تعريف امارة المؤمنين

كتابة - آخر تحديث: ٤:٢٣ ، ١٢ يونيو ٢٠١٩
تعريف امارة المؤمنين

إمارة المؤمنين

الأمير لغةً: من الإمرة، والإمارة: هي كِبر الشيء، ومنه قول أبو سفيان كما في الحديث: (لقَدْ أمِرَ أمْرُ ابْنِ أبِي كَبْشَةَ)،[١] والمؤمنين: جمع مؤمن، وهو من وُجد فيه الإيمان؛ أي التصديق بالله ورسوله، وأمير المؤمنين اسمٌ مركّبٌ من مضاف، ومضاف إليه، وأوّل من تسمّى بذلك عمر بن الخطاب،[٢] وأمَّا تعريف إمارة المؤمنين اصطلاحاً: فهي رئاسةٌ تامة، وزعامةٌ عامة، تتعلق بالخاصة والعامة، وتكون في مهمّات الدين والدنيا، ومهمّة الإمارة حفظ البلاد، ورعاية العباد، وإقامة الدعوة إلى الله، وكفُّ الظلم، وإنصاف المظلومين من الظالمين، وأخذ الحقوق من مانعيها، وإعطائها لمستحقّيها.[٣]


أقسام الإمارة

تنقسم الإمارة إلى نوعين، وبيان النوعين على النحو الآتي:

  • الإمارة العامة: وتسمّى الإمامة الكبرى، أو الخلافة، وهي رئاسة عامّة في الدين والدنيا، خِلافةً عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأجمعت الأمّة على أن عقد الإمامة واجبٌ، ويجب كذلك على الأمة الانقياد لإمامٍ عادلٍ، يُقيم فيهم أحكام الله تعالى، ويسوسهم بأحكام الشريعة التي أتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعيين أميرٍ للمؤمنين فرض كفاية -أي إذا قام بالإمارة من هو أهلٌ لها سقط الإثم عن الباقين- وإن لم يقم بها أحدٌ أثم من الأمة فريقان، وهما كالآتي:[٤]
    • أهل الاختيار، وهم أهل الحل والعقد، حتى يختاروا إماماً للأمة.
    • أهل الإمامة، وهم من توفّرت فيهم شروط الإمامة، حتى يُنصب أحدهم إماماً.
  • الإمارة الخاصة: وهي إمارةٌ تكون لإقامة فرض محدّد من فروض الكفاية، كإمارة القضاء، أو الصدقات، أو الجند، وذلك إذا دعت الحاجة إلى تخصيصها بإمارةٍ معيّنة، وقد يكون تخصيص الإمارة مكانيّاً، كالإمارة على بلدٍ أو إقليمٍ خاص، وقد يكون تخصيص الإمارة زمانياً، كإمارة الحجّ، وغير ذلك، والإمارة الخاصة من المصالح العامة للمسلمين، وتكون بنظر الإمام ورأيه، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُنيب عنه عُمَّالاً على القبائل والمدن، وفعل ذلك أيضاً الخلفاء الراشدون، وهي تنقسم إلى نوعين، وهما على النحو الآتي:[٥]
    • إمارة الاستكفاء: وهي أن يفوّض أمير المؤمنين باختياره إلى شخصٍ ما إمارة بلدٍ أو إقليمٍ من الأقاليم، ويكون والياً على جميع أهلها، ويقوم بأعمال الإمارة، ويشتمل عمل الأمير في هذه الإمارة على عدة أمور، وهي كالآتي:
      • تدبير الجيوش.
      • النظر في الأحكام، وتعيين القضاة.
      • جمع الخراج، وأخذ الصدقات.
      • حماية الدين، والذَّبُّ عن ديار المسلمين.
      • إقامة الحدود الشرعية.
      • إمامة الناس في الجُمعة وصلوات الجماعة.
      • تسيير الحجّ، وتُسمّى إمارة الحجّ.
      • قسم الغنائم، وكذلك ما تستدعيه الأحوال من مهامٍ أخرى، كرعاية شؤون التعليم، والصحة، ونحو ذلك.
    • إمارة الاستيلاء: الأصل في الشريعة الإسلامية ألا يتولّى أحدٌ الإمارة إلا بتقليدٍ من أمير المؤمنين -الخليفة- أو من ينوب عنه في ذلك، كوزير التفويض، وقد يطرأ في بعض الأحوال أن يستبدّ أميرٌ أو والٍ بالسلطة وينفرد بها، وذلك بعد أن تولّاها بتقليدٍ من أمير المؤمنين، ويُخشى حدوث فتنةٍ بعزله، فلأمير المؤمنين أن يُقرَّه على إمارته، وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى صحة هذا التقليد للضرورة، وإنهاءً للفتنة، والحكمة في إقرارها هي حفظ وحدة كلمة المسلمين بالاعتراف بوجود الخلافة الواحدة في الجملة، وإعطاء صفة الشرعية على الأحكام التي يُصدرها المُستولي، وصونها عن الفساد.


