شعر أبي نواس

كتابة - آخر تحديث: ٢:١٧ ، ٢٧ فبراير ٢٠١٩
شعر أبي نواس

مرض الحبيبُ

مرِضَ الحبيبُ فعُدْتُهُ

فمرِضْتُ مِن خوفي عليهِ

فأتى الحبيبُ يزورني

فبَرِئْتُ مِن نَظرِي إليهِ


وكأن سعدى إذ تودعنا

وكأنَّ سعدى إذْ تودعنا

قَدِ اشْرَأبَّ الدَّمعُ أنْ يكِفَا

رشأٌ تواصينَ القيانُ بهِ

حتى عقدنَ بأذنهِ شنفا

فالحبّ ظهْرٌ أنْتَ راكِبُهُ،

فإذا صرفْتَ عِنانَهُ انْصَرَفَا


غُصصتُ منك بِما لا يدفعُ الماءُ

غُصِصْتُ منكَ بِما لا يَدفَعُ الماءُ

وَصَحّ هجْرُكَ حتّى ما بهِ داءُ

قد كان يكفيكمُ ، إن كان عزْمُكُمُ

أنْ تَهجُروني، مِنَ التّصريحِ إيماءُ

وَ ما نَسيتُ مَكانَ الآمرينَ بَذا

مِنَ الوُشاة ِ، وَلكِنْ في فَمي ماءُ

ما زِلْتُ أسمعُ حَتّى صرْتُ ذاكَ بمن

قامَتْ قِيامَتُهُ، وَالنّاسُ أحْياءُ

قد كنتُ ذا اسمٍ، فقد أصبحتُ يُعْرَفُ لي

مِمّا أُكابِدُ فيَ حبّيك، أسماءُ.


