محتويات
بم التعلل لا أهل ولا وطن
- يقول المتنبي:
بِمَ التّعَلّلُ لا أهْلٌ وَلا وَطَنُ
- وَلا نَديمٌ وَلا كأسٌ وَلا سَكَنُ
أُريدُ مِنْ زَمَني ذا أنْ يُبَلّغَني
- مَا لَيسَ يبْلُغُهُ من نَفسِهِ الزّمَنُ
لا تَلْقَ دَهْرَكَ إلاّ غَيرَ مُكتَرِثٍ
- ما دامَ يَصْحَبُ فيهِ رُوحَكَ البَدنُ
فَمَا يُديمُ سُرُورٌ ما سُرِرْتَ بِهِ
- وَلا يَرُدّ عَلَيكَ الفَائِتَ الحَزَنُ
مِمّا أضَرّ بأهْلِ العِشْقِ أنّهُمُ
- هَوَوا وَمَا عَرَفُوا الدّنْيَا وَما فطِنوا
تَفنى عُيُونُهُمُ دَمْعاً وَأنْفُسُهُمْ
- في إثْرِ كُلّ قَبيحٍ وَجهُهُ حَسَنُ
تَحَمّلُوا حَمَلَتْكُمْ كلُّ ناجِيَةٍ
- فكُلُّ بَينٍ عَليّ اليَوْمَ مُؤتَمَنُ
ما في هَوَادِجِكم من مُهجتي عِوَضٌ
- إنْ مُتُّ شَوْقاً وَلا فيها لهَا ثَمَنُ
يَا مَنْ نُعيتُ على بُعْدٍ بمَجْلِسِهِ
- كُلٌّ بمَا زَعَمَ النّاعونَ مُرْتَهَنُ
كمْ قد قُتِلتُ وكم قد متُّ عندَكُمُ
- ثمّ انتَفَضْتُ فزالَ القَبرُ وَالكَفَنُ
قد كانَ شاهَدَ دَفني قَبلَ قولهِمِ
- جَماعَةٌ ثمّ ماتُوا قبلَ مَن دَفَنوا
مَا كلُّ ما يَتَمَنّى المَرْءُ يُدْرِكُهُ
- تجرِي الرّياحُ بمَا لا تَشتَهي السّفُنُ
رَأيتُكُم لا يَصُونُ العِرْضَ جارُكمُ
- وَلا يَدِرُّ على مَرْعاكُمُ اللّبَنُ
جَزاءُ كُلّ قَرِيبٍ مِنكُمُ مَلَلٌ
- وَحَظُّ كُلّ مُحِبٍّ منكُمُ ضَغَنُ
وَتَغضَبُونَ على مَنْ نَالَ رِفْدَكُمُ
- حتى يُعاقِبَهُ التّنغيصُ وَالمِنَنُ
فَغَادَرَ الهَجْرُ ما بَيني وَبينَكُمُ
- يَهماءَ تكذِبُ فيها العَينُ وَالأُذُنُ
تَحْبُو الرّوَاسِمُ مِن بَعدِ الرّسيمِ بهَا
- وَتَسألُ الأرْضَ عن أخفافِها الثَّفِنُ
إنّي أُصَاحِبُ حِلمي وَهْوَ بي كَرَمٌ
- وَلا أُصاحِبُ حِلمي وَهوَ بي جُبُنُ
وَلا أُقيمُ على مَالٍ أذِلُّ بِهِ
- وَلا ألَذُّ بِمَا عِرْضِي بِهِ دَرِنُ
سَهِرْتُ بَعد رَحيلي وَحشَةً لكُمُ
- ثمّ استَمَرّ مريري وَارْعَوَى الوَسَنُ
وَإنْ بُلِيتُ بوُدٍّ مِثْلِ وُدّكُمُ
- فإنّني بفِراقٍ مِثْلِهِ قَمِنُ
أبْلى الأجِلّةَ مُهْري عِندَ غَيرِكُمُ
- وَبُدِّلَ العُذْرُ بالفُسطاطِ وَالرّسَنُ
عندَ الهُمامِ أبي المِسكِ الذي غرِقَتْ
- في جُودِهِ مُضَرُ الحَمراءِ وَاليَمَنُ
وَإنْ تأخّرَ عَنّي بَعضُ مَوْعِدِهِ
- فَمَا تَأخَّرُ آمَالي وَلا تَهِنُ
هُوَ الوَفيُّ وَلَكِنّي ذَكَرْتُ لَهُ
