من اول من قال الشعر
يقال ان اول من قال الشعر على وجه الارض كان سيدنا آدم عليه السلام ، و قد قال الشعر راثياً ابنه هابيل عندما قتله أخاه قابيل ، فقال
بكــت عــينـي وحـق لـها بكاهـــا ودمــــع الـــعـــين منهمل يسيح
فـــمـا لـي لا أجــود بسـكـب دمع و هـابــيل تضمّنـه الـضــريـــــح
رمــى قــابـيـل هـــابــيــلاً أخـــاه وألحد في الثرى الوجه الـصبيح
تغـــيرت البـــلاد ومـــن عـــليها فــوجــــه الأرض مــغــبر كشيح
تـــبدل كـــل ذي طــعــم ولــــون لـــفـقـدك يا صــبــيـح يا ملــــيح
أيا هـــــابــيل إن تــقــتـل فإنــــي عـــليك الــــدهر مكتـئـب قريــح
فأنت حياة من في الأرض جميعاً وقــــد فــقـدوك يا روح وريـــح
وأنـــت رجــيــح قــدر يـا فصيح سلـــيم بـل ســـميح بــل صبيـــح
ولــــسـت مــيـت بـــــل أنت حي و قــابــيــل الشــقي هو الطريـح
علـــــيه السخــط من رب البرايا و أنت عـــليـــك تسليم صريـــح
فأجابه إبليس حينها قائلاً
تـنوح على البلاد ومن عليها وفي الفردوس قد ضاق بك الفسيح
وكـــنت بها وزوجك في نعيم مــن الــمــولـى وقـلـبك مسـتريـــح
خـدعتك في دهائي ثم مكري إلــــى أن فـــاتـك الــعيــش الرشيح
هذا و قد قيل إن قحطان بن يعرب هو اول من قال الشعر من العرب ولم ترد من أشعار عنه
و قد ورد أيضاً إن أول من قال الشعر هو العنبر بن عمرو بن تميم
و من الجدير ذكره أن الشعر قد حظي لدى عرب الجاهلية بمكانة مرموقة و عالية لدرجة أن أشعارهم كانت هي أناجيلهم المقدسة فقد سأل عمر بن الخطاب كعب الأحبار عما إذا كان قد وجد ذكراً للشعر في الكتب المقدسة فأجابه كعب : لقد وجدنا ذكر أناس أناجيلهم في صدورهم لاتعلمهم إلا العرب، ويقصد بالأناجيل هنا الأشعار
و إن الرواية هذه تتفق كثيراً مع ماقيل من أن الشعر ديوان العرب، فالشعر سجلهم الخالد الذي يروي عاداتهم وتقاليدهم ومكارم أخلاقهم و يحكي عنها و يحملها و يرسخها وينظر لها فقد كان العرب، قال أبو تمام في هذا
ولولا خلالٌ سنّها الشعر مادرى
بغاة الندى من أين تؤتى المكارمُ
و قد تعددت أغراض الشعر عند العرب ما بين الرثاء و الهجاء و المدح و الغزل و الاعتذار و الفخر و غيرها.
يقول علماء الشعر: "كان الشعراء في القديم يقولون الأبيات القليلة عند الحاجة ولم يكن بعد هناك مفهوم للقصيدة". ومع تقدم الزمان تنوعت الأبيات وتزايد عددها وأصبح هناك تنوع في طرق نظم الشعراء للشعر ، وظهرت القصائد بعدها عندما زادة الخبرة والمران وتقدم الفكر ، واصبح هناك القصائد الطويلة التي نعرفها .
ومن مقولات الأصمعي أن أول رواية لقصيدة من ثلاثين بيتا كانت لمهلهل ومن بعده ذؤيب بن كعب ثم رجل من بني كنانة يدعى ضمره، هؤلاء من رأى الأصمعي أنهم بدؤوا بسرد أبيات الشعر ونظم القصائد الطويلة .
وهناك ابن قتيبة حيث قال أن الشعر بدأ من قول دُويد بن نهد القضاعي:
اليوم يبني لدويد بيته لو كان للدهر بليّ أبليته
أو كان قرني واحداً كفيته يا رب نهبٍ صالححويته