قصائد الشنفرى
قصيدة ومستبسل ضافي القميص ضممته
يقول الشنفرى:
وَمُستَبسِلٍ ضافي القَميصِ ضَمَمتُهُ
- بِأَزرَقَ لا نِكسٍ وَلا مُتَعَوَجِ
عَليهِ نَسارِيٌّ عَلى خوطِ نَبعَةٍ
- وَفوقٍ كَعُرقوبِ القَطاةِ مُدَحرَجِ
وَقارَبتُ مِن كَفَّيَّ ثُمَّ نَزَعتُها
- بِنَزعٍ إِذا ما اِستُكرِهَ النَزعُ مُحلِجِ
فَصاحَت بِكَفَّيَّ صَيحَةً ثُمَّ راجَعَت
- أَنينَ المَريضِ ذي الجِراحِ المُشَجَّجِ
قصيدة ونائحة أوحيت في الصبح سمعها
يقول الشنفرى:
وَنائِحَةٍ أَوحَيتُ في الصُبح سَمعَها
- فَريعَ فُؤادي وَاِشمَأَزَّ وَأَنكَرا
فَخَفَّضتُ جَأشي ثُمَّ قُلتُ حَمامَةٌ
- دَعَت ساقَ حُرٍّ في حَمامٍ تَنَفَّرا
وَمَقرونَةٍ شِمالُها بِيَمينِها
- أُجَنَّبُ بَزّي ماؤُها قَد تَقَصَّرا
وَنَعلٍ كَأَشلاءِ السُمانى تَرَكتُها
- عَلى جَنبِ مَورٍ كَالنَحيزَةِ أَغبَرا
فَإِن لا تَزُرني حَتَفتي أَو تُلاقِني
- أَمَشّي بِدَهوٍ أَو عِدافٍ بَنَوُّرا
أُمَشّي بِأَطرافِ الحَماطِ وَتارَةً
- تُنَفَّصُ رِجلي بُسبُطاً فَعَصَنصَرا
أُبَغّي بَني صَعبِ بنِ مُرٍّ بِلادَهُم
- وَسَوفَ أُلاقيهِم إِن اللَهُ أَخَّرا
وَيَوماً بِذاتِ الرَسَّ أَو بَطنِ مِنجَلٍ
- هُنالِكَ نَبغي القاصِيَ المُتَغَوَّرا
قصيدة ولا تقبروني إن دفني محرم
يقول الشنفرى:
وَلا تَقبُروني إِنَّ دَفني مُحَرَّمٌ
- عَلَيكُم وَلَكِن أَبشِري أُمَّ عامِرِ
إِذا ضَرَبوا رَأسي وَفي الرَأسِ أَكثَري
- وَغودِرَ عِندَ المُلتَقى ثَمَّ سائِري
هُنالِكَ لا أَرجو حَياةً تَسُرُّني
- سَجيسَ اللَيالِي مُبسَلاً بِالجَرائِرِ
لَقُلتُ لها قَد كانَ ذَلِكَ مَرَّةً
- ولَستُ على ما قَد عَهدتُ بِقادِرِ
دعيني وقولي بعد ما شئت إنني
يقول الشنفرى:
دَعيني وَقولي بَعدُ ما شِئتِ إِنَّني
- سَيُغدَى بِنَعشي مَرَّةً فَأُغَيَّبُ
خَرَجنا فَلَم نَعَهد وَقَلَّت وَصاتُنا
- ثَمانِيَة ما بَعَدها مُتَعَتَّبُ
سَراحينُ فِتيانٍ كَأَنَّ وُجوهَهُم
- مَصابيحُ أَو لَونٌ مِنَ الماءِ مُذهَبُ
نَمُرُّ بِرَهوِ الماءِ صَفحاً وَقَد طَوَت
- ثَمائِلُنا وَالزادُ ظَنٌّ مُغَيَّبُ
ثَلاثاً عَلى الأَقدامِ حَتّى سَما بِنا
- عَلى العَوصِ شَعشاعً مِنَ القَومِ مِحرَبُ
فَثاروا إِلَينا في السَوادِ فَهَجهَجوا
- وَصَوَّتَ فينا بِالصَباحِ المُثَوَّبُ
فَشَنَّ عَلَيهِم هَزَّةَ السَيف ثابِتٌ
- وَصَمَّمَ فيهِم بِالحُسام المُسَيَّبُ
