ما هي عوامل انتصار المسلمين في غزوة حنين

كتابة - آخر تحديث: ١٠:٥٢ ، ٦ يناير ٢٠١٩
ما هي عوامل انتصار المسلمين في غزوة حنين

توقيت وسبب وقوع غزوة حُنين

في شهر شوال من السنة الثامنة للهجرة، أي بعد فتح مكة بوقتٍ قصير بلغ خبر للنبي -عليه السلام- مفاده أن بني سعد بن بكر من هوازن وثقيف يحضّرون لقتال النبي -عليه السلام- وأصحابه، فلمّا استيقن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الخبر، جهّز المسلمين لملاقاتهم، وقد كانوا عشرة آلاف مقاتل من المهاجرين والأنصار، وألفين من طلقاء أهل مكة، ويُذكر أنّ هوازن وثقيفاً هم أهل الطائف الذين دعاهم النبي -عليه السلام- إلى الإيمان قبل ذلك، لكنّهم قابلوه أسوأ مقابلة حينها، ثم عادوا ليحضّروا أنفسهم لقتاله مرّة أخرى. فخرج النبي -عليه السلام- بجيشه لملاقاة العدوّ، وكان اللقاء بالقرب من الطائف في وادي حُنين، ووصل الرسول عليه الصلاة والسلام وقت الظهر مكان الواقعة، لكنّ جيش العدوّ كان قد وصل قبلهم واستقرّ في أفضل مكانٍ لملاقاة المسلمين، وهم بقيادة مالك بن عوف النضري أمير الطائف. ولمّا انقضت الليلة الأولى في التجهزيات أصبح الجيشان مستعدين للالتحام، فتقابلا فجراً فانتصر جيش المسلمين أوّلاً، ثم انشغلوا بجمع شيء من الغنائم، فأقبل عليهم جيش العدوّ حتى رماهم بالنبال ففرّقهم، فتوزّع المسلمون في الأرض فارّين عن نبيّهم عليه السلام.[١][٢] وبقي النبي -عليه السلام- ثابتاً في وجه المشركين وأمر عمّه العباس أن ينادي في المسلمين، حيث كان صوته جهورياً، وذكّرهم بآيات الجهاد في سورة البقرة وغيرها، والنبي -عليه السلام- يقول: (إليَّ أيُّها النَّاسُ، هَلُمُّوا إليَّ أنا رسولُ اللهِ، أنا مُحمَّدُ بنُ عَبدِ اللهِ)،[٣] ثم دعا الله -سبحانه- أن ينجز له وعده بالنصر، ثم طلب رسول الله -عليه السلام- من عبد الله بن مسعود وقد كان بجواره أن يناوله حفنة من تراب، فناوله ابن مسعود فقذفها في وجوه المشركين فتفرّقوا وهربوا تاركين خلفهم أموالهم ونسائهم.[١][٤]


عوامل انتصار المسلمين في غزوة حُنين

تعدّدت عوامل انتصار المسلمين بعد الهزيمة يوم حنين، ويذكر من ذلك:[١]

  • ثبات النبي -صلى الله عليه وسلم- وتوجّهه بالدعاء لله تعالى أن ينصره منجزاً له وعده.
  • ثبات صحابة رسول الله -رضي الله عنهم- حوله.
  • نزول ملائكة تنصر المؤمنين وتضرب المشركين بأمر الله تعالى.
  • صنع النبي -عليه السلام- حين أخذ حفنة من تراب وقذف بها وجوه المشركين، ففرّقت بينهم بقدرة الله سبحانه، وعزّزت النصر للمسلمين.


