بغداد
بناها الخليفة العباسي جعفر المنصور عام 145هــ، واتخذها عاصمةً لدولته العباسية، واختار لها موقعا في منطقةٍ خصبةٍ؛ بعد أن كلّف رجالاً ثقّةً للبحث عن مكانٍ يصلح لهذا المشروع الكبير، فنصحّوه بموقعٍ جنوب الموصل، فذهب إليه، وأقام فيه يوماً و ليلة؛ حيث استحسن المكان، وأعجب بعليل هوائه، وطيب غذائه، وخصوبة أراضيه التي تُروى من ماء دجّلة، واستقر به الرأي، لإقامة مدينته الجديدة هناك. وضمّت المدينة الجديدة: قصر الخليفة، وقصور الأمراء، والجامع، ومنازل دور أبنائه، ومن يقوم على خدمتهم، ودواوين الحكومة. وحرص المنصور على أن تتشابه مدينة بغداد في عظمتّها ومكانتّها بالعواصم الكبرى في المشرق والمغرب؛ فعمل على تحصينها؛ مما زاد من كلّفة إنشائها؛ التي بلغّت تسعة ملايين جنيّهاً. وأسماها في ذلك الحين مدينة السلام، ودار السلام؛ تشبهاً بالجنة، ومدينة الإسلام، وسُميّت أيضاً بالمدورة؛ لأنّها بنيت على شكل دائرة.[١]
شهدت بغداد تطوراً واسعاً في المجالات العلمية والثقافية، كما ازدهرت فيها حركة الترجمة من الكتب الفارسية إلى العربية، وأصبحت مقصداً للكثير من العلماء؛ وكان للمنصور دورٌ كبيرٌ في هذا التطور؛ إذْ كان محباً للعلوم، والفنون، والطب، وراوياً أيضاً للحديث. ومن بعده استمرت بغداد في نموّها العمراني، والعلمي، والثقافي، وتوسّعت فيها الفنون المختلفة، وانتقلت منها إلى باقي أنحاء العالم الإسلاميّ، وبقيّت على هذا الحال من التقدم والازدهار حتى عام 656هـ، عندما تعرضت لغزو التتار بقيادة هولاكو الذي قام بتدميرها والاستيلاء عليها.[١]
سامراء
تُعدّ من أهم المدن التاريخيّة؛ تقع في الجهة الشرقية لنهر دجلة؛ حيث أمر الخليفة العباسيّ المعتصم ببنائها عام 221، واتخذها عاصمةً له؛ بدلاً من العاصمة بغداد؛ بعد أن كثُر شكوى وتذمر الناس؛ من وجود الأعداد الهائلة للجنود الأتراك في بغداد. واختار لها موقعاً استحسنه؛ كان عبارة عن موقعٍ أثري لدير النصارى في العراق، فاشتراه، وعندما تمّ بناء المدينة، انتقل إليها، وأقام فيها مع جنده الأتراك؛ الذي حرص على عزلهم عن عامة الناس. وحُظيّت سامراء بمكانة العواصم الإسلاميّة؛ حيث تطوّرت بشكلٍ كبير، وزاد عدد سكانها، وأقيمت فيها الأسواق، والحدائق، والمباني، والجوامع، والحمامات العمومية، ومراكز الحرف، والسجون، والدواوين. وبعد وفاة المعتصم بقيّتْ عاصمةً للخلفاء العباسيين، إلى أن تركها الخليفة المعتمد، وعاد للإقامة في بغداد، ونقل مقر الخلافة إليها.[٢]
المدرسة المستنصريّة
تُعتبر واحدةً من أعظم المدارس الإسلامية الوقفيّة؛ أنشأها الخليفة المستنصر بالله العباسي؛ في الجهة الشرقيّة لشطّ دجلة في العاصمة بغداد، واستغرق بناؤها ست سنوات، وكان يُدرس فيها المذاهب الأربعة الإسلامية، إضافةً إلى علوم القرآن، والطب، واللغة، والرياضيات. وتميّزت مدرسة المستنصريّة بفخامة عمرانها، وجمال زخّرفتها؛ وكانت مجهّزة بالأقسام الداخلية، والحمامات، والمطابخ، وقاعات التدريس، والطعام، والنوم. وكان تتبع لها مستشفى للعلاج والتدريس، ومكتبةً ضخمةً بالكتب، إضافةً إلى المسجد الذي تميّز بموقعه الجميل، وسقفه المبني على شكل قبّة، وتميزت بساعةٍ مائيةٍ؛ غريبة الصنع تقع عند المدخل خُصصت لتحديد أوقات الصلاة.[٣]
المراجع
- ^ أ ب علي إبراهيم حسن (2010)، التاريخ الإسلامى العام: الجاهلية - الدولة العربية - الدولة العباسية (الطبعة 3)، مصر: مكتبة النهضة المصرية، صفحة 352-356. بتصرّف.
- ↑ ألاء إسماعيل علي محمد علي ، مدينة سامراء - سر من رأى، السودان : جامعة الخرطوم - كلية الآداب - قسم التاريخ، صفحة 17-18. بتصرّف.
- ↑ أ.م.د. صلاح عريبي عباس (2011)، المدارس الوقفية واثارها العلمية والفكرية في العراق، العراق: جامعة كركوك / كلية التربية ، صفحة 8-11-12-19. بتصرّف.