الشريعة وعلاج مشكلات المجتمع
إنَّ مِن عَظمة الشريعة الإسلامية أنَّها جَعلت حلول المَشاكل التي تواجه المسلمين في حياتهم اليومية مُرتبطةٌ بشكلٍ كبير بالمشاكلِ التي يُعاني منها المجتمع والناس وِفقاً لكل زمان ومكان، فعلى سَبيل المِثال نَجد أنَّ الشَّريعةَ الإسلامية ضيَّقتْ بشكلٍ كبيرٍ جداً مَدخل الاستعباد في الوقت الذي استطاعت فيه أيضاً أنْ تُوسِّع من عمليات إعتاق الرِّقاب؛ حيث جعلت إعتاق الرقبة كفارةً للعديد من المَعاصي التي قد يَقع فيها الإنسان المسلم، نتيجةً للضعفِ البشريِ الطبيعي الذي قد يَعتريه، وهذا الأمر كان سَيُسهم حتماً في اختفاء الاستعباد والرِّق خلال فترةٍ وجيزة بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- هذا لو بقيت الشريعة الإسلامية بكافة تفصيلاتها وكما كانت مُطبقةً أيام رسول الله، وأيام خلفائه الراشدين.
من الأمور الأخرى التي تُؤكّد المعنى ذاته إطعام المساكين، فقد جعل الله تعالى هذا العمل النبيل كفارةً أيضاً لِمعاصٍ قد يَقع فيها الإنسان المسلم، والإطعام بشكل عام من الأعمال التي تُضفي جواً من التكافل والتراحم في المجتمع، فبهذا يستطيع الناس أنْ يساندوا بعضهم البعض.
إطعام الطعام كفارة للمعاصي والآثام
يُعتبر إطعام الطعام من الأعمال التي يَستطيع الإنسان بها أن يُكفّر عن معاصيه، أمّا إنْ لم يكن عاصياً وأطعمَ الطعام فله بذلك الأجر، قال تعالى: (ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيرا، إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكورا، إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريرا، فوقاهم الله شرّ ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسروراً، وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا). ومن هنا فإننا نَلحظ أنّ الشرع قد جعل مسألة الإطعام ثقافةً كاملةً في المجتمع سواءً في العصيان، أو في نيل البر والتقرب إلى الله تعالى.
من المعاصي الشرعية التي تُكفَّر -بإذن الله- إذا أطعم العاصي الطعام: نوع من أنواع القتل، والظهار، والمعاشرة الجنسيّة بين الأزواج في نهار رمضان، وعندما يريد التكفير عن اليمين، أوعن خطاً ارتكبه خلال الإحرام، وحالات أخرى. ويختلف عدد المساكين من معصية إلى معصية أخرى؛ إذ وصل عدد المساكين إلى ستّين مسكيناً في بعض المعاصي كالقتل، والمعاشرة الجنسية في نهار رمضان.
كيفية إطعام ستّين مسكيناً
إطعام المساكين يكون بالطريقة التي يُريدها من وَجَب عليه الإطعام، فله أنْ يُعطي المساكين كلهم في الوقت ذاته أو في اليوم نفسه، وله أنْ يُوزّع عليهم الطعام بالطريقة التي يُريدها، كأن يُطعم مسكينين في كل يوم على امتداد ثلاثين يوماً، وله أنْ يدعوهم جميعاً على وليمة طعام، وله أن يقسِّمهم على ولائم، ومن الممكن أنْ يُطعمهم على امتداد ستة أيام في كل يوم عشرة مساكين، والعديد من الطرق الأخرى. أمّا مقدار الطعام فيُقدّر بحوالي نصف صاع تقريباً.