الوفاء خلق من أخلاق الإنسان الرفيعة التي يتحلى بها الناس و التي تعمل على ارتفاع معدلات الثقة بينهم، فكلما كانت هذه الخصلة موجودة في المجتمع و منتشرة بين أفراده و مطبقة تطبيقاً عملياً لا مجرد كلام فقط، فهذا مؤشر على أن المجتمع يسير في خطى ثابتة على طريق الرقي والإصلاح والتطور. و ليس فقط خلق الوفاء بل جميع الأخلاق أيضاً تعد ضامناً رئيسياً وأساسياً لتطور الإنسان و ضمان حسن تعامل البشر مع بعضهم البعض، و هذا له الأثر الكبير أيضاً في تطور المجتعات، فالأخلاق هي القاعدة التي إن توافرت استطاعت المجتمعات النهوض على قدميها و شق طريقها حتى لو كان هذا الطريق سيشق من العدم، أما إذا حصل العكس و لم يكن هناك قاعدة أخلاقية عند المجتمعات فإن هذا من شأنه أن يهدم الحضارة التي بناها هذا الشعب حتى و لو كانت حضارة عظيمة، و نحن العرب نمتلك هذه القاعدة الأخلاقية حتى في تعاملاتنا اليومية، و لكننا لا نمتلك الثقة بالنفس و لا يوجد لنا تقدير لذواتنا، إضافة إلى أننا نفتقد لوجود المصلحين الحقيقيين الذين يقومون بتوجيه الشعوب إلى الطريق الصحيح، كما أننا نفتقد إلى العقلية النقدية و المتسائلة، هذا إضافة إلى طريفة التفكير الجمعية التي نتميز بها أكثر من غيرنا، كل هذا أسهم في عدم الاستفادة من القاعدة الأخلاقية التي تنضوي عليها شعوبنا.
أما بالنسبة إلى خلق الوفاء، فهو خلق مرتبط بالحب، فمن أحب إنساناً او تعلق بشئ ما كان وفياً له، و ابتعد عن خيانته أو إلحاق الأذى و الضرر به، لهذا فالوفي أمين وصادق لا يعرف إلى الكذب سبيلاً، كما أن قلبه مفعم بمشاعر الحب لن تجد فيه مكاناً للشر أو الأذى، كل هذه الصفات هي من صفات الشخص الوفي. لهذا كله فالشخص الوفي هو من أفضل الأشخاص الذين قد نصادفهم في حياتنا، لأنه بالضرورة سيكون إنساناً حسن الخلق حسن المعشر طباعة جيدة، نقي السريرة أمين.
و هناك أيضاً مفهوم الوفاء بالعهود و المواثيق و إيفاء الديون، و هذا المفهوم يتضمن الالتزام بكافة العهود و المواثيق التي يبرمها الإنسان، فإن لم يفعل دخل في دائرة الكذب و الخيانة، و أصبح لقبه الخائن الكذاب، لهذا يجب على الإنسان أن يتحمل المسؤولية الكاملة اتجاه ما ينطق، لأنه سيسأل عن كل كلمة قالها و عن كل فعل فعله في حياته.