- مَوَدّةً فَهْوَ يَبْلُوهَا وَيَمْتَحِنُ
فإن تكن الدنيا تعد نفيسة
- يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
فإن تكن الدنيا تعدُّ نفيسةً
- فإنَّ ثواب الله أعلى وأنبل
وَإنْ تَكُنِ الأَرْزاقُ حَظاً وقِسْمَةً
- فقلة حرص المرء في الكسب أجملِ
وإنْ تَكُنِ الأَمْوَالُ للتَّرْكِ جَمْعُها
- فما بال متروكٍ به الحر يبخل
وإنْ تَكُنِ الأَبْدَانُ لِلْمَوْتِ أُنْشِئَتْ
- فقتل امريء لله بالسيف أفضل
دعوا الوشاةَ وما قالوا وما نقلوا
- يقول بهاء الدين زهير:
دعوا الوشاةَ وما قالوا وما نقلوا
- بيني وبينكمُ ما ليسَ ينفصلُ
لكمْ سرائرُ في قلبي مخبأة ٌ
- لا الكتبُ تنفعني فيها ولا الرسلُ
رسائلُ الشوقِ عندي لوْ بعثتُ بها
- إليكمُ لم تسعها الطرقُ والسبلُ
أُمسِي وَأُصبحُ وَالأشواقُ تَلعبُ بي
- كأنما أنا منها شاربٌ ثملُ
وَأستَلذّ نَسيماً من دِيارِكُمُ
- كأنّ أنفاسَهُ من نَشرِكُمْ قُبَلُ
وكم أحملُ قلبي في محبتكمْ
- ما لَيسَ يَحمِلُهُ قلبٌ فَيحتَملُ
وكمْ أصبرهُ عنكمْ وأعذلهُ
- وليسَ ينفعُ عندَ العاشقِ العذلُ
وا رحمتاهُ لصبًّ قلّ ناصرهُ
- فيكمْ وضاقَ عليهِ السّهلُ وَالجبلُ
قضيتي في الهوى واللهِ مشكلة ٌ
- ما القولُ ما الرأيُ ما التدبيرُ ما العملُ
يَزْدادُ شعريَ حُسناً حينَ أذكرُكُم
- إنّ المليحة َ فيها يحسنُ الغزلُ
يا غائبينَ وفي قلبي أشاهدهم
- وكلّما انفَصَلوا عن ناظري اتّصَلوا
قد جدّدَ البُعدُ قرْباً في الفؤاد لهمْ
- حتى كأنهمُ يومَ النوى وصلوا
أنا الوفيُّ لأحبابي وإنْ غدروا
- أنا المقيمُ على عهدي وإن رحلوا
أنا المُحبّ الذي ما الغدرُ من شيَمي
- هيهاتَ خُلقيَ عنهُ لَستُ أنتَقلُ
فَيا رَسُولي إلى مَنْ لا أبُوحُ بهِ
- إنّ المُهِمّاتِ فيها يُعرَفُ الرّجلُ
بلغْ سلامي وبالغْ في الخطابِ لهُ
- وقَبّلِ الأرْضَ عني عندَما تَصِلُ
بالله عَرّفْهُ حالي إنْ خَلَوْتَ بهِ
- ولا تُطِلْ فحَبيبي عندَهُ مَلَلُ
وتلكَ أعظمُ حاجاتي إليكَ فإنْ
- تنجحْ فما خابَ فيك القصْدُ والأملُ
ولم أزلْ في أموري كلما عرضتْ
- على اهتمامكَ بعدَ اللهِ أتكلُ
وليسَ عندكَ في أمرٍ تُحاوِلُهُ
- والحمد للهِ لا عجزٌ ولا كسلُ
فالنّاسُ بالنّاسِ وَالدّنيا مكافأة ٌ
- والخيرُ يذكرُ والأخبارُ تنتقلُ
وَالمَرْءُ يَحتالُ إن عزّتْ مَطالبُهُ
- وربما نفعتْ أربابها الحيلُ
يا منْ كلامي له إن كانَ يسمعه
