عدد ركعات قيام الليل ووقتها

كتابة - آخر تحديث: ٠:١٤ ، ١٧ أغسطس ٢٠٢٠
عدد ركعات قيام الليل ووقتها

حكمة مشروعية قيام الليل

يُعدّ قيام الليل من النوافل المُطلقة غير المُقيّدة بوقت محدّد، وهو من السُنن المؤكّد فعلها في كُل ليلة، وهو في حقّ النبي -عليه الصلاة والسلام- نافلة؛ لأن الله -تعالى- غفر له جميع ذُنوبه؛ فتُعدّ جميع طاعاته نافلة، وأمّا في حقّ أُمّته فهي كفارة لذنوبهم، ورفع لدرجاتهم، ومن أفضل أعمالهم بعد الفرائض، قال -تعالى-: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا)،[١] أمّا الحكمة من مشروعية قيام الليل فهي تكمن فيما يأتي:[٢][٣]

  • زيادة في إيمان المُسلم؛ لأنّ قيام الليل مدعاة للمسلم ليُناجي ربّه -عزّ وجلّ-، ويقف بين يديه، ويتلذّذ بعبادته.
  • بُرهان على صدق المُسلم، ودليل على محبّته وتعظيمه لخالقه -تبارك وتعالى-.
  • عبادة الليل تكون في الأوقات التي يكون فيها الإنسان صافي الذهن، ويكون الإنسان فيها أكثر نشاط، وفيها بركة وثواب أعظم من العبادة في النهار، قال -تعالى--: (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا).[٤]
  • قيام الليل دليل شكر لله -تعالى- على نعمه العظيمة على العبد، وقد ورد عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذَا صَلَّى قَامَ حتَّى تَفَطَّرَ رِجْلَاهُ، قالَتْ عَائِشَةُ: يا رَسولَ اللهِ، أَتَصْنَعُ هذا، وَقَدْ غُفِرَ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ، فَقالَ: يا عَائِشَةُ أَفلا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا).[٥]
  • قيام الليل سبب لبُعد صاحبه عن المعاصي والمُنكرات، قال -تعالى-: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ).[٦]
  • قيام الليل سبب لطرد الأمراض من الجسم، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (عليكمْ بقيامِ الليلِ فإنَّه دأبُ الصالحينَ قبلكمْ، وقربةٌ إلى اللهِ تعالى، ومنهاةٌ عنِ الإثمِ، وتكفيرٌ للسيئاتِ، ومطردةٌ للداءِ عنِ الجسدِ).[٧]


عدد ركعات قيام الليل

ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّه كان يُصلّي قيام الليل بإحدى عشر أو ثلاث عشرةركعة؛ فقد سُئلت السيدة عائشة -رضي الله عنها- عن قيام النبي -عليه الصلاة والسلام- فقالت: (ما كانَ يَزِيدُ في رَمَضَانَ ولَا في غيرِهِ علَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فلا تَسْأَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أرْبَعًا، فلا تَسْأَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا)،[٨] وأمّا الدليل على صلاته ثلاث عشرة ركعة؛ فهو قول ابن عبّاس -رضي الله عنه- عن صلاة النبي -عليه السلام-: (كَانَتْ صَلَاةُ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً يَعْنِي باللَّيْلِ)،[٩] والجمع بينهما أن الركعتين الأُخريان هُما سُنّة الفجر أو سُنّة العشاء، أو الركعتان الخفيفتان التي كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يبدأ بهما قيامه.[١٠]


لكن من ناحية العموم فإن صلاة قيام الليل غير مختصّة بعدد مُعيّن، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فإذا خَشِيَ أحَدُكُمُ الصُّبْحَ، صَلَّى رَكْعَةً واحِدَةً تُوتِرُ له ما قدْ صَلَّى)،[١١][١٢] وهذا الحديث لم يُحدّد قيام الليل بعدد ركعات مُعيّنة؛ فتجوز الزيادة على إحدى عشرة ركعة، ويجوز أن يُصلّى بأقلٍ من ذلك؛ لقول النبي -عليه الصلاة والسلام- لأبي ذر -رضي الله عنه-: (الصلاةُ خيرُ موضوعٍ استَكثِرْ أو أَقِلَّ)،[١٣] وقد جاء عن الخطيب الشربيني قوله: إنّ النوافل المُطلقة عن الوقت أو السبب لا حصر لها أو لعددها.[١٤]


