كيف أتوب إلى الله

كتابة - آخر تحديث: ١٢:٠٧ ، ١٦ أغسطس ٢٠٢٠
كيف أتوب إلى الله

التوبة

تُعرّف التوبة في اللُغة بأنها الرجوع عن المعاصي، وأمّا في الإصطلاح الشرعي فهي الإنابة إلى الله -تعالى- والرجوع إلى طاعته بترك معاصيه، وهي رجوع العبد إلى خالقه بفعل الطاعات وترك المُحرمات،[١] وينبغي على كلّ مسلم أن يحذر فعل الذنوب والسيّئات، ويسارع بالتوبة منها إلى الله -تعالى-، فهي تجلب الوحشة في القلب، وتُطفئ منه النور، وتجلب إليه القلق والعسرة، وتُشتّت خطى السير إلى الله، وهي سببٌ للفساد في الأرض، وقد أجمع العلماء على وجوب التوبة إلى الله -عزّ وجلّ-، وبها ينال المسلم الجنّة بإذن الله، قال الله -سبحانه-: (وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ).[٢][٣]


كيف أتوب إلى الله

توجد الكثير من الأُمور التي تُساعد العبد المُسلم على التوبة إلى الله -تعالى-، ومن ذلك ما يأتي:

  • الإكثار من الاستغفار، لقوله -تعالى- على لسان نبيّه صالح -عليه السلام-: (لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)،[٤] والاستغفار من أكثر الأسباب التي توجب رحمة الله -تعالى-.[٥]
  • ترك المعاصي، وذلك بترك العبد كلّ معصية يتوب عنها؛ فمثلاً الشخص الذي يغتاب الناس، عليه ترك الغيبة، ومن ذلك ترك سماع الحرام لمن يسمعه، وغير ذلك من المعاصي.[٦]
  • التحلل من المظالم، وهذا في حالة إن كان الذنب يتعلّق بغير الله -تعالى-؛ فتكون التوبة بإرجاع الحقوق إلى أصحابها حتّى تقبل التوبة، وأمّا إن كان الذنب في حق الله -تعالى- فيُكتفى فيه بتركه، وقد أوجب الله -تعالى- في بعض المعاصي القضاء والكفارة.[٧]
  • الإكثار من الأعمال الصالحة الموافقة لهدي النبي -عليه الصلاة والسلام-، واتّباع طُرق الهداية؛ بتعلّم العلم وتعليمه والعمل به والدعوة إليه، مع الإلتزام بطاعة الله -تعالى- في جميع حياته، مع حُسن الظنّ بالله -تعالى- وعدم اليأس من رحمته.[٨]
  • الإكثار من ذكر الموت؛ لما في ذلك من تعجيل في التوبة، وقناعة القلب، وكثرة العبادة،[٩] مع قضاء ما فات العبد من عبادات حسب استطاعته.[١٠]
  • الإكثار من ذكر الله -تعالى-، لأنّه يساعد على قبول التوبة، وهي صفة أولياء الله -تعالى- إذا اجتمعوا قال -تعالى-: (أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).[١١][١٢]
  • الإخلاص في التوبة مع صدق النيّة، لأنّ ذلك يجلب العون من الله -تعالى-؛ فيصرف عن التائب العقبات التي تعترضه وتُبعده عن التوبة، مع تركه للأشخاص والأماكن التي كان يعصي الله -تعالى- فيها.[١٣]
  • الإكثار من تذكّر الآخرة وما أعدّه الله -تعالى- لعباده المؤمنين، وتخويف التائب لنفسه من عاقبة المعاصي، ومن النار وممّا أعدّه الله -تعالى- فيها للعاصين، مع إشغال النفس دائماً بطاعة الله -تعالى-، والبُعد عن الفراغ وملأه بالطاعة والعبادة والدُعاء بالتوبة وقُبولها.[١٣]
  • الندم على فعل المعاصي، والعزم على عدم الرُجوع إليها، مع مُحاسبة الإنسان لنفسه دائماً؛ مما يجعله يُبادر للطاعات، ويبتعد عن المُنكرات.[١٣]
  • إتباع السيّئة بفعل الطاعات والحسنات، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (وأتبِعِ السَّيِّئةَ الحسَنةَ تَمْحُهَا).[١٤][١٥]


