لوط عليه السلام
هو أحد الأنبياء والرسل الكرام، وهو ابن هارون، وعمه سيدنا إبراهيم عليه السلام، ذُكر في القرآن الكريم سبعاً وعشرين مرةً في مواضع مختلفة، وقيل أنه عاش مئةً وخمسةً وسبعين عاماً؛ حيث ولد -عليه السلام- في عام ألفٍ وثمانمئةٍ وواحدٍ وستين قبل الميلاد، في أور، أرض بابل، وتُوفي عليه السلام في عام ألفٍ وستمئةٍ وستةٍ وثمانين قبل الميلاد.
قصة قوم لوط
إنّ قصة سيدنا لوط مع قومه معروفة وذُكرت في القرآن الكريم؛ حيث أرسله الله تعالى إلى قومه الذين كانوا يقطنون مدينة سدوم، وقد دعا قومه إلى عبادة الله تعالى وترك الفواحش، فقد كان قومه طاغيين، يعتدون على أيّ غريبٍ ويأتون الرجال شهوةً دون النساء، فدعاهم لوط -عليه السلام- إلى ترك الفواحش والمنكرات، لكن لم يؤمن به إلا أهل بيته، إلّا أنّ امرأته لم تكن من المؤمنين، ورغم تعدد أساليبه -عليه السلام- في دعاء قومه، إلا أنّهم لم يستجيبوا له، يقول الله سبحانه وتعالى في ذِكر قوم لوط : (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ¤إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ)[الأعراف:81].
أصرّ قوم لوط على فعل الفاحشة، فدعا عليهم لوط -عليه السلام-، فاستجاب الله دعوته، فأرسل الله إليهم ثلاثة ملائكة لإهلاكهم، وهم جبريل وإسرافيل وميكائيل، كي يقلبوا قريتهم ويجعلوا عاليها سافلها وينزل بهم العذاب الشديد، وقد كان لقوم لوط أربع مدائن، وكانوا يسكنون فيها ويبلغ عددهم أكثر من أربعمئة ألف، وقبل أن يذهب الملائكة إلى قوم لوط ليوقعوا بهم العذاب، مروا بإبراهيم عليه السلام، وقد كانوا على شكل شبانٍ حسان الوجوه، فبشروا إبراهيم عليه السلام بغلام وهو إسحاق، ومن بعد إسحاق يعقوب، وأخبروه أنهم ذاهبون لإيقاع العذاب في قوم لوط، فلما سمع النبي إبراهيم كلامهم خاف على ابن أخيه لوط، فأخبرهم بذلك وقالوا له نحن أعلم بمن فيهم، وأنّ الله تعالى سينجي لوطاً وأهله إلا امرأته التي كانت تدافع عن الكفار، فتوجه إبراهيم عليه السلام إلى قوم لوط لينصحهم وينهاهم عن فعل الفواحش ويُحذّرهم من عقوبة الله والعذاب الشديد الذي سيحلّ بهم، لكنهم لم يستجيبوا له، حتى أنّهم أرادوا الاعتداء وفعل الفواحش بالملائكة، حين ظنوا أنهم بشر.
العذاب الذي حلّ بقوم لوط
أمر الله سبحانه وتعالى لوط -عليه السلام- بالخروج من القرية ليلاً قبل أن يطلع الصبح، لأن موعد العذاب والهلاك سيكون في الصباح، فاستأذن جبريل عليه السلام ربه لإنزال العقوبة بهم، فخرج عليه السلام، وضرب وجوه قوم لوط بجناحه حتى طُمست أعينهم وذهبوا يتحسسون الجدران ويهددون لوط -عليه السلام-، وعندما كثر تهديدهم، سأل لوط عليه السلام الملائكة عن موعد هلاكهم، فأخبروه أن الموعد هو الصبح، فطلب منهم إهلاك قومه في الحال، فأجابوه أنّ الصبح قريب، وطلبوا منه أن يغادر القرية في الصباح دون أن ينظر خلفه أو يلتفت وراءه أبداً، كي لا يرى ما سيحلّ بقومه من العذاب، فأنزل الله سبحانه وتعالى صيحةً من السماء على قوم لوط، وأمطر عليهم حجارةً من سجيل، ولما أشرقت الشمس، حتى كانت القرية بمن فيها خراباً ودماراً.