التوحيد
لم يبعث الله سبحانه وتعالى من نبيّ ولا رسول إلاّ دعا قومه إلى توحيد الله تعالى وترك الإشراك به، فالتّوحيد هو أسمى مراتب الاعتقاد حينما يجعل الإنسان عبادته وتوجّهه لله تعالى وحده دون غيره من الأنداد والمخلوقات، مؤمناً بجميع الصفات التي أثبتها الله جلّ وعلا لنفسه والتي لا تنبغي لغيره سبحانه.
الإسلام دين التّوحيد
عندما كانت العرب في الجاهليّة تتيه في ظلمات الشّرك والكفر، وتتخذ أصناماً تعبدها من دون الله، بعث الله إليهم النّبي محمّد عليه الصّلاة والسّلام برسالة التّوحيد والإيمان، وأنزل عليه القرآن الكريم ليكون نبراساً ودستوراً للعالمين بما اشتمل عليه من العقائد والأحكام والقصص القرآنيّة.
اختص الله سبحانه من بين السّور سورة عظيمة تشتمل على عقيدة التّوحيد بمراتبها الثّلاث وهي سورة الإخلاص التي سمّيت بأسماء أخرى منها سورة التّوحيد، وسورة الإيمان، فلماذا سمّيت هذه السّورة بسورة التّوحيد ؟ وما هو فضلها ؟
مناسبة نزول سورة التّوحيد
كان النّبي عليه الصّلاة والسّلام يحرص على دعوة كفّار قريش إلى الإيمان برسالة الإسلام وترك ما هم عليه من الضّلالات والكفر، وفي أثناء دعوته كان يتعرّض أحيانا إلى أسئلةٍ منهم تنمّ عن استكبارهم وضلالهم، ففي أحد الأيّام أتى الكفّار إلى النّبي عليه الصّلاة والسّلام قائلين له: انسب لنا ربّك، ومرّة يقولون له ما ربّك، أهو من ذهبٍ أم من فضّة، وكلّها عباراتٌ وأسئلة غاية في الكفر والانحراف عن الفطرة السّويّة.
أنزل الله تعالى على نبيّه سورة الإخلاص التي سمّيت بسورة التّوحيد، تؤكّد على معنى توحيد الله توحيداً يشتمل على توحيد الألوهيّة في قوله تعالى: (قل هو الله أحد)، فالله سبحانه وتعالى هو وحده المستحقّ للعبوديّة.
كما أنّها اشتملت على توحيد الرّبوبيّة في قوله تعالى: (الله الصّمد)، ومعنى الصّمد الذي تصمد إليه جميع الخلائق وتقر بربوبيّته وأنّه هو وحده سبحانه الخالق المدبّر الرّازق، وكذلك تشتمل على الصّفات وهي أنّ الله أحدٌ فردٌ منزّه سبحانه عن الولد، وهو الذي ليس له شبيه أو ندٌ يكافئه في أسمائه وصفاته.
فضل سورة التّوحيد
وردت الأحاديث الصّحيحة في فضل سورة الإخلاص، فهي سورة تعدل ثلث القرآن الكريم، ومن قرأها عشر مرّات بنى الله له بيتاً في الجنّة، وقد ورد في السّيرة أنّ رجلاً كان قد أمّره النّبي عليه الصّلاة والسّلام على سريّة فكان يختم في كلّ ركعةٍ بسورة الإخلاص، فأُخبر النّبي بذلك فقال: سلوه لم يفعل ذلك؟ فقال: لأنّها صفة الرّحمن وأحبّ أن أختم بها، فقال النّبي: أخبروه بأنّ الله يحبّه.