علامات قبول التوبة

توجد بعض العلامات التي تدُل على قبول التوبة، ومنها ما يأتي:

  • حال العبد بعد التوبة أفضل مما قبلها،[١٦] مع مُلازمة الخوف من الله -تعالى- له حتى الموت، وعدم الأمن من مكر الله -تعالى- لحظةً واحدةً.[١٧]
  • الاستقامة على طاعة الله -تعالى-، وهي كرامة من الله -تعالى- لعبده التائب؛ بمنعه من المعاصي، وتيسير العبادة له، مع عدم الملل من التوبة كُلّما تكرّر الذنب.[١٨]
  • تقطّع القلب بالتوبة؛ كما جاء في تفسير قوله -تعالى-: (لا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ)؛[١٩] أي خوفه في الدُنيا من الآخرة؛ ويكون ذلك بالتوبة، ومُعاينة الحقائق بما أعدّه الله -تعالى- للطائعين من ثواب، وللعُصاة من عقاب.[٢٠]
  • انكسار القلب عند التوبة، مع الشُعور بالندم والذلّة أمام الله -تعالى- بما ارتكب الإنسان من المعاصي.[٢١]


المراجع

  1. سعود بن عبد العزيز الخلف (2004)، المباحث العقدية المتعلقة بالكبائر ومرتكبها في الدنيا (الطبعة السنة السادسة والثلاثون - العدد (123))، المدينة المنورة: الجامعة الاسلامية، صفحة 117-118. بتصرّف.
  2. سورة آل عمران، آية: 133.
  3. محمد عبد المقصود، مشاهد يوم القيامة، سوريا: دار التقوى، صفحة 192-196. بتصرّف.
  4. سورة النمل، آية: 46.
  5. أبو هاشم صالح بن عوّاد بن صالح المغامسي، دروس للشيخ صالح المغامسي، صفحة 11، جزء 12. بتصرّف.
  6. عمر عبد الكافى شحاتة، دروس الدكتور عمر عبد الكافي، صفحة 5، جزء 2. بتصرّف.
  7. محمد نصر الدين محمد عويضة ، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 228، جزء 4. بتصرّف.
  8. صالح بن غانم بن عبد الله بن سليمان بن علي السدلان (1416 هـ)، التوبة إلى الله - معناها، حقيقتها، فضلها، شروطها (الطبعة الرابعة)، الرياض: دار بلنسية للنشر والتوزيع، صفحة 55. بتصرّف.
  9. عبد الله حماد الرسي، دروس للشيخ عبد الله حماد الرسي، صفحة 11، جزء 7. بتصرّف.
  10. صالح بن غانم بن عبد الله بن سليمان بن علي السدلان (1416 هـ )، التوبة إلى الله - معناها، حقيقتها، فضلها، شروطها (الطبعة الرابعة)، الرياض: دار بلنسية للنشر والتوزيع، صفحة 52. بتصرّف.
  11. سورة الرعد، آية: 28.
  12. عائض بن عبد الله القرني، دروس الشيخ عائض القرني، صفحة 12، جزء 255. بتصرّف.
  13. ^ أ ب ت " كيف أتوب ؟"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-6-2020. بتصرّف.
  14. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن معاذ بن جبل وأبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 3160، حسن.
  15. محمد عبد المقصود، مشاهد يوم القيامة، سوريا: دار التقوى، صفحة 262. بتصرّف.
  16. محمد بن جميل زينو (1997)، مجموعة رسائل التوجيهات الإسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع (الطبعة التاسعة)، الرياض: دار الصميعي للنشر والتوزيع، صفحة 305، جزء 2. بتصرّف.
  17. أبو ذر القلموني، عبد المنعم بن حسين بن حنفي بن حسن بن الشاهد (1424 هـ )، ففروا إلى الله (الطبعة الخامسة)، القاهرة: مكتبة الصفا، صفحة 47، جزء 1. بتصرّف.
  18. سفر بن عبد الرحمن الحوالي، دروس للشيخ سفر الحوالي ، صفحة 27، جزء 55. بتصرّف.
  19. سورة التوبة، آية: 110.
  20. أحمد فريد، مجالس رمضان - أحمد فريد، صفحة 4، جزء 6. بتصرّف.
  21. محمد صالح المنجد، دروس للشيخ محمد المنجد، صفحة 11، جزء 65. بتصرّف.
2,328 مشاهدة