كان تاجراً كبيراً مشهوراً بين الناس بأمانته ، وحسن خلقه ، وسلامة دينه ، وكان من أمانته أن يترك الناس عنده أماناتهم ، وأن يضع كل صاحب أمانة أمانته بنفسه ، في مكان يهتدي إليه بسهولة ، ثم يعود متى شاء لاستلامها كما هي ، في يوم من الأيام أقبل عليه رجل ، يريد أن يترك عنده خاتماً من ذهب أمانة إلى حين ، قال له التاجر الأمين : ضعه في هذه الخزانة ، وضعه الرجل وأغلق الخزانة بنفسه ثم انصرف عائداً .
بعد حوالي الستة شهور عاد الرجل يطلب أمانته ، قال له التاجر الأمين : تجدها مكانها كما وضعتها يدك ، ذهب الرجل إلى الخزانة وفتحها فلم يجد الأمانة .
قال الرجل للتاجر الأمين : أمانتي ليست موجودة ، قال التاجر الأمين للرجل : وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد ، أمهلني حتى غروب شمس يوم غد .
حزن التاجر حزناً شديداً ، وسأل زوجته وأبناءه عن الخاتم ، ولكن لا علم لهم به.
قام التاجر الأمين في الليل لصلاة القيام ، ورفع يديه إلى رب السماوات والأرض يشكو له مصيبته ، ثم خرج إلى المسجد لصلاة الفجر، ذهب التاجر ليفتح متجره ، وفي وقت الضحى ، أقبل عليه رجل صياد وبيده سمكة كبيرة ، يعرضها للبيع ، اشترى التاجر الأمين السمكة ، وذهب بها إلى بيته ؛ لكي تعدها زوجته طعاماً للأسرة ، وبينما كانت الزوجة تنظف السمكة ، عثرت بداخلها على خاتم ، أخذته وذهبت به إلى زوجها قائلة : أنت تضع الخاتم في بطن السمكة ثم تشكو إلينا فقدانه !!! ؟؟
فرح التاجر الأمين فرحاً كبيراً بعودة الخاتم ، وقال لزوجته : أنا لا أفعل مثل ذلك ، ولكنها إرادة الله سبحانه فهو يفعل ما يريد ، جاء الرجل إلى التاجر الأمين بعد غروب الشمس ؛ ليأخذ خاتمه كما وعده بالأمس ، سأله التاجر الأمين : هل هذا هو خاتمك ؟ قال نعم إنه خاتمي ، وهذه علامته ، كان بجوار التاجر الأمين تاجر يهودي ، يراقب الأحداث بدقة وذهول .
رأى اليهودي الرجل يأخذ خاتمه ، فأقبل على التاجر الأمين ، والرجل بجانبه ، وبيده خاتمه ، قال لهما : انتظرا ، أنا الذي سرقت الخاتم من مكانه ، وذهبت إلى عرض البحر، حيث أعمق مكان فيه، وألقيته في الماء ، فكيف عاد الخاتم إليكما ؟ ، قال التاجر الأمين : إن الله أرسله إليَّ في قلب سمكة كبيرة ، اشتريتها من صياد ؛ ومن سترة الله فلا يكشف ستره مخلوق ، ومن يتق الله يجعل له مخرجا ؛ فنطق اليهودي بالشهادتين معلنا إسلامه