الاستقلال
يُعتبر احتلال الأمم القوية للأمم الضعيفة من أكثر الظواهر انتشاراً خاصّةً في القرون الأخيرة؛ ذلك لأنّ الدول القوية ازدادت قوة في هذه الفترة، حيث نتجت هذه القوة عن التقدّم العلمي، والتقني، فصار الطغاة أقدر على تحقيق نزعاتهم، وشهواتهم، وميولهم الإجرامية بشكل أوضح.
يُعرف الاستقلال على أنه عملية تحرّر الشعوب من ظلم الطغيان والاحتلال الجاثم فوق قلوبهم، والذي يحدّ من قدرة أبناء هذه الشعوب على السعي الإنساني الطبيعي في هذه الحياة من خلال حرمانهم من أبسط حقوقهم؛ كالتنقل، والعمل، بالإضافة إلى أنّ الاحتلال يسيطر على الدوام على مختلف الموارد الطبيعية التي قد ينتفع بها أصحاب الأرض، إلى جانب كونه المتحكم الوحيد بالأسعار، مما يُسبّب ضيقاً في حياة الناس، ويخلق بينهم نوعاً من التمرد على هذا الاحتلال.
من أكثر الأحداث التي ملأت صفحات التاريخ الإنساني تلك الثورات الشعبية التي عملت على استئصال الاحتلال من جذوره، ونيل التحرر الوطني، واستعادة الأراضي المغتصبة من قبل الأمم، والدول الطاغية، والتي تمتلك القوتين: العسكرية، والاقتصادية.
عيد الاستقلال
من حق أي شعب تعرّض للاستغلال والاضطهاد من قبل شعب آخر أن يحتفل بيوم الخلاص؛ ذلك اليوم الذي نال فيه استقلاله، واستعاد فيه الهيمنة على ذاته، وممتلكاته، ومن هنا فقد تعارفت شعوب العالم على اختلافها على الاحتفال بذكرى الاستقلال؛ حيث يخصّص هذا اليوم لإقامة كافة أنواع الاحتفالات على مستوى الدولة، وبطريقة يتسنّى فيها لكافة المواطنين المشاركة في هذه الذكرى الخالدة التي تجمع أبناء الأمة الواحدة، وتعيد إليهم ماضيهم العريق، وأمجادهم الخالدة.
تُخصّص العديد من الدول يوم الاستقلال كيوم عطلة رسمي، تُعطّل فيه كافة الدوائر في الدولة أعمالها، وتختلف تواريخ استقلال الدول من دولة إلى أخرى؛ فمثلاً تحتفل دولة الجزائر والتي تلقب بدولة المليون شهيد بعيد استقلالها في الخامس من يوليو من كل عام، حيث استقلت هذه الدولة عن فرنسا في عام ألفٍ وتسعمئة واثنين وستين ميلادية، في حين تحتفل لبنان باستقلالها عن فرنسا أيضاً في الثاني والعشرين من شهر نوفمبر من كل عام، أما الأردن فتحتفل باستقلالها عن المملكة المتحدة في الخامس والعشرين من شهر مايو.
من ناحية أخرى، تحتفل دولة البرتغال باستقلالها عن إسبانيا في عام ألف وستمئة وأربعين ميلادية في الأول من شهر ديسمبر، كما وتحتفل الولايات المتحدة الأمريكية في الرابع من يوليو باستقلالها عن المملكة المتحدة في عام ألف وسبعمئة وستة وسبعين ميلادية، في حين تحتفل دولة الفاتيكان في الحادي عشر من شهر فبراير بتوقيع معاهدة إيطاليا في عام ألف وتسعمئة وتسعة وعشرين ميلادية، ومن هذه الأمثلة يتضح بشكل جليّ وواضح أنّ عمليات التحرر لا تقتصر فقط على القرن المنصرم والذي شهد حركات استعمارية هائلة، بل يشمل أيضاً العديد من القرون السابقة، إلى جانب أنّ بعض الدول التي خضعت يوماً ما للاحتلال صارت اليوم تمارس هذه الاحتلال على الدول الأخرى، وهذا هو لُبُّ الظلم.