إلى أمي
يقول محمود درويش:
أحنُّ إلى خبز أُمى
وقهوةِ أُمى
ولمسةِ أمى
وتكبرُ فىَّ الطفولةُ
يوماً على صدر يومِ
وأعشق عمرى لأنى
إذا مُتُّ ،
أخجل من دمع أُمى!
خذينى، إذا عدتُ يوماً
وشاحاً لهُدْبكْ
وغطّى عظامى بعشب
تعمَّد من طهر كعبكْ
وشُدى وثاقى.. بخصلة شَعر..
بخيطِ يلوِّح فى ذيل ثوبكْ..
عسانى أصيرُ طفلا
طفلا أصيرُ...
إذا ما لمستُ قرارة قلبك!
ضعينى، إذا ما رجعتُ
وقوداً بتنور ناركْ..
وحبل غسيل على سطح دارك
لأنى فقدتُ الوقوفَ
بدون صلاة نهارك
هَرِمْتُ، فردّى نجوم الطفولة
حتى أُشارك
صغار العصافير
درب الرجوع.. لعُش انتظاركِ
وجه أمي
يقول رياض بن يوسف:
أماه معذرة.. قد لزَّني الضجر
- وقد تبطنني.. الصبّار.. والصبِر
أماه معذرة.. قد خانني حلمي
- وقد تكدر في أغصانه.. الثمر
أماه معذرة.. فالدرب آلمني
- ومزّق الخطوَ مني الشوك.. والحفر
أماه معذرة.. إن المدى ظُلَمٌ
- فقد توسده.. هذا الورى.. البقر
ماذا أغني.. وقد ضيعتُ حنجرتي
- وقد تقطعت الآهات.. والوتر؟
ماذا أحوك سوى أسمال قافية
- لجَّ الدجى في رؤاها.. غامت الصور؟!
لانور يسعفني.. إلاكِ يا ألقا
- من مقلتيه همى.. في خلوتي الشجر
لانور غيرك.. في أضواء زيفهمُ
- تبْكي على كتفيه.. الشمس والقمر
أماه معذرة..فالله يشهد لي
- لمْ أنس.. هل يتناسى غيمَهُ المطر؟!
هل يترك السمك الفضي..موطنه؟
- هل يهجر النهرُ مجراه.. وينتحر؟!
أماه! لازلتِ ينبوعا.. يُغَسِّلني
- لا زال من ديمتيْكِ الماء..ينهمر
لازلتُ طفلا صغيرا مُمْحِلا ويدي
- جدباءُ تبكي وتستجدي.. وتعتذر
أماه معذرة.. بل ألف معذرة
- جف اليراع.. وقلبي قلْبُهُ سقرُ!
ضمي ارتعاشي وضمي وجه معذرتي
- لينْتهي.. في مدى أحضانك السفرُ!
الأم تلثم طفلها وتضمه
يقول أبو القاسم الشابي:
الأُمُّ تَلْثُمُ طِفْلَها وتَضُمُّهُ
- حرمٌ سَمَاويُّ الجمالِ مُقَدَّسُ
تَتَألَّهُ الأَفكارُ وهي جِوارَهُ
- وتَعودُ طاهرةً هناكَ الأَنفُسُ
حَرَمُ الحَيَاةِ بِطُهْرِها وحَنَانِها
- هل فوقَهُ حَرَمٌ أَجلُّ وأَقدسُ
بوركتَ يا حَرَمَ الأُمومَةِ والصِّبا
- كم فيكَ تكتملُ الحَيَاةُ وتَقْدُسُ
خمس رسائل إلى أمي
يقول نزار قباني:
صباح الخير يا حلوه..
صباح الخير يا قديستي الحلوه
مضى عامان يا أمي
على الولد الذي أبحر
برحلته الخرافيه
وخبأ في حقائبه
صباح بلاده الأخضر
أنجمها، وأنهرها، وكل شقيقها الأحمر
وخبأ في ملابسه
طرابيناً من النعناع والزعتر
وليلكةً دمشقية..
أنا وحدي..
دخان سجائري يضجر
ومني مقعدي يضجر
وأحزاني عصافيرٌ..
تفتش –بعد- عن بيدر
عرفت نساء أوروبا..
عرفت عواطف الإسمنت والخشب رفت حضارة التعب..
وطفت الهند، طفت السند، طفت العالم الأصفر
ولم أعثر..
على امرأةٍ تمشط شعري الأشقر
وتحمل في حقيبتها..
إلي عرائس السكر
وتكسوني إذا أعرى
وتنشلني إذا أعثر
أيا أمي..
أيا أمي..
