مفهوم اللاوعي
كل إنسانٍ في هذه الأرض يملك مستوياتٍ من العقل الواعي والعقل اللاوعي، فالعقل الواعي هو الذي يحكم تصرفات الإنسان وقناعاته وأحاديثه، وهو مكان تخزين الأحداث، ومركز للانفعالات العاطفية السلبية والإيجابية.
أما العقل اللاوعي أو العقل الباطن فيفهم بالحدس أو البديهة، وهو متعلقٌ بذات الإنسان، وهذا العقل لا يفرق بين الصواب والخطأ، وهذا العقل تابعٌ للعقل الواعي؛ بمعنى أنه ينفذ ما يقرؤه العقل الواعي، وهو لا يبدي أية ردة فعلٍ على أي أمرٍ يتلقاه من العقل الواعي، ولا يفضل شيئاً على آخر فكما ذكر هو لا يميز بين الصواب والخطأ.
اللاوعي عند فرويد
يعد العالم فرويد أول من وضع تعريفاً لللاوعي، حيث قال أن اللاوعي واقعٌ ديناميكيٌ مكونٌ من محتويات الإنسان النفسية والمكبوتة، ومفهوم اللاوعي ضروريٌ في علاج الأمراض العصابية والذهانية، ويختلط الوعي باللاوعي عند الإنسان لأن زلات اللسان والهفوات والأحلام تمثل ما يكبته الشخص من مشاعر خلال اليوم.
قال فرويد أن جلسات العلاج تكشف ما يحاول الشخص إخفاءه عن الآخرين، وقال فرويد أيضاً أن الوعي صفةٌ غير ثابتةٍ فغيابها أكثر من حضورها، وهناك اختلافٌ بين الناس وبين العلماء على الربط بين اللاوعي والوعي، فكان الفلاسفة القدماء يبحثون كثيراً في هذا المجال، حتى أصبح اللاوعي يأخذ وقتاً كبيراً منهم، ولم يعطوا تلك الأهمية لدراسة الوعي، ولكن هذا لا يعني أن الوعي يفقد من قيمته المهمة، بل يبقى هو الأساس في تصرفات الإنسان والهادي له.
ما دفع بفرويد للبحث عن وسائل علاجٍ مجديةٍ هو أن التنويم المغناطيسي الذي كان يستعمله برنهايم في العلاج لم يكن ذا فعاليةٍ كبيرةٍ، وبعد تجارب عديدةٍ استطاع فرويد أن يثبت أن سبب بعض الاضطرابات والأمراض النفسية هو نشاطٌ لا شعوريٌ، وتوصل من خلال التجارب إلى أن أعراض بعض الأمراض النفسية تحدث وتختفي باستعمال الإيحاء التنويمي.
كان دليله في ذلك أنه لا يوجد سببٌ لزلات اللسان والهفوات والأحلام، وبعد ذلك توصل فرويد إلى سبب نسيان الأحداث والتجارب الشخصية وهو أن أسبابها كانت مؤلمةً للشخص، لذلك يصعب عليه تذكرها، ومن هنا جاء الإصرار على التغلب على مقاومة استرجاع تلك الذكريات، لأن الكبت وعدم القدرة على استرجاع الأحداث حتى لو كانت مؤلمةً، يجعل حالة الشخص تسوء لتظهر عليه العلامات الهستيرية، ولهذا السبب لم يعتمد فرويد التنويم المغناطيسي للعلاج، بل استخدم العلاج من خلال التكلم مع الشخص المصاب، ليس فقط لجعله يستذكر الأحداث ويخرج الرغبات المكبوتة، بل لدفع المريض لمواجهة صراعه بطريقة الوعي، ثم إزالته، وهذه الطريقة سماها فرويد بالتحليل النفسي.