وَظِلتُ بِفِتيانٍ مَعي أَتَّقيهُمُ
- بِهِنَّ قَلِيلاً ساعَةً ثُمَّ خُيَّبوا
وَقَد خَرَّ مِنهُم رَاجِلانِ وَفارِسٌ
- كَمِيٌّ صَرَعناهُ وَخومٌ مُسَلَّبُ
يَشُنُّ إِلَيهِ كُلُّ ريعٍ وَقَلعَةٍ
- ثَمانِيَةً وَالقَومُ رِجلٌ وَمِقنَبُ
فَلَمّا رَآنا قَومُنا قيلَ أَفلِحوا
- فَقُلنا اِسأَلوا عَن قائِلٍ لا يُكَذَّبُ
ومن يك مثلي يلقه الموت خالياً
يقول الشنفرى:
ومَن يَكُ مثلي يَلقَهُ المَوتُ خالياً
- منَ المالِ والأهلين في رَأسِ فَدفَدِ
أَلا لَيتَ شِعري أَيّ دَخلٍ يُصيبُني
- وإنَّ ذنوبي تَلقَني وهو مَوعِدي
سَعَيتُ لعبدِ اللَّهِ بَعضَ حَشاشَتي
- وَنِلتُ حِزاماً مُهدياً بِمُهَنَّدي
وَإنِّي لَذو أَنفٍ حَمِيٍّ مُرَقَّعٍ
- وَإنَّ لَثَأري حيثُ كنتُ بِمَرصَدِ
وقالوا أَخوكُم جَهرَةً وابنُ عَمِّكُم
- ألا فَاجعَلوني مَثلاً بَعد أبعَدِ
أَنا ابنُ الأُلى شدُّوا وَراءَ أَكُفِّهِم
- وَلَستُ بِفَقعِ القاعِ من بَين قُردُدِ
أَضَعتُم أَبي قتلاً فَكُنتُم بِثَأرِهِ
- عَلى قَومِكُم يا آلَ عَمرِو بن مَرثَدِ
فَها أَنَذا كَاللَّيثِ يَحمي عَرينَه
- وَإن كُنتُ عانٍ في وِثاقي مُصَفَّدِ
فَإِن تَقطَعوا كَفِّي أَلا رُبَّ ضَربَةٍ
- ضَرَبتُ وَقَلبي ثابِتٌ غير مُرعِدِ
أَضَعتُم أَبي إذ مالَ شِقُّ وِسادِه
- عَلى جَنَفٍ قد ضاعَ مَن لَم يُوَسَّدِ
فَإِن تَطعَنوا الشَّيخَ الذي لم تُفَوِّقوا
- مَنِيَّتَهُ وَغِبتُ إِذ لَم أُشَهَّدِ
فَطَعنَةُ خِلس مِنكُمُ قَد تَركتُها
- تَمجُّ عَلى أَقطارِها سُمَّ أَسودِ
فَإِن تَقتُلوني تَقتُلوا غَيرَ ناكِصٍ
- ولا يرم هام عَلَى الحيرِ مُلهَدِ
أَلا فَاقتُلوني إِنَّني غَيرُ رَاجِعٍ
- إِلَيكُم وَلا أُعطي عَلَى الذُّلِّ مِقوَدي
قصائد السليك بن السلكة
وأذعر كلاباً يقود كلابه
يقول السليك بن السلكة:
وَأَذعَرَ كَلاّباً يَقودُ كِلابَهُ
- وَمَرجَةُ لَمّا اِقتَبِسها بِمِقنَبِ
يا صاحِبَيَّ أَلا لا حَيَّ بِالوادي
- إِلاّ عَبيدٌ وَآمٌ بَينَ أَذوادِ
أَتَنظُرانِ قَليلاً رَيثَ غَفلَتِهِم
- أَم تَعدُوانِ فِإِنَّ الريحَ لِلعادي
بكى صُرد لما رأى الحي أعرضت
يقول السليك بن السلكة:
بَكى صُردٌ لَمّا رَأى الحَيَّ أَعرَضَت
- مَهامِهُ رَملٍ دونَهُم وَسُهوبُ
وُخَوَّفَهُ رَيبِ الزَمانِ وَفَقرُهُ
- بِلادَ عَدُوٍّ حاضِرٍ وَجَدوبُ
وَنَأيٌ بَعيدٌ عَن بِلادِ مُقاعِسٍ
- وَإِنَّ مَخاريقَ الأُمورِ تُريبُ
