غسيل الأموال
غسيل الأموال أحد أخطر الجرائم الاقتصاديّة التي تضيف الصفة الشرعية على العديد من العمليّات التي ينتج عنها: كسب الأموال، أو حِيازة الأموال، أو التَصرّف فيها، أو إدارتها، أو حفظها، أو استبدالها، أو إيداعها، أو استثمارها، أو تحويلها، أو نقلها، أو التلاعب في قيمتها، إذا كانت مُتحصّلةً من الجرائم، سواءً كانت هذه الجرائم عبارة عن: تصنيع المواد المخدّرة والمتاجرة بها، أو التجارة بالمجوهرات بشكلٍ غير قانونيّ، أو من أيّ نشاط غير قانوني كالنصب والاحتيال، أو جرائم الإرهاب، أو الدعارة والفجور، أو المتاجرة بالآثار، أو من الرشوة والاختلاسات للمال العام، أو من إحدى الجنايات التي تضرّ بأمن الدولة، أو من جرائم الزيوف المزوّرة والمسكوكات.
طريقة غسيل الأموال
تتمّ عملية غسيل الأموال من خلال ثلاث مراحل أساسيّة هي:
مرحلة الإيداع
يقصد بهذه المرحلة التوظيف أو الإحلال، وبشكل آخر هي المرحلة التي يُتخلّص فيها من كميّات كبيرة جداً من الأموال غير الشرعية؛ من خلال اللجوء إلى بعض الأساليب مثل: إيداعها في بعض البنوك، أو إيداعها في بعض المؤسّسات المالية الخاصّة، وفي بعض الحالات تُبدّل الأموال بإحدى العملات الأجنبيّة الأخرى.
يُمكن التخلّص من النقود بطرق أخرى مثل: شِراء بعض اليخوت الفاخرة، والسيارات الثمينة، أو بعض العقارات ذات التكلفة المرتفعة؛ ليسهل بيعها والتصرّف بالنقود فيما بعد، وتُعتبر هذه المَرحلة هي الأصعب في عمليّة غسيل الأموال، والسبب في ذلك يعود لسهولة اكتشافها والقبض على الجناة؛ لوجود مبالغ كبيرة من الأموال، ومن السّهل على الحكومة التعرّف على شخصيّة من يودع هذه الأموال، ومن السهل الربط بين من صرّف هذه الأموال ومصدرها المشبوه.
مرحلة التمويه
هي مرحلة التعتيم والتجميع؛ ففي هذه المرحلة تبدأ عملية دخول الأموال في قنوات النظام المصرفيّ بشكلٍ شرعيّ، ويبدأ غاسل الأموال بالفصل وتفريق الأموال التي يرغب بغسلها وإبعادها عن مصادرها المشبوهة وغير الشرعية، من خلال العديد من العمليّات المصرفيّة المعقّدة التي تشابه العمليات المصرفيّة القانونيّة والمشروعة، والهدف الرئيسيّ من هذه المرحلة هي تصعيب مهمّة تتبّع مصدر هذه الأموال من قبل الجهات الحكوميّة، وفي بعض الحالات تتمّ هذه المرحلة من خلال تكرار عمليّة تحويل النقود من حسابٍ إلى آخر ومن بنك إلى بنك آخر، والسبب في ذلك يعود لصعوبة تعقّب عمليات التحويل الإلكترونيّ العديدة، وهنالك بعض القوانين الصارمة لبعض البنوك والتي تتبنّى قواعد صارمة في السرية، وتُعرف هذه الحركة بـ (الملاذات المصرفيّة الآمنة).
مرحلة الإدماج
هي المرحلة النهائيّة في عمليّة غسل الأموال، وتَهدف هذه المرحلة لإضفاء طابع الشرعيّة على الأموال التي غُسلت، ولذلك تُسمّى هذه المرحلة (مرحلة التجفيف)، ففي هذه المرحلة تبدأ مهمة دمج هذه الأموال في الدورة الاقتصادية، وفي النظام المصرفيّ الشرعيّ، وفي هذه المرحلة تبدو هذه النقود كأنّها مكاسبُ طبيعيّةٌ، وعائداتٌ لصفقاتٍ تجارية، وهنالك العديد من الشركات الوهميّة، أو القروض الواهية التي تسهّل هذه المهمة، وهنالك العديد من الفواتير المزوّرة التي خلالها تتمّ المصادقة على كون هذه الأموال من مصادر شرعيّة.