ضمّ مجال الفن العديد من الفنانين الكبار، سواء أكانوا قد رحلوا أم لا يزالوا باقين حتى اللحظة، كما أنّ من هؤلاء الفنانون من شهد لهم عصرهم بالعديد من المساهمات الرائعة، سواء أكان في مجال الفن أو في مجالات أخرى، وعند الحديث في سياق الفن، وفي سياق الفن الأصيل، لا يمكن سوى التكلم عن الشخصيات الكبيرة في ذلك العصر، والتي من أهمها، عبد الحليم حافظ، محمد عبد الوهاب، شادية، صباح، وأم كلثوم.
محتويات
أم كلثوم
أو كما يلقبها البعض بكوكبة الشرق، وهي إحدى الفنانات التي لمع اسمها في أوساط الفن في أوساط القرن العشرين، وكانت أم كلثوم واحدة من أشهر فنانين عصرها، والتي كان يقصد الناس احتفالاتها من كل مكان من أجل الاستماع إلى أغانيها التي تؤديها، ولدت أم كلثوم في أسرة ميسورة الحال، وهي مواليد 4 مايو سنة 1908م، وذلك التاريخ حسب تأريخ المؤرخين، حيث إنّ المواليد في ذلك العصر لم يكن أحد يهتم في تسجيل تواريخ الميلاد الخاصة بهم، ولم يكن هناك ما يعرف بشهادات الميلاد.
نشأت أم كلثوم وترعرعت في أوساط أحياء نائية، والدها كان يعمل مؤذن في قرية طماي الزهارية، ووالدها يسمى إبراهيم البلتاجي، وقد كانت أم كلثوم في صغرها تهتم بحفظ القصائد، والموشحات، هي وأخيها خالد، وبعد أن وصلت أم كلثوم إلى سن العاشرة بدأت بالغناء أمام عامة الناس في الاحتفالات والمهرجانات في بيت شيخ البلد.
مسيرتها الفنية
مرّت فترة غناء أم كلثوم بالكثير من المراحل إلى أن وصلت إلى الشهرة والفن، وكانت مراحل مرور أم كلثوم في عالم الفن بمثابة تجارب لها تعلمت منها الكثير على حسب تصريحاتها للصحافة المصرية، كما أنّها استمتعت كثيراً بالغناء أمام الجمهور، وبالغناء باسم الشعب المصري.
كانت بداية أم كلثوم بداية بسيطة جداً، فقد كانت تغني أمام أهل القرية في بيت شيخ البلد، وكان ذلك في أثناء فترة الأعياد والمراسم الدينية أو الوطنية، وكان صيت أم كلثوم يلمع في ذلك الحين، وكان الهدف الأساسي من غناء أم كلثوم في ذلك الحين، هو الحصول على القليل من الأموال مقابل غنائها، الأمر الذي كان من شأنه أن يحسّن الدخل الأسري، ولكن مع مرور الأيام أصبح الدخل الأساسي لعائلة إبراهيم البلتاجي هو غناء أم كلثوم.
كانت أهم وأول درجة على درجات سلم النجاح لأم كلثوم هي اللحظة التي تمكن فيها الشيخان زكريا أحمد، وأبو العلا محمد من إقناع والد أم كلثوم بسفر أم كلثوم معهما إلى القاهرة من أجل الغناء في احتفال ليلة الإسراء والمعراج في قصر عز الدين، وفي ذلك اليوم أعجبت بها زوجة باشا القصر كثيراً، وقد أهدتها خاتماً ذهبياً، كما أنّها تمكنت من الحصول على أجر مقابل غنائها ما يقارب ال 3 جنيهات، ومن ثم اتجهت أم كلثوم إلى الاستقرار في القاهرة بشكل نهائي وكان ذلك في عام 1921م، وبدأت تغني في حفلات كبار القوم، كما أنّها تمكنت من الغناء أمام الكثير من الشخصيات المهمة في البلد في تلك الفترة، وقد تمكنت من حضور أكبر الحفلات لأكبر المطربين في ذلك العصر.
وبدأت أم كلثوم بالتعرف على أشهر الملحنين والمنتجين المتعطشين للفن والفنانين، كما أنّهم وجدوا في أم كلثوم ضالتهم التي كانوا يبحثون عنها منذ فترة طويلة، وكان من أمثال أولئك الأشخاص، محمد القصبجي، وأحمد رامي.
أول فرقة موسيقية بقيادة أم كلثوم
عندما رأى محمد القصبجي أم كلثوم لأول مرة في الحفل الغنائي، كان ذلك الأمر بداية التفكير من قبل القصبجي في تجهيز أم كلثوم لدخول عالم الفن، فتمكن من أن يقوم بعمل فرقة موسيقية مكونة من مجموعة من الموسيقيين المعميين، ولكن سرعان ما تم شن هجوم على هذه الفرقة من قبل روز اليوسف.
بدأت أم كلثوم تتغير شيئاً فشيئاً، فأصبحت تغير من طريقة ارتدائها للملابس، فأصبحت ترتدي ملابس مثل الآنسات في تلك الفترة، وقامت بترك اللباس الريفي الذي كانت ترتديه، وبدأت تنج مختلف الأغاني في الكثير من الأشكال والأنماط.
بزوغ نجمها
بدت أم كلثوم بغناء مونولوج (إن كنت أسامح وأنسى الأسية)، وكانت هذه أسطوانتها الأولى، والتي لاقت نجاحاً كبيراً، وكان لها إقبال شديد من معجبيها، وحقّقت أعلى نسبة مبيعات في ذلك العصر، وكان هذا الأمر بمثابة دفعة لأم كلثوم والملحنين في إكمال المسيرة الفنية.
زواج أم كلثوم
تزوّجت الفنانة أم كلثوم من حسن السيد الحفناوي الذي كان واحداً من الفريق الطبي الذي أشرف على علاجها أثناء فترة مرضها، كما أنّ زواجها استمر للنهاية، إلى أن توفيت في عام 1975م، وكان زواجاً ناجحاً جداً.
مرض أم كلثوم
بدأت أم كلثوم تعاني من بعض الأمور الصحية التي كانت سبباً في إلغاء الكثير من المهرجانات الفنية التي كان من المفروض أن يتم عقدها، وبدأت تعاني من مشاكل صحية كبيرة، كما أنّها بدأت ترتدي النظارة السوداء على عينيها والتي اعتدنا أن نراها ترتديها في ذلك الحين، وكان المرض الذي تعاني منه أم كلثوم هو مرض في الغدة الدرقية، والتي أثرت على عينيها وسببت حدوث جحوظ في عينيها، الأمر الذي دفعها إلى أن تخفي عينيها بالنظارة السوداء، كما أنّ مرضها تسبب في إيقاف تمثيلها في الأنشطة التمثيلية التي كانت تقوم بها.
وفاة أم كلثوم
كانت أم كلثوم تجهز نفسها من أجل غناء (أوقاتي بتحلو