فَقُلتُ لَهُ لا تُبكِ عَينَكَ إِنَّها
- قَضيَّةٌ ما يُقضى لَها فَتَنوبُ
سَيَكفيكَ فَقدَ الحَيِّ لَحمُ مَغَرَّضٌ
- وَماءُ قُدورٍ في الجِفانِ مَشوبُ
أَلَم تَرَ أَنَّ الدَهرَ لَونانِ لَونُهُ
- وَطَورانِ بِشرٌ مَرَّةً وَكَذوبُ
فَما خَيرُ مَن لا يَرتَجي خَيرَ أَوبَةٍ
- وَيَخشى عَلَيهِ مِريَةٌ وَحُروبُ
رَدَدتُ عَلَيهِ نَفسَهُ فَكَأَنَّما
- تَلاقى عَلَيهِ مِنسَرٌ وَسُروبُ
فَما ذَرَّ قَرنُ الشَمسِ حَتّى رَأَيتُهُ
- مُضادَ المَنايا وَالغُبارُ يَثوبُ
وَضارَبتُ عَنهُ القَومَ حَتّى كَأَنَّما
- يُصَعِّدُ في آثارِهِم وَيَصوبُ
وَقُلتُ لَهُ خُذ هَجمَةً جَبريَّةً
- وَأَهلاً وَلا يَبعُد عَلَيكَ شَروبُ
وَلَيلَةَ جابانٍ كَرَرتُ عَلَيهِمُ
- عَلى ساحَةٍ فيها الإِيَابُ حَبيبُ
عَشيَّة كَدَّت بِالحَراميِّ ناقَةٌ
- بِحَيِّهَلا يَدعو بِها فَتُجيبُ
فَضارَبتُ أُولَى الخَيلِ حَتّى كَأَنَّما
- أُميلَ عَلَيها أَيدَعٌ وَصَبيبُ
يُكذبُني العمران عمرُو بنُ جندبٍ
يقول السليك بن السلكة:
يُكَذِّبُني العَمرانِ عَمرُو بنُ جَندَبٍ
- وَعَمرُو بنِ سَعدٍ وَالمُكَذِّبُ أَكذَبُ
ثَكِلتُكُما إِن لَم أَكُن قَد رَأَيتُها
- كَراديسَ يُهديها إِلى الحَيِّ كَوكَبُ
سَعَيتُ لَعَمري سَعيَ غَيرِ مُعَجَّزٍ
- وَلا نَأنَأٍ لَو أَنَّني لا أُكَذِّبُ
كَراديسُ فيها الحَوفَزانُ وَحَولَهُ
- فَوارِسُ هَمَّامٍ مَتى يَدعُ يَركَبوا
تَفاقَدتُم هَل أَنكِرَنَّ مُغيرَةً
- مَعَ الصُبحِ يَهديهِنَّ أَشقَرُ مُغرِبُ
لعمرُ أبيك والأنباء تُنمى
يقول السليك بن السلكة:
لَعَمرُ أَبيكَ وَالأَنباءُ تُنمى
- لَنِعمَ الجارُ أُختُ بَني عُوارا
مِن الحَفَراتِ لَم تَفضَح أَباها
- وَلَم تَرفَع لِإِخَوتِها شَنارا
كَأَنَّ مَجامِعَ الأَردافِ مِنها
- نَقىً دَرَجَت عَلَيهِ الريحُ هارا
يَعافُ وِصالَ ذاتِ البَذلِ قَلبي
- وَيَتَّبِعُ المُمَنَّعَةَ النوارا
وَما عَجِزَت فَكيهَةُ يَومَ قامَت
- بِنَصلِ السَيفِ وَاِستَلَبوا الخِمارا
كأن قوائم النحام لما
يقول السليك بن السلكة:
كَأَنَّ قَوائِمَ النَحامِ لَمّا
- تَحَمَّلَ صُحبَتي أُصُلاً مَحارُ
عَلى قَرماءَ عاليَةٌ شَواهُ
- كَأَنَّ بَياضَ غُرَّتِهِ خِمَارُ
وَما يُدريكَ ما فَقري إِلَيهِ
- إِذا مَا القَومُ وَلَّوا أَو أَغاروا
وَيُحضِرُ فَوقَ جُهدِ الحُضرِ نَصّاً
- يَصيدُكَ قافِلاً وَالمُخُّ رارُ