اللغة العربيّة
تتميز اللغة العربيّة بأصالتها وقدرتها التعبيريّة، ومقدرتها الفريدة على الوصف والتشبيه بدقّة ومرونة بالإضافة إلى البلاغة، فكلّ كلمة باللغة العربيّة لها معناها وبلاغتها، وهي لغة القرآن الكريم، حيث اختارها الله لتكون اللغة التي يخاطب بها خلقه جميعاً، ويعتبر نزول القرآن باللغة العربيّة معجزة أزلية لعدم تمكن أحد من الحديث بنفس البلاغة التي نزل الفرآن بها، وكما تنزل بالكتاب العزيز: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر: 9].
اللغة العربيّة والأعاجم
مع انتشار الدين الإسلاميّ بسبب الفتوحات الإسلاميّة دخل العديد من الأعاجم وغير العرب بالدين الإسلاميّ، وتمّ أيضاً نشر الثقافة والشعر والعلوم والبلاغة العربيّة في جميع أرجاء العالم، ومع ازدياد عدد المسلمين من غير العرب، أصبحت هناك حاجة ملحة لتعليمهم اللغة العربيّة قراءة ومحادثة ليتمكنوا من قراءة القرآن الكريم، بالإضافة إلى تدبّر معانيه وفهمها، وللأسف فقد واجهتهم العديد من الصعوبات، منها الحاجة إلى وضع قواعد خاصّة لبيان الحركات والهمزات وكيفية لفظها، وضرورة وجود نقاط لتميز الحروف المتشابهة، ومن هنا قام علماء اللغة العربيّة بتعديل اللغة العربيّة على مرحلتين.
مرحلة النحو
تتعلّق المرحلة الوضع بوضع حركات ونقاط معيّنة لبيان معنى الكلمات من ناحية القواعد النحوية، ويعتبر أبو الأسود الدؤلي أوّل من قام بتحديد قواعد النحو بعد طلب الخليفة عليَ بن أبي طالب منه ذلك، فقام بوضح الحركات للدلالة على أماكن الفتح والضم والكسر والجر والنصب، لتسهيل عملية النطق.
تنقيط الحروف
تشمل المرحلة الثانية عملية تنقيط الحروف لتسهيل القراءة وتمييز الحروف المتشابهة، حيث قام ناصر بن عاصم وهو أحد أهم علماء اللغة بوضع النقاط الأساسية على حروف اللغة العربيّة، وذلك بعد طلب الحجاج بن يوسف الثقفي أثناء ولايته على مدينة بغداد، حيث يرجح العديد من المؤرخين أن السبب في تنقيط اللغة العربيّة، أن أعجمياً جاء لزيارة الحجاج بن يوسف الثقفي من أجل أن ينشد له أبياتاً من الشعر والمدح، إلّا أنّه قام بإلقائها بطريقة مضحكة جداً، لأن الكلمات لم تكن منقوطة، فقام الأعجمي بلفظها حسب ما ظنه صحيحاً، ممّا أدّى إلى تغير في معاني الكلمات، الأمر الذي سبب غضباً كبيراً لدى الحجاج، وأمر حراسه بجلده ومعاقبته، فقام نصر بن عاصم بالطلب من الحجاج ان يصفح عن هذا الأعجمي، فطلب منه الحجاج أن يبتكر طريقة ما لمساعدة المتحدثين باللغة العربيّة وخصوصاً من هم ليسوا عرباً على قراءة اللغة العربيّة، فقام نصر بن عاصم بوضع النقاط في أماكن متفرقة على الحروف العربيّة لبيان كيفية لفظها.