- يَجدْ كَلاماً على ما شاءَ يَشتَملُ
تَغَزّلاً تَخلُبُ الألْبابَ رِقّتُهُ
- مضمونه حكمة ٌ غراءُ أوْ مثلُ
إنّ المليحة َ تغنيها ملاحتها
- لا سِيّما وَعَليها الحَلْيُ وَالحُلَلُ
دَعِ التّوَانيَ في أمْرٍ تَهُمّ بِهِ
- فإنّ صرفَ الليالي سابقٌ عجلُ
ضَيّعتَ عمركَ فاحزَنْ إن فطِنتَ له
- فالعُمرُ لا عِوَضٌ عنه وَلا بَدَلُ
سابقْ زمانكَ خوفاً منْ تقلبهِ
- فكَمْ تَقَلّبَتِ الأيّامُ وَالدّوَلُ
وَاعزمْ متى شئتَ فالأوْقاتُ واحدة ٌ
- لا الريثُ يدفعُ مقدوراً ولا العجلُ
لا تَرْقُبِ النّجمَ في أمرٍ تُحاوِلُهُ،
- فالله يَفعَلُ، لا جَديٌ وَلا حَمَلُ
مع السعادة ِ ما للنجمِ من أثرٍ
- فلا يغركَ مريخٌ ولا زحلُ
الأمرُ أعظمُ والأفكارُ حائرة ٌ
- والشرعُ يصدقُ والإنسانُ يمتثلُ
أخي متى خاصمت نفسك فاحتشد
- يقول البحتري:
أُخَيَّ مَتى خاصَمْتَ نَفَسكَ فاحْتَشِدْ
- لَها،ومَتَى حَدَّثْتَ نَفْسَكَ فاصْدُقِ
أَرىعلَلَ الأَشياءِ شَتَّى، ولا أَرى
- التَّجَمُّعَ إِلاَّ عِلَّةً للتَّفَرُّق
أَرى العَيْشَ ظِلاًّ تُوشِكُ الشَّمْسُ نَقْلَهُ
- فَكِسْ في ابتِغاءِ العيْشِ كَيْسَكَ أَوْمُقِ
أَرى الدَّهْرَ غُولاً لِلنُّفُوسِ،وَإِنَّمَا
- بَقِي اللهُ في بعضِ المَواطِنِ مَنْ يَقِي
فَلا َ تُتْبعِ الماضِي سُؤَالك لِمْ مَضَى
- وعِّرجْ عَلَى الباقي فَسائلْهُ لِمْ بَقِي
ولَمْ أَرَ كالدُّنيا حَلِيلَةَ وَامِقٍ
- مُحِبٍّ مَتَى تَحْسُنْ بِعَيْنَيْهِ تَطلُقِ
تَرَاها عِيَاناً وَهْي صَنْعَةُ وَاحِدٍ
- فَتحْسبُهَا صُنْعَيْ لَطِيفٍ وأَخْرَقِ
ذَكرْتُ أَبَا عيسى فَكَفْكَفْت ُمُقْلَةً
- سَفُوحاً مَتَى لا تَسْكُبِ الدَّمْعَ تأْرَقِ
فَتىً كَانَ هَمَّ النَّفْسِ أَو فَوْقَ هَمّهَا
- إِذا مَا غَدَا في فَضْلٍ رَأْيٍ ومَصْدِقِ
ولَسْتُ بِمُستَوفٍ تَمَامَ سَعَادَةٍ
- على مُشْتَرٍ لَمْ يسْتَقِيمْ ويُشِرِّقِ
لَعاً لَكُمُ مِنْ عاثِرينَ بِنكْبَةٍ،
- بَنِي مَخْلَدِ صَوْبَ الغَمَامِ المُطَبٍّقِ
تُحِبُّكُمُ نَفْسي وإِنْ كَانَ حُبُّكُمْ
- مُصِيبي بأَهواءِ الأَعادِي ومُوبِقِي
ومَا عَشِقَ النَّاسُ الأَحِبَّةَ عَشْقَهُمْ
- لِكثْرٍ جَديدٍ مِنْ جَدَاكُمْ ومُخِلِقِ
فَمَنْ يَقْتَرِبْ بالغَدرِ عَهداً فلإِنَّنا
- وَفَيْنا لِنجْرانيْ يَمَانٍ ومُعْرِقِ
حَبَوْناهُمَا الرّفِدَيْنَ حَتَّى تبَيَّنُوا
- لنا الفَضْلَ من مالِ ابْنِ عَمِّي ومنْطِقي