دعْ عنك لَومي

دَعْ عَنْكَ لَوْمي فإنّ اللّوْمَ إغْرَاءُ

ودَاوني بالّتي كانَتْ هيَ الدّاءُ

صَفراءُ لا تَنْزلُ الأحزانُ سَاحَتها

لَوْ مَسّها حَجَرٌ مَسّتْهُ سَرّاءُ

مِنْ كف ذات حِرٍ في زيّ ذي ذكرٍ

لَها مُحِبّانِ لُوطيٌّ وَزَنّاءُ

َقامْت بِإبْريقِها، والليلُ مُعْتَكِرٌ

فَلاحَ مِنْ وَجْهِها في البَيتِ لألاءُ

فأرْسلَتْ مِنْ فَم الإبْريق صافيَة ً

كأنَّما أخذَها بالعينِ إغفاءُ

َرقَّتْ عَنِ الماء حتى ما يلائمُها

لَطافَة، وَجَفا عَنْ شَكلِها الماءُ

فلَوْ مَزَجْتَ بها نُوراً لَمَازَجَها

حتى تَوَلدَ أنْوارٌ وأَضواءُ

دارتْ على فِتْيَة دانًَ الزمانُ لهمْ

فَما يُصيبُهُمُ إلاّ بِما شاؤوا

لتِلكَ أَبْكِي، ولا أبكي لمنزلة

كانتْ تَحُلُّ بها هندٌ وأسماءُ

حاشى لِدُرَّة أن تُبْنَى الخيامُ لها

وَأنْ تَرُوحَ عَلَيْها الإبْلُ وَالشّاءُ

فقلْ لمنْ يدَّعِي في العلمِ فلسفة ً

حفِظْتَ شَيئاً، وغابَتْ عنك أشياءُ

لا تحْظُر العفوَ إن كنتَ أمرَاً حَرجاً

فَإنّ حَظْرَكَهُ في الدّين إزْراءُ


قد سَقتني والصّبح قد فتّق اللّيل

قد سَقَتْني، والصّبحُ قد فَتّقَ اللّيـ

ـلَ، بكأسَينِ، ظَبيَة ٌ حَوْراءُ

عَنْ بَنانٍ كأنّها قُضُبُ الفِضّـ

ــة ِ قَنّى أطْرَافها الحِنّاءُ

ذاتُ حُسْنٍ تُسْجَى بأرْدافِها الأُزْ

رُ، وَتُطْوَى في قُمْصِها الأحشاءُ

قدْ طوَى بَطنَها، على سَعَة ِ العَيْـ

شِ، ضُمورٌ في حَقْوِها وانْطِـــواءُ


لقد طال في رسم الدّيار بكائي

لقَدْ طالَ في رَسْمِ الدّيارِ بُكائي

وقد طالَ تَردادي بها وعَنائي

كأنّي مُريغٌ في الدّيار طَريدة ً

أرَاها أمَامي مَرّة، وَوَرائي

فلَمّا بَدا لي اليأسُ عَدّيْتُ ناقَتي

عن الدّار، واستوْلى عليّ عَزائي

إلى بيتِ حانٍ لا تهرّ كلابُهُ

عَليّ، وَلا يُنكِرْنَ طُولَ ثَوَائي

فإنْ تكن الصّهباءُ أوْدَتْ بتالِدي

فلم توقِني أُكْرُومَتي وحيائي

فما رِمتهُ حتى أتى دون ما حَوتْ

يَمينيَ حتّى رَيْطَتي وَحِذائي

وَكأسٍ كمِصْباحِ السّماءِ شرِبْتُها

على قُبْلة أو موْعدٍ بلِقائي

أتتْ دونها الأيامُ حتى كأنّها

تَساقُطُ نُورٍ مِنْ فُتُوقِ سَمَاءِ

ترى ضوْءها من ظاهرِ الكأسِ ساطعاً

عليكَ وَإنْ غَطّيْتَها بغطاءِ

تباركَ من ساسَ الأُمورَ بعلمه

وفضّلَ هاروناً على الخلفاءِ

نعيشُ بخَيرٍ ما انْطَوَيْنا على التّقَى

ما ساسَ دنيانا أبو الأُمناءِ

إمامٌ يخافُ اللهَ حتّى كأنّهُ

يُؤمّلُ رُؤْياهُ صَباحَ مَساءِ

أشَمُّ، طُوَالُ السّاعدينِ كأنّما

يُناطُ نِجاداً سيْفِهِ بلواءِ


سأُعطيكِ الرّضا

سأُعطيكِ الرّضا، وأموتُ غَمّاً

وأسكتُ لا أغمّكِ بالعتابِ

عهِدْتُكِ مرّة تَنْوينَ وَصْلي

وأنْتِ اليَوْمَ تهْوينَ اجْتنابي

وغَيّرَكِ الزّمانُ، وكلُّ شيءٍ

يصيرُ إلة التّغيرِ والذهابِ

فإنْ كانَ الصّوابُ لدَيْكِ هجْري

فَعَمّاكِ الإلهُ عَنِ الصّوابِ


وأخي حفاظ مَاجدٍ

وأخي حِفـاظٍ مَـاجِـدٍ

حلْوِ الشمائِلِ، غيرِ لاحِ

نادَيْتُهُ، واللّيلُ قـدْ

أوْدَى بسُلْطـانِ الصّباحِ

يا صَاحِ أشكو حُلوَة َ العَيْـ

ـنَيْنِ جائلَة َ الوِشاحِ

فيها افْتَحْتُ، وحبّها

في الناس يسعى بافتضَاحي

ولها ولا ذَنْبَ لَها

لَحْظٌ كأطرَافِ الرّماحِ

في القلْبِ يَجْـرَحُ دائماً

فالقلْبُ مجْرُوح النواحي

أجِنـانُ جَارية المهـذّ

بالفَضَائلِ والسّماحِ

مـالي، ولم أكُ بـاذلاً

ودّاً، ولا فيكم سَماحي

فَبخلْتِ أنْتِ ولَيْسَ أهْـ

ـلُكِ مِن قبيلِكِ بالشحاحِ
690 مشاهدة