الشباب
الشّباب هم ركيزة المجتمع ودعامته الأساسيّة، فولا قوّة الشّباب وطاقاته المفعمه بالحيويّة لما نهضت كثيرٌ من الأمم و الحضارات، ذلك بأنّ بنيان المجتمع يحتاج في تشييده إلى سواعد قويّة وفتيّة، فحين يقدّم الكبار والشّيوخ الرّأي والنّصيحة تجد الشّباب يقدّمون الطّاقة والجهد والعمل فتكتمل أدوار كلّ جيلٍ من الأجيال ضمن منظومة اجتماعيّة قويّة تؤدّي دروها على أكمل وجه.
وقد تحدّث المفكرون والباحثون عن مرحلة الشّباب وعدّها الكثير أنّها الفترة التي تقع ما بعد البلوغ إلى سنّ الأربعين ومنهم من جاوزها إلى سنّ الخمسين، والرّأي الأقوى والأرجح أنّها تنتهي عند سنّ الأربعين، ويستدلّ عددٌ من النّاس على ذلك بقوله تعالى ( حتّى إذا بلغ أشدّه وبلغ أربعين سنة )، كما أنّ الله تعالى قد بعث كثيرًا من الأنبياء وهم في سنّ الأربعين ومنهم سيّدنا محمّد عليه الصّلاة والسّلام حيث يكون هذا السنّ مرحلةً مفصليّة فارقة ترسم أولى خطوات الانتقال إلى مرحلة أشدّ حكمة وعقلانيّة وأناة .
أهميّة الشباب في الإسلام
وقد جاء الإسلام ليعلي من قيمة الشّباب ويؤكّد عليها، كما أنّ النّبي عليه الصّلاة والسّلام كان محاطًا بكثيرٍ من الصّحابة الشّباب الذين حملوا على عاتقهم نشر رسالة الإسلام في ربوع المعمورة، ولقد تجلّت أهمّيّة الشّباب في توجيهات النّبوة حيث وردت كلمة الشّباب في الخطاب النّبوي في أحاديث تدلّ على الاهتمام النّبويّ بهذه الفئة من المجتمع ومنها توجيهه صلّى الله عليه وسلم الشّباب بقوله "يا معشر الشّباب من استطاع منكم الباءة فليتزوّج؛ فإنّه أغضّ للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصّوم فإنّه له وُجاء".
كما أنّ النّبي عليه الصّلاة والسّلام قد كلّف كثيرًا من الشّباب للقيام بعددٍ من المهمّات الجسام منها تكليفه الصّحابي الجليل مصعب بن عمير بأنّ يكون أول سفيرٍ للإسلام، حيث بعثه إلى المدينة ليعلّم أهلها الديّن والقرآن، كما كلّف النّبي عليه الصّلاة والسّلام الصّحابي الجليل أسامة بن زيد رضي الله عنه بقيادة جيش يتوجّه لقتال الرّوم في الشّام وقد كان عمره لم يتجاوز ثمانية عشر عامًا، وعلى الرّغم من وجود صحابة كبار في السّنّ في جيشه كسيّدنا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه .
إنّ الإسلام وهو يضع كثيرًا من الأحكام والتّوجيهات فإنّه ينظر دائمًا إلى طاقات الشّباب وقواه الكامنه ويضع السّبل التي تعيين الشّباب على تسخير تلك الطّاقة في الخير والمعروف وبما يعود عليهم بالفائدة في الدّنيا والآخرة، ومثال على ذلك التّرغيب في تزويج الشّباب حفاظاً عليهم من الانحلال وكذلك التّرغيب في الجهاد والمرابطة في الثّغور دفاعًا عن حمى الإسلام .