وقت قيام الليل

اتّفق الفُقهاء على أنّ قيام الليل لا يكون إلّا بعد صلاة العشاء، سواءً سبق ذلك نوم أو لم يسبقه، وإن كان الأفضل أن يسبقه نوم،[١٥] ويكون قيام الليل مشروعاً في أيّ وقتٍ خلال الليل، ويكون على ثلاث درجات، وهي كما يأتي:[١٦]

  • الدرجة الأُولى: قيام الثُلث الأوّل من الليل.
  • الدرجة الثانية: قيام الثُلث الأوسط من الليل.
  • الدرجة الثالثة: قيام الثُلث الآخير من الليل، وهو أفضل أوقاته؛ لتنزّل الله -تعالى- إلى السماء الدُنيا في هذا الوقت، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يقولُ: مَن يَدْعُونِي، فأسْتَجِيبَ له مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له)،[١٧] وقد قال النبي -عليه الصلاة والسلام- في ذلك: (أقربُ ما يكونُ الربُّ من العبدِ في جوفِ الليلِ الآخرِ ، فإنِ استطعتَ أن تكونَ ممَّن يذكرُ اللهَ في تلكَ الساعةِ فكنْ).[١٨]


صفة قيام الليل

الأصل في قيام الليل أن تُؤدى ركعتين ركعتين، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام- للرجل الذي سأله عن كيفيّة أداء صلاة قيام الليل؛ فقال: (مَثْنَى مَثْنَى، فإذا خَشِيَ أحَدُكُمُ الصُّبْحَ، صَلَّى رَكْعَةً واحِدَةً تُوتِرُ له ما قدْ صَلَّى)،[١١] وقد جاء عن ابن عبد البر قوله: إن معنى مثنى مثنى أي التسليم بعد كُلّ ركعتين، كما وبيّن ابن عبد البر أنّ بعض فُقهاء الحجاز وأهل العراق ذهبوا إلى تأويل حديث النبي -عليه الصلاة والسلام- الوارد فيه أنه كان يُصلي أربعاً ثُمّ أربعاً ثُم ثلاثاً أنّه كان يُسلّم بعد كُلّ ركعتين منها ولكنّ العدد كان للجمع.[١٩]


المراجع

  1. سورة الإسراء، آية: 79.
  2. محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، السعودية: بيت الأفكار الدولية، صفحة 606-607، جزء 2. بتصرّف.
  3. محمد بن إبراهيم بن سليمان الرومي (2013)، قيام الليل (الطبعة الأولى)، الرياض: دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع، صفحة 139-140. بتصرّف.
  4. سورة المزمل، آية: 6.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2820، صحيح.
  6. سورة العنكبوت، آية: 45.
  7. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن بلال، الصفحة أو الرقم: 5555، صحيح.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 3569، صحيح.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس ، الصفحة أو الرقم: 1138، صحيح.
  10. أبو مالك كمال بن السيد سالم (2003)، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، القاهرة -مصر: المكتبة التوفيقية، صفحة 413-414، جزء 1. بتصرّف.
  11. ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر ، الصفحة أو الرقم: 749، صحيح.
  12. سعيد بن علي بن وهف القحطاني، صلاة التطوع - مفهوم، وفضائل، وأقسام، وأنواع، وآداب في ضوء الكتاب والسنة، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 123، جزء 1. بتصرّف.
  13. رواه ابن الملقن، في تحفة المحتاج، عن أبو ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 1/422، صحيح أو حسن.
  14. لجنة الإفتاء (03-12-2015)، "قيام الليل غير محصور بعدد معين"، www.aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 22-7-2020. بتصرّف.
  15. وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية - الكويت، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 119، جزء 34. بتصرّف.
  16. محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، السعودية: بيت الأفكار الدولية، صفحة 609-610، جزء 2. بتصرّف.
  17. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم: 1145، صحيح.
  18. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عمرو بن عبسة ، الصفحة أو الرقم: 1173، صحيح.
  19. أبو محمد عبد الله بن مانع بن غلاب الغبيوي الروقي العتيبي (2014)، فقه عمل اليوم والليلة (الطبعة الأولى)، الرياض- السعودية: دار التدمرية، صفحة 257-258، جزء 1. بتصرّف.
871 مشاهدة