيش والجنود في ساحة القتال.
كما أنّها قد عهدت لفخر الدين مجال قيادة الجيش، وفي ذات الوقت أرسلت إلى ابن الصالح توران شاه طالبة منه القدوم إلى مصر ليتولى عرش السلطنة من بعد والده، وفي الفترة الزمنية ما بين وفاة السلطان الصالح أيوب وقدوم ابنه توران في تاريخ 23 ذي القعدة 648هـ (27 فبراير 1250م) فلحت شجرة الدور ونجحت في الإمساك بزمام أمور الدولة بمهارة فائقة، حيث قادت البلاد في ظل الظروف الصعبة التي عاشتها، الأمر الذي جعل الجيش المصري ينجح في التصدي للعدوان الصليبي ومقاومته، إضافة لإلحاق خسائر جسيمة بالصليبين، وبالتالي فإنّها حفظت السلطنة بشكل جيد حتى قدم توران شاه وتسلمها وقاد الدولة للنصر.
وفاة شجرة الدر
تزوجت شجرة الدر بعد وفاة السلطان الصالح نجم الدين أيوب من الأمير عز الدين أيبك، وقد تنازلت عن العرش له، وكان زوجها يخضع لسيطرتها، فقد أجبرته على هجر زوجته السابقة، كما منعته من زيارتها وزيارة أبنه، ولكن زوجها قد انقلب عليها عندما تولى جميع زمام أمور البلاد والحكم فيها، فتخلص من جميع منافسيه في الخارج والداخل، وتمرس في إدارة أمور البلاد، كما بدأ يخطط للزواج من جديد من ابنة صاحب الموصل بدر الدين لؤلؤ، الأمر الذي أثار غضب شجرة الدر، وجعلها تفكر كثيراً للتخلص من الأمير أيبك، فأرسلت له تتطلف معه، وتسترضيع، وتطلب منه العفو، وإذ بأيبك أنخدع لمؤامرتها واستجاب لدعوتها ذاهباً إلى القلعة، ثم لقي مصرعه هناك، وبعد ذلك أشاعت زوجته شجرة الدر بأنّه توفي بشكل مفاجئ ليلاً، إلّا أنّ مماليك أيبك كذبوها ولم يصدقوا إشاعتها، فقبضوا عليها، وأرسلوها إلى زوجة أيبك الأولى، والتي أمرت الجواري اللواتي يعملن عندها بقتلها بعد عدة أيام قليلة، ثم ألقوا بجثتها من سور القلعة، ودُفنت مباشرة بعد أيام عديدة.