دولة القانون والمؤسّسات
رافقت الثورة المعلوماتية والتقنية العديد من التطورات والتغيّرات الجذريّة التي طالت أنظمة الحكم في مختلف أنحاء العالم، حيث ظهرت لدينا العديد من الأنظمة التي فرضت نفسها وبقوة كأحد الاستراتيجيّات الناجحة التي رأت فيها الدول المتقدمة طريقاً حتميّاً نحو تطبيق الحكم الرشيد القائم على الاستغلال الأمثل لكافة الموارد البشريّة والطبيعيّة والماديّة بما يخدم الشعب والدولة، ويمنحها قدرة على الصمود. جاء اتجاه دولة القانون والمؤسّسات كأحد الحلول الناجعة لكافة المشكلات التي تواجهها الدول بما في ذلك الدول المتقدمة ودول العالم الثالث، ونظراً لأهميّة هذا الإطار الحديث اخترنا أن نستعرض أبرز المفاهيم التي تصفه بدقة.
مفهوم دولة القانون والمؤسّسات
تُعرف دولة القانون والمؤسّسات على أنّها النظام الذي ساعد إدخال الإصلاحات الضروريّة على الأجهزة الإداريّة والإنتاجيّة للدول المختلفة وخاصّة النامية منها، حتى تواكب التطور الحاصل في البلدان المتقدّمة الأخرى، والانفتاح على الاقتصاديّات المتطوّرة، في ظل وجود شبكة من المؤسّسات الفعّالة، والبيئة المؤسسيّة التي تشكل سيادة القانون والنظام القضائي المتطور، والتشريعات الحديثة، والأطر والإجراءات الفعّالة لمحاربة الفساد أو السياسات الماليّة والنقديّة التي تتسم بالمصداقيّة والشفافيّة، والعمل المؤسّساتي الصلب، الذي يؤمن بدور الفرد في المجتمع وقدرته على التغيير، ويستغل القدرات البشريّة والمهارات العقليّة والعضليّة لتحقيق الأهداف المختلفة في المنظمات بما في ذلك منظمات القطاع العام والخاص.
كما أنّها نظام عالمي عصري وحديث، شديد التداخل والشموليّة، حيث فرض نفسه وبقوة على كافة مجالات الحياة في الدولة، والذي بدوره يسعى إلى التطبيق الدقيق للتشريعات القانونيّة المختلفة، ويحد من المشكلات المختلفة، وخاصّة فيما يتعلق بالالتزام بتطبيق المعايير المالية والمحاسبيّة المقبولة، والتي تضمن عدم التلاعب والسرقة والنهب، والمراجعة والتي تؤدّي الى الحد من الممارسات السلبيّة، والحد من المخاطر المختلفة، وتؤمن بعمل وحدات المراجعة والتدقيق في مختلف القطاعات، بما يساهم في إضفاء الثقة والمصداقيّة على المعلومات المختلفة، وتحقق الثقة والمصداقية.
هذه الدولة هي عبارة عن الأسلوب الذي يتيح القدرة على تصويب وتقويم أداء المؤسّسات في مختلف قطاعات الدولة، وتطبيق القانون عن طريق الالتزام بمتطلباته، والالتزام بالقوانين الإداريّة، وضمان تطبيق الأداء الجيّد الرشيد والممارسات السليمة بما يشمل الاستغلال الأمثل للموارد، واقتناص الفرص المتاحة من أجل الارتقاء بالعمل المؤسسي.