أنا الولد الذي أبحر
ولا زالت بخاطره
تعيش عروسة السكر
فكيف.. فكيف يا أمي
غدوت أباً..
ولم أكبر؟
صباح الخير من مدريد
ما أخبارها الفلة؟
بها أوصيك يا أماه..
تلك الطفلة الطفله
فقد كانت أحب حبيبةٍ لأبي..
يدللها كطفلته
ويدعوها إلى فنجان قهوته
ويسقيها..
ويطعمها..
ويغمرها برحمته..
.. ومات أبي
ولا زالت تعيش بحلم عودته
وتبحث عنه في أرجاء غرفته
وتسأل عن عباءته..
وتسأل عن جريدته..
وتسأل –حين يأتي الصيف-
عن فيروز عينيه..
لتنثر فوق كفيه..
دنانيراً من الذهب..
سلاماتٌ..
سلاماتٌ..
إلى بيتٍ سقانا الحب والرحمة
إلى أزهارك البيضاء.. فرحة "ساحة النجمة"
إلى تختي..
إلى كتبي..
إلى أطفال حارتنا..
وحيطانٍ ملأناها..
بفوضى من كتابتنا..
إلى قططٍ كسولاتٍ
تنام على مشارقنا
وليلكةٍ معرشةٍ
على شباك جارتنا
مضى عامان.. يا أمي
ووجه دمشق،
عصفورٌ يخربش في جوانحنا
يعض على ستائرنا..
وينقرنا..
برفقٍ من أصابعنا..
مضى عامان يا أمي
وليل دمشق
فل دمشق
دور دمشق
تسكن في خواطرنا
مآذنها.. تضيء على مراكبنا
كأن مآذن الأموي..
قد زرعت بداخلنا..
كأن مشاتل التفاح..
تعبق في ضمائرنا
كأن الضوء، والأحجار
جاءت كلها معنا..
أتى أيلول يا أماه..
وجاء الحزن يحمل لي هداياه
ويترك عند نافذتي
مدامعه وشكواه
أتى أيلول.. أين دمشق؟
أين أبي وعيناه
وأين حرير نظرته؟
وأين عبير قهوته؟
سقى الرحمن مثواه..
وأين رحاب منزلنا الكبير.. أين نعماه؟
وأين مدارج الشمشير..
تضحك في زواياه
وأين طفولتي فيه؟
أجرجر ذيل قطته
وآكل من عريشته
وأقطف من بنفشاه
دمشق، دمشق..
يا شعراً
على حدقات أعيننا كتبناه
ويا طفلاً جميلاً..
من ضفائره صلبناه
جثونا عند ركبته..
وذبنا في محبته
إلى أن في محبتنا قتلناه...
الأم
يقول كريم معتوق:
أوصى بك اللهُ ما أوصت بك الصُحفُ
والشـعرُ يدنـو بخـوفٍ ثم ينـصرفُ
مــا قــلتُ والله يـا أمـي بـقـافــيـةٍ
إلا وكـان مــقـامـاً فــوقَ مـا أصـفُ
يَخضرُّ حقلُ حروفي حين يحملها
غـيـمٌ لأمي علـيه الطـيـبُ يُـقتـطفُ
والأمُ مـدرسـةٌ قـالوا وقـلتُ بـهـا
كـل الـمدارسِ سـاحـاتٌ لـها تـقـفُ
هـا جـئتُ بالشعرِ أدنيها لقافيتي
كـأنـما الأمُ في اللاوصـفِ تـتصفُ
إن قلتُ في الأمِ شعراً قامَ معتذراً
ها قـد أتـيتُ أمـامَ الجـمعِ أعـترفُ
الأم
يقول كريم معتوق:
أوصى بك اللهُ ما أوصت بك الصُحفُ
- والشـعرُ يدنـو بخـوفٍ ثم ينـصرفُ
مــا قــلتُ والله يـا أمـي بـقـافــيـةٍ
- إلا وكـان مــقـامـاً فــوقَ مـا أصـفُ
يَخضرُّ حقلُ حروفي حين يحملها
- غـيـمٌ لأمي علـيه الطـيـبُ يُـقتـطفُ
والأمُ مـدرسـةٌ قـالوا وقـلتُ بـهـا
- كـل الـمدارسِ سـاحـاتٌ لـها تـقـفُ
هـا جـئتُ بالشعرِ أدنيها لقافيتي
- كـأنـما الأمُ في اللاوصـفِ تـتصفُ
إن قلتُ في الأمِ شعراً قامَ معتذراً
- ها قـد أتـيتُ أمـامَ الجـمعِ أعـترفُ