الفرق بين الكرسي والعرش

كتابة - آخر تحديث: ١٢:٥٦ ، ٢٢ يونيو ٢٠١٦
الفرق بين الكرسي والعرش

الكرسي والعرش

يعتقد الكثير من النّاس أنّ الكرسي والعرش اللذين ذكرهما الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد هما الشيء نفسه، وأنّه لا اختلاف بينهما، ولكنْ في حقيقة الأمر أنَّ الكرسيّ شيء والعرش شيءٌ آخر مختلف، ولذلك سنبين في هذا المقال الفرق بينهما بالأدلِّة من الكتاب، والسُّنَّة النَّبويَّة، وأقوال العلماء الدّارسين للقرآن والسُّنَّة.


الكرسي

ذكر الله سبحانه وتعالى الكرسي في أشهر آيةٍ في القرآن الكريم وهي آية الكرسي، يقول الله تعالى: (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ) [سورة البقرة:255]، حيث اختلف العلماء في معنى الكرسي الوارد في هذه الآية ووصلوا إلى ثلاثةِ آراء، وهي:

  • أنَّ الكرسي المذكور في هذه الآية هو عِلْمُ الله، ولكن هذا التفسير مخصَّص لهذه الآية، وليس للمعنى العام للكرسي الوارد في الشريعة.
  • أن الكرسي هو العرش، ولكن الإمام ابن القيِّم ردَّ هذا القول في كتاب الصواعق المرسلة بقوله: (ولهذا لما كانت السماء محيطة بالأرض كانت عاليةً عليها، ولما كان الكرسي محيطاً بالسماوات كان عالياً عليها، ولما كان العرش محيطاً بالكرسي كان عالياً).
  • أن الكرسي هو موضع القدمين، وهذا لما ذكره الشيخ الألباني في كتاب مختصر العُلوِّ من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنّه قال: (الكُرْسِيُّ موضعُ القدمينِ، والعرشُ لا يقدرُ أحدٌ قدْرَه) والحديث صحيحٌ موقوف.
  • ذكر الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة من حديث أبي ذرٍّ الغفاري رضي الله عنه: (ما السَّماوات السَّبع في الكرسيِّ إلا كحلقةٍ مُلقاةٍ بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسيِّ كفضل تلك الفلاةِ على تلك الحلقة).


العرش

ذكر الله سبحانه وتعالى عرشه في كتابه الكريم في عدَّةِ مواضع مختلفة، فيقول الله تعالى: (فَتَعَالَى اللهُ المَلِكُ الحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ العَرْشِ الكَرِيم) [المؤمنون: 116]، ويقول تعالى: (وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) [التوبة: 129]، ويقول الله تعالى: (ذُو العَرْشِ المَجِيد) [لبروج: 15].


ذكرت السُّنَّة النَّبويَّة العرش في عدَّةِ مواضع مختلفة، منها ما ذكرناه سابقاً في الأحاديث الواردة في ذكر الكرسي وقد ذُكِر معها العرش، كما أنّ الله عزَّ وجل خصَّ العرش بالعظمة، والتمجيد، والتَّكريم، وذلك لأنّ الله سبحانه وتعالى استوى على العرش، يقول الله تعالى: (الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ) [طه:5].


ذكر العلماء في مسألة الاستواء مقولة ربيعة أستاذ الإمام مالك: (الاستواء هنا غير مجهول، والكيف غير معقول، الإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة). الاستواء غير مجهول وذلك لأنّ الله تعالى قد ذكره، ونحن نعلم أنّ الله استوى عليه، والكيف غير معقول؛ أي أنّ كيفية الاستواء لا يجوز ويحرُمُ التفكير بها، فهي لا تصل إلى عقولنا، ولأنّ الله سبحانه وتعالى لم يذكرها، والإيمان بأنّ الله استوى على العرش واجبٌ على كل مسلمٍ ومسلمة، وأما السؤال عن ذلك بدعة، فمن يبدأ السؤال عن الكيفية أو الوقت أو أيِّ شيءٍ من ذلك فهذا شخصٌ مبتدع، ونحن نؤمن بما أخبرنا الله ورسوله، ولا نأخذ ما لم يأتنا من هذين المصدرين المهمّين.

647 مشاهدة