النّسر
النّسر (بالإنجليزيّة: vulture) من الطّيور الجارحة التي تنتشر في قارات العالم جميعها باستثناء القارة القطبيّة الجنوبيّة، وأوقيانوسيا، وهي كغيرها من الجوارح تتميّز بحاسة إبصار حادة، وقدرة عالية على التّحليق، وهي طيور قمامة تتغذى بشكلِِ أساسي على جيف الحيوانات، وعلى الحيوانات الضّعيفة؛ لذلك فهي تُعد في بعض الثقافات رمزاََ للجبن والأنانية، في المقابل تحظى النّسور في مناطق أخرى بالتّقدير فهي تُعد رمزاََ للحب والحماية في جنوب إفريقيا، ورمزاََ للأمومة لدى المصريين. ومؤخراََ بدأت النّسور تستقطب الاهتمام العالمي وتأخذ حقها بالاهتمام بعد أن ارتبط انخفاض أعدادها في بعض المناطق مع تراكم الجثث وتعفنها وانتشار القوارض والكلاب البرية التي تحمل مرض الكَلَب.[١]
حياة النّسر
تقضي النّسور معظم ساعات النّهار محلقةََ في السماء دون أن تشعر بالتّعب ودون أن تضطر للرفرفة بأجنحتها؛ وذلك بفضل أجنحتها الكبيرة كثيفة الرّيش، وذيلها القصير. وتطير النّسور على ارتفاعات عالية للتمكّن من رصد أماكن توفّر الغذاء، وفي الليل تبيت النّسور في مجاثمها التي قد تكون مجرد شجرة كبيرة معمرة.[٢] وتعيش معظم النّسور حياة اجتماعيّة؛ فهي تحلّق وتبحث عن الطّعام ضمن جماعات، وهناك أنواع من النّسور ومنها النّسر الرومي تكون اجتماعيّة فقط عندما تهبط ليلاََ لتجثم على الأشجار. ويختلف عدد أفراد مستعمرات النّسور من نوع لآخر، فعلى سبيل المثال يتراوح عدد أفراد جماعة النّسور ذات الظّهر الأبيض من 10-12 نسراََ، بينما تعيش النّسور الملتحية في مجموعات تصل إلى 25 طائراََ، أما أفراد جماعة النّسر الأبقع فتصل أعدادها إلى 1000 زوج.[٢]
تشتهر النّسور بأنّها من الطيور التي يعيش فيها الذّكر طوال حياته مع أنثى واحدة، وعند التّزاوج يحاول النّسر الذّكر مغازلة الأنثى وإبهارها باستعراض مهارته في التّحليق، فيطير فارداََ جناحيه ليلامس طرف جناحها. وتضع النّسور غالباََ بيضة أو بيضتين في المرة الواحدة، وتحضنها مدة تتراوح بين 38-68 يوماََ حتى تفقس وتختلف حسب النوع، ويتعاون الأبوان على حضن وإطعام الفراخ. وتبني نسور العالم القديم عشاََ من العصي لصغارها فوق الصّخور أو على الأشجار وتبطنّه بالعشب، أما نسور العالم الجديد فتكتفي بوضع البيض داخل تجويف صخرة أو شجرة، أو على الأرض تحت الشّجيرات وأكوام الصّخور. وتعيش فراخ النّسور مع أبويها مدة تتراوح بين شهرين إلى ثلاثة شهور، وتستمر بالاعتماد أثناء ذلك على الأبوين حتى بعد ظهور ريش الطّيران، وفي عمر 3-6 شهور تكون الفراخ مماثلة في الحجم لأبويها إلا أنّه يمكن تمييزها من لون الرّيش الذي يكون مختلفاََ عن ريش الطّيور البالغة، وتصل فراخ النّسور إلى مرحلة النّضج ما بين 1-8 أعوام اعتماداََ على النّوع الذي تنتمي إليه.[٢]
التغذية