مواقف الطلقاء يوم حُنين

تباينت مواقف من خرج مع النبي -عليه السلام- على أنّه مسلمٌ يوم حنين، فهؤلاء لم يكن يمضي على إسلامهم إلا أسبوعين أو ثلاثة، وخروجوا يقاتلون في جيش المسلمين، وقد أصابهم ما أصابهم في لحظة من اللحظات، فتباينت مواقفهم فمنهم من أقبل واثقاً بنصر الله وصدق النبي، ومنهم من وقف شامتاً ومنهم من فرّ هارباً، وفيما يأتي ذكر ذلك:[٥]

  • صرّح كلدة بن حنبل بالكفر، واتّهم النبيّ بالسحر، لكنّه عاد وأسلم وحسن إسلامه بعد ذلك.
  • وقف أبو سفيان موقف الشماتة من النبي عليه السلام يوم حنين، فلم يكن الإيمان قد استقرّ في قلبه بعد، فشمت بالنبي والمسلمين في لحظات العسر والهزيمة التي لحقت بهم، ولا شكّ أنّه قد أسلم وحسن إسلامه بعد ذلك.
  • لم يكتف شيبة بن عثمان بإعلان كفره يوم حنين بعد إسلامه، ولكنّه حاول قتل النبي -عليه السلام- أيضاً لولا منْع الله -تعالى- له، لكن حسن إسلامه بعد ذلك.
  • كان الإيمان واليقين ظاهراً بالله -تعالى وبنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- عند عكرمة بن أبي جهل، وذلك رغم أنّه لم يعلن إسلامه إلا منذ وقت قصير، لكنّه حين سأله سهيل بن عمرو عن هذا الثبات أجابه عكرمة: يا أبا يزيد، إنا كنا على غير شيء، وعقولنا ذاهبة، نعبد حجراً لا يضر ولا ينفع.


دروس وعبر من يوم حُنين

من ينظر في غزوة حنين يستخلص منها العديد من العبر والدروس، فمن العبر المستفادة من غزوة حنين يُذكر ما يأتي:[١]

  • التأكيد من الله -تعالى- لعباده أنّ النصر ليس مقروناً بالعدد والعدّة، فإنّ المؤمنين اغترّوا في البداية بعددهم ظانّين أنّ النصر حليفهم بسبب عددهم، فنبّههم الله إلى تلك الحقيقة، وأكّد لهم أنّ النصر مقترنٌ باللجوء إلى الله والاهتداء بهديه.
  • تذكير المسلمين أنّه بقدر تعلّق نفوسهم في الدنيا وملذّاتها، وبالغنائم والرغبة فيها يكون الخسران المبين، وأنّ ما يحقق الربح العظيم للإنسان هو الاعتزاز بالدين والأخلاق وحسب. وهذا يفسّر تعرّض المسلمين للهزيمة أوّلاً، ثم استحقاقهم للنصر في النهاية.
  • اليقين بأنّ القلوب بيد الله -سبحانه- يقلّبها كيف يشاء، فقد يقلب من هداية إلى ضلال أو العكس، وقد ظهر هذا جليّاً في غزوة حنين بين من التحقوا في صفوف المسلمين.
  • قد يكون ظهور بعض الخوارق للعادات للكفار إن استحقوا ذلك على المسلمين.
  • إنكار الإسلام لمحاباة شخص قويّ لقوّته أو إنكار حق ضعيف بسبب ضعفه. وفي هذه العبرة قصّة قد حصلت مفادها أن رجلأ مسلماً يدعى أبا قتادة قتل رجلاً مشركاً بعد عدة مواجهاتٍ بينهما، لكنّه انشغل بالقتال حتّى جاء خالد رضي الله عنه، واغتنم غنيمة الرجل الذي قتله أبو قتادة، وبعد المعركة نادى النبي عليه السلام في الناس أنّ من قتل قتيلاً له بيّنة بذلك كانت الغنيمة من حقّه، فأُخذت الغنيمة من خالد -رضي الله عنه- ورُدّت إلى أبي قتادة، وقد كانت نفيسة وقد اشترى بها أبو قتادة بعد ذلك بستاناً في المدينة.


المراجع

  1. ^ أ ب ت ث "غزوة حنين"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-28. بتصرّف.
  2. "غزوة حنين ووقوف هوازن وثقيف في وجه المسلمين "، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-29. بتصرّف.
  3. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 15027 ، إسناده حسن.
  4. "غزوة حنين 1"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-28. بتصرّف.
  5. "غزوة حنين (1- 2)"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-29. بتصرّف.
1,214 مشاهدة