سورة يس
تعتبر سورة يس من سور القرآن العظيمة الّتي أنزلت على النّبي عليه الصّلاة والسّلام في الفترة المكيّة، وقد اشتملت كسائر السّور المكّيّة على مسائل العقيدة التي تتضمّن التّأكيد على توحيد الألوهية وتوحيد الرّبوبيّة، ومسائل البعث والجزاء وضرب الأمثال بالرّسل السّابقين للتّخفيف عن قلب النّبي عليه الصّلاة والسّلام وتثبيته على دعوته.
فضل سورة يس
ورد ذكر عددٍ من الآثار في فضل هذه السّورة العظيمة، والحقيقة أنّه لم يصح أي حديث عن الرّسول عليه الصّلاة والسّلام في فضل سورة يس على التّعيين، وممّا شاع عن فضلها أنّه من يقرؤها لقضاء حاجةٍ بنيّةٍ صادقة تقضى حاجته وتفرّج كربته، وكذلك أنّ من قرأها في ليلةٍ أصبح مغفوراً له، أو من قرأها وداوم على قراءتها ثمّ مات نال الشّهادة، أو ما ورد في كونها قلب القرآن وأنّ من قرأها فكأنّما قرأ القرآن الكريم عشر مرات، وكلّ تلك الآثار وكما أسلفنا لا يصحّ منها شيء.
قد أورد الإمام ابن كثير في تفسير القرآن العظيم رواية عن عددٍ من العلماء في فضل سورة يس في قضاء الحاجات والأثر العجيب لها في ذلك، إلاّ أنّه يجب أن يُعلم أن ما ورد في السّنّة النّبويّة الصّحيحة لا يشير إلى تعيين سورة يس لقضاء الحاجات، وإنّما قد يتصادف تحقيق مراد الإنسان وطلبه، ويحصل تفريج كربته وهمّه إذا قرأ تلك السّورة لموافقته ساعة من ساعات الإجابة أو لذكره الله تعالى ودعائه بنيّة صادقة.
خصائص روحانيّة لآيات سورة يس
قد ورد في كتب التّفسير في شرح الآية التّاسعة من سورة يس ما يشير إلى الخاصّيّة الرّوحانيّة في هذه الآية، حيث قال تعالى: (وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ ) { يس: 9 }، ومعنى الرّوحانيّة في الآية أنّ لها آثاراًَ عجيبة في صرف أنظار من أراد كيداً بالإنسان وتغشية عيونهم وصمّ آذانهم حفظاً للعبد المسلم.
قد روي أنّ النّبي عليه الصّلاة والسّلام قد تلا هذه الآية على مسامع كفّار قريش الذين اجتمعوا على قتله فأعمى الله أبصارهم، فبعد أن ساء الكفّار ما وصلت إليه الدّعوة الإسلاميّة بإيمان كثيرٍ من النّاس بها، اجتمع نفرٌ من صناديد قريش على رأسهم أبو جهل لتبييت نيّة قتل النّبي عليه الصّلاة والسّلام في فراشه، وعندما عزموا على ذلك توجّهوا إلى بيت النّبي الكريم مترصّدين خروجه، فعلم النّبي الكريم بنيّتهم وأدرك معيّة الله تعالى له وحفظه فخرج عليهم ليضع التّراب على رؤوسهم وهو يتلو آيات الحفظ الرّباني في سورة يس حتّى نجّاه الله من كيدهم ليستكمل دعوته ورسالته.