أبو عامر الراهب
هو أبو عامر عبد عمرو بن صيفيّ الأوسيّ، وقد سمّاه الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أبو عامر الفاسق، كان من أهل المدينة المنوّرة، وادّعى الرهبنة والعلم أيّام الجاهليّة، وأنّه من أتباع دين الحنيفيّة، رفض البقاء في المدينة بعد قدوم رسول الله إليها، بعد أن رأى أهلها يُعاملون النبيّ كزعيمٍ، فخرج منها إلى مكّة المُكرّمة وأقام فيها حتى فتحها في السنة الثامنة من الهجرة، فانتقل إلى الطائف، ثمّ هرب منها بعد سنةٍ عندما دخل أهلها في الإسلام، ومن الجدير بالذكر هنا أنّ أبا عامر الفاسق عدوّ الله ورسوله هو والد حنظلة المُلقّب بغسيل الملائكة والذي استشهد في غزوة أحدٍ،[١] في حين أنّ أبا عامرٍ توفّي في أرض الروم في السنة العاشرة من الهجرة.[٢]
أبو عامر ومسجد الضرار
بعد أن ظهر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على الكافرين، وبدأت رسالة التوحيد تأخذ مكانها في أرض العرب، خرج أبو عامر الفاسق هارباً إلى أرض الروم، يستجدي نصرة هرقل على الرسول، فأرسل إلى بعض من يتبعه من المنافقين في المدينة المنورّة أنّه سوف يأتي بجيشٍ كبيرٍ يقضي فيه على رسول الله وعلى من تبعه ويُعيدهم إلى ما كانوا عليه، فأمرهم أن يُقيموا مكاناً ليكون مقراً له ولهم حتى يأتيهم، وما لبثوا أن بنوا مسجداً بجوار مسجد قباء، وعلّلوا بنائه حتى يُخفّف عن الضعفاء والمرضى في أيّام البرد، حتى إنّهم طلبوا من الرسول أن يُصلّي فيه لتكون لهم الحجّة، إلّا أنّ الله له حكمٌ آخرٌ فعصم نبيّه الذي كان على سفرٍ وعند عودته سيُصلّي فيه، فما بنوه إلّا تفرقةً بين المسلمين، باختلافهم في الصلاة بين مسجد الرسول ومسجد الضرار مع ادّعائهم الحسنى، فنزل قول الله تعالى: (وَالَّذينَ اتَّخَذوا مَسجِدًا ضِرارًا وَكُفرًا وَتَفريقًا بَينَ المُؤمِنينَ وَإِرصادًا لِمَن حارَبَ اللَّـهَ وَرَسولَهُ مِن قَبلُ وَلَيَحلِفُنَّ إِن أَرَدنا إِلَّا الحُسنى وَاللَّـهُ يَشهَدُ إِنَّهُم لَكاذِبونَ*لا تَقُم فيهِ أَبَدًا لَمَسجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقوى مِن أَوَّلِ يَومٍ أَحَقُّ أَن تَقومَ فيهِ فيهِ رِجالٌ يُحِبّونَ أَن يَتَطَهَّروا وَاللَّـهُ يُحِبُّ المُطَّهِّرينَ)،[٣] وكان ذلك بنزول جبريل على رسول الله قبل وصوله من تبوك بيومٍ أو أقلّ، وأخبره بأمر هذا المسجد، فبعث النبيّ من يهدمه قبل وصوله إلى المدينة.[٤]
حنظلة الغسيل بن أبي عامر
إنّه الشهيد المجاهد أحد أبطال غزوة أحدٍ، الذي شقّ صفوف المشركين حتى كاد أن يقتل أبا سفيان لولا إرادة الله التي لا تعلوها إرادة بأن كافأه بالشهادة، إنّه حنظلة بن أبي عامر الفاسق ،[٥] ذلك الشهيد المُلقّب بغسيل الملائكة؛ أي الرجل الذي غسلته ملائكة الرحمن يوم استشهاده، حيث كان قد تزوّج الليلة التي سبقت غزوة أحد وبقي في المدينة، فلمّا سمع النداء المفزع للجهاد وكان المسلمون في شدّةٍ، خرج وقاتل حتى استشهد، فقال رسول الله: (إن صاحبكُم تُغَسّله الملائكةُ)،[٦] فلمّا سألوا زوجته عن خبره قالت إنّه عندما سمع صوت منادي الجهاد انطلق ُمسرعاً وعلى جُنبٍ، فيا له من فضلٍ وشرفٍ أن يُغسل من قِبل الملائكة الكرام.[٧]
المراجع
- ↑ راغب السرجاني، السيرة النبوية، قطر: الشبكة الإسلامية، صفحة 16، جزء 16. بتصرّف.
- ↑ ابن العديم، بغية الطلب في تاريخ حلب، دمشق: دار الفكر، صفحة 498، جزء 10. بتصرّف.
- ↑ سورة التوبة، آية: 107-108.
- ↑ " التفريق بين المسلمين من غايات وأهداف المنافقين والكافرين وأعداء الدين"، dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-2-2019. بتصرّف.
- ↑ أحمد أحمد غلوش (2004)، السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني (الطبعة الأولى)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 342. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن عبدالله بن الزبير، الصفحة أو الرقم: 326، حسن.
- ↑ "غَسِيلُ الملائكة"، www.islamweb.net، 2016-1-31، اطّلع عليه بتاريخ 18-2-2019. بتصرّف.