علماء الأمة
زخرت الأمّة الإسلاميّة بالعَديد من العُلماء الذين وهبهم الله تعالى نعمة الفهم والحفظ، وثابروا واجتهدوا حتى استطاعوا خدمة أمّتهم ودينهم، واختلفت المجالات التي برع فيها هؤلاء العلماء فمنها الطب، والرياضيات، والفلسفة، والفيزياء، والكيمياء، وغيرها الكثير، وتركوا وراءَهم اكتشافاتهم الدالّة عليهم وعلى إبداعهم وتميّزهم، ومن هؤلاء العلماء ابن تيمية، فلقّب بشيخ الإسلام نظراً لمُساهمته في الوقوف والتصدّي لأعداء الدين.
ابن تيمية
الاسم والولادة
ابن تيمية هو الشّيخ أبو العبّاس أحمد بن عبد الحليم، ولد في حرّان في الجزيرة العربية وإليها نسِب، وكانت ولادته يوم الاثنين في العاشر من شهر ربيع الأول سنة 661 هـ.
عُرِفت عائلة ابن تيمية بالعلم والدّين في منطقة حرّان، ولكن بعد هجوم التتار عليها هربت هذه العائلة بتراثها وثقافتها إلى دمشق، وكان من ضمنهم ابن تيميّة ووالده، وكان عمر ابن تيمية في ذلك الوقت لَم يتجاوز السابعة.
العلم والصفات
اشتهر الغلام ابن تيمية في دمشق بقدرته على الحِفظ والفهم، فكان ما إنْ يَقرأ كتاباً حتى يحفظه، وذاع صيته بين الناس وأخذوا يتحدّثون عنه؛ فقد ذكِر في كتاب (صاحب العقود الدرية من مناقب ابن تيمية) بأنّ بعض المشايخ حضروا من حلب إلى دمشق وسألوا خياطاً في طريقهم عن ابن تيمية، فأجابهم الخياط بأنَّ هذا هو طريقه للوصول إلى مجلسه، فانتظروا حتى وصلهم فقال له الخياط "ياشيخ هذا هو أحمد بن تيمية"، فاستوقفه الشيخ الحلبي وقال له: يا بني اكتب هذه الأحاديث، فأملاه بضعة عشر حديثاً، ثم طلب منه أن ينظر إليها وبعد ذلك يمحوها، ثم طلب منه أنْ يقرأها مرةً أخرى، فسمّعها كأحسن ما سمع، ثم أملاه بضعة عشر إسناداً، وقال له: انظر إليها فنظر إليها نظرةً واحدةً ثم طلب منه محوها وإعادتها، فسمّعها من أحسن ما يكون، فقال الشيخ الحلبي (إن عاش هذا الصبي ليكونّن له شأنٌ فإنه لم ير مثله).
صدق الشيخ الحلبي وبرز ابن تيمية في العلوم وقرأ الكتب، وعندما كان عمره ٢٢ عاماً توفّي والده فأخذ أحمد مقام والده في التدريس وحضر مجلسه كبار الشيوخ والعلماء. بالإضافة إلى علمه وقوّة ذاكرته اتّصف بالأخلاق الفاضلة والهيبة والكرم والتواضع والاقتصاد في المأكل والملبس، والصّبر على ما واجهه من البلاوي والمصائب، واتّصف بالشجاعة ورباطة الجأش؛ فقد كانت له مواقف تُذكر في وجه المغول أو التتار.
الوفاة
توفّي شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية في يوم الاثنين الموافق العشرين من شهر ذي القعدة سنة 728هـ، بينما كان مسجوناً في سجن القلعة في دمشق، وقد ذكرت المصادر بأنّ المصلين هبّوا لتأدية الصلاة عليه من كل حدبٍ وحضرها جمعٌ غفيرٌ، وقد تَرك ابن تيمية وراءه مؤلفاتٍ خدمت الأمّة الإسلاميّة وإلى الآن يأخذ المسلمون الكثير من النصوص الدينية منها.