شروط الإمارة

تنقسم شروط الإمامة الكبرى -إمارة المؤمنين- إلى ثلاثة أقسام، وبيان هذه الأقسام على النحو الأتي:[٦]

  • شروطٌ لازمة لا تنعقد الإمارة إلا بها: الشروط اللازم توفّرها في الأمير كالآتي:
    • الذكورية: وذلك لأن المرأة لا تصلح للقهر والغلبة، وقيادة العساكر، وتدبير الحروب، إظهار السياسة غالباً، كما أشار إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم: (لن يُفلِحَ قومٌ تملِكُهم امرأةٌ).[٧]
    • الحرية: لأن العبد لا ولاية له على نفسه، فلا تكون له ولايةٌ على غيره.
    • البلوغ: وهذا لأن الصبيّ له وليٌّ مسؤولٌ عن تصرّفاته، وليس له ولايةٌ على نفسه.
    • العقل: وسبب ذلك أن المجنون لا تصحّ ولايته على نفسه، فلا تصحّ ولايته على غيره.
    • العلم: وذلك لأن العلم تتّضح به الأشياء الخفية، ويتم بالعلم السلطنة والإمارة، قال الله تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ)،[٨] وقيل إن جميع الأشياء تتجمّل بالناس، والناس يتجمّلون بالعلم، وتعلو مكانتهم بالعقل، وليس للملوك شيءٌ أحسن من العلم والعقل، فإن العلم سبب بقاء العِزّ ودوامه، والعقل سبب بقاء السرور ونظامه، وقيل لا بد للأمير من ثلاثة أشياء، وهي: العلم، والمعرفة، والعقل.
    • الشجاعة: لا بد للأمير أن يكون فيه أصل الشجاعة، بحيث يمكّنه قيادة العسكر، وإقامة الحدود، ومقاتلة العدو، وإن لم يقدر على قتال العدو بنفسه.
    • نسب قريش: من شروط أمير المؤمنين أن يكون نسبه من قبيلة قريش؛ وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الأئمَّةُ مِن قريشٍ)،[٩] واتفق الصحابة- رضوان الله عليهم أجمعين- على قبول هذا الحديث والعمل به، وذلك حين رواه أبو بكرٍ الصديق -رضي الله عنه- محتجّاً به على الأنصار عند اجتماعهم لاختيار خليفةٍ لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
    • الإسلام: وذلك حتى يُراعي مصلحة الإسلام والمسلمين، فلا تصحّ تولية الكافر، ولو على كفّارٍ مثله.[١٠]
    • السمع والبصر والنطق: يُشترط في الأمير أن يكون سميعاً بصيراً ناطقاً؛ وذلك ليتمكن من القيام بأمور الحكم، ويُشترط كذلك أن لا يكون فيه نقصٌ يمنعه من الحركة والنهوض، كالنقص في اليد أو الرجل.[١٠]
    • العدالة: وهذا الشرط يُعتبر في الابتداء لا في الدوام، فإن الأمير لا ينعزل بالفسق في الأصح، وقال الشيخ عزُّ الدين: وإذا تعذّرت العدالة في الأئمة والحُكَّام قدّمنا أقلَّهم فسقاً.[١٠]
  • شروط الكمال: وهي الشروط التي تكون للترجيح بين الأمراء، وهي التقوى، فقد عدّ بعض أهل العلم التقوى من شروط الكمال، فينبغي للأمير أن يكون متّقياً لله تعالى، بعيداً عن الحرام والشبهات، وأن يكون ورعاً صالحاً؛ ليأمن الناس على أنفسهم وأموالهم، وتميل قلوب الناس إليه، وذهب بعض الشافعية إلى أنه شرط صحة، فالفاسق عندهم ليس أهلاً للشهادة والقضاء، فالأولى ألا يكون أهلاً لإمارة المؤمنين.[٦]
  • شرطٌ مختلفٌ فيه: اختلف أهل العلم في اشتراط كون الأمير أفضل أهل زمانه، فذهب أبو منصور الماتريدي إلى أنه ليس بشرط، وهو مذهب الحسين بن الفضل البجليّ، وذهب بعض العلماء إلى اشتراطه، فلا تنعقد إمامة المفضول مع وجود الفاضل، وإليه مال أبو الحسن الأشعري.[٦]


المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سفيان بن حرب، الصفحة أو الرقم: 7، صحيح.
  2. يوسف ابن عبدالهادي (2011)، إيضاح طرق الإستقامة في بيان أحكام الولاية والإمامة (الطبعة الأولى)، سوريا: دار النوادر، صفحة 26. بتصرّف.
  3. عبدالملك الجويني (1401)، غياث الأمم في التياث الظلم (الطبعة الثانية)، السعودية: مكتبة إمام الحرمين، صفحة 22. بتصرّف.
  4. الماوردي، الأحكام السلطانية، القاهرة: دار الحديث، صفحة 15-17. بتصرّف.
  5. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (1986)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: ذات السلاسل، صفحة 196-198، جزء 6. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت محمود الخَيْربَيْتي ، الدرة الغراء في نصيحة السلاطين والقضاة والأمراء، الرياض: مكتبة نزار مصطفى الباز، صفحة 118-126. بتصرّف.
  7. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن نفيع بن الحارث الثقفي أبي بكرة، الصفحة أو الرقم: 20517، صحيح.
  8. سورة النمل، آية: 15.
  9. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 3093، صحيح.
  10. ^ أ ب ت الخطيب الشربيني (1994)، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 417-421، جزء 5. بتصرّف.
1,416 مشاهدة