تتغذى النّسور أساساََ على الجَيَف، إلا أنّها قد تتغذى أحياناً على الحيوانات الجريحة أو حديثة الولادة، وتستكمل نظامها الغذائي بالفاكهة، والبيض، والقمامة. وما إن يبصر أحد النّسور جيفة على الأرض حتى تتجمّع أعداد كبيرة من النّسور على الجيفة، ويُعتقّد أنّ النّسور تتواصل فيما بينها بصرياََ لنقل المعلومات المتعلقة بالعثور على جيفة وهو ما يفسر السّرعة التي تتجمّع بها حول الجيفة بالرّغم من أنّ معظمها طيور هادئة ولا تصدر الكثير من الأصوات، وتتميّز النّسور بأنّها تأكل بنظام حيث تكون الأولويّة للنسور الكبيرة أولاََ بينما تنتظر النّسور الصّغيرة دورها. وتعاني النّسور من عدّم توفر الطّعام باستمرار وفي بعض الحالات قد يمر أسبوعان دون أن تجد جيفة لتأكلها، لذلك فهي تأكل بشراهة عندما يكون الطّعام متاحاََ، وتخزّن الطّعام في حوصلتها حتى تنتفخ لتأكله في وقت لاحق، كما يمكنها أن تتقيّأ هذا الطّعام لإطعام صغارها.[١][٢]
وتختلف الوسائل التي تعتمدها النّسور للحصول على طعامها تبعاََ لنوعها، فهي لا ينقصها الإبداع ولا الأدوات، فالنّسر الملتحي على سبيل المثال يلتقط عظام الحيوانات ويطير بها عالياََ ثم يُسقطها على الصّخور فتنكسر، فيهبط النّسر ليتغذى على نخاع العظم المغذي بواسطة لسانه الذي يتلاءم مع هذا النّوع من الغذاء، أما النّسر المصري فيُسقط حجارة على بيض النّعام لكسرها وتناول محتوياتها، أما نسر جوز النّخيل فهو نوع فريد من النّسور فهو يفضّل أن يتغذى على جوز النّخيل، إلا أنّه يتناول أحياناََ الأسماك الميتة.[١][٢]
أنواع النّسور
يوجد نوعان من النّسور؛ نسور العالم الجديد، ونسور العالم القديم، وتعيش نسور العالم الجديد في أمريكا الجنوبيّة، والشّماليّة، والوسطى، وتتميّز بحاسة شم قويّة، وبأنّ رؤوسها خالية من الرّيش، وهو نوع من التكّيف يحميها من الأمراض، فالرّأس العاري من الرّيش لا يشجع نمو البكتيريا التي تنتقل من الجيفة إلى النّسر عندما يضع رأسه في أحشائها، كما أنّ غياب الرّيش يجل الرّأس أكثر عرضة لأشعة الشّمس التي لها دور في تعقيم وتطهير الرّأس. وتمتلك نسور العالم الجديد منخران طويلان بينهما مسافة، وهي لا تمتلك حنجرة لذلك فأصواتها لا تعدو الهسيس والهمهمة الخافتة، كما أنّ أقدامها ضعيفة، ومن الأمثلة على نسور العالم الجديد: النّسر الرّومي، والنّسر الأسود، والنّسر الملك، وكندور الأنديز، وكندور كاليفورنيا.[١][٢][٣]
وتعيش نسور العالم القديم في كل من قارة أوروبا، وإفريقيا، وآسيا، وتتميّز بأقدام قويّة ومخالب كبيرة، وتمتلك حنجرة تصدر منها أصوات مختلفة مثل الصّياح والنّخير والنّعيب، الأمر الذي يمكنّها من التّواصل مع أفراد نوعها أثناء تناول الطّعام، ويمكنّها من إصدار بعض الأصوات عند مغازلة الإناث، ولنسور العالم القديم منقار قوي نهايته معقوفة، وأجنحة واسعة.[٢] ومن الأمثلة على نسور العالم القديم: النّسر الرّمادي، والنّسر المصري أو دجاج فرعون، ونسر غريفون بأنواعه (النَّسر الهندي أو النَّسر طويل المنقار، والنَّسر الهندي أبيض الظّهر، والنَّسر أسطوانيّ المنقار)، ونسر أذون أو النَّسر النّوبيّ، ونسر جوز النّخيل، والنَّسر أحمر الرّأس، والنَّسر أبيض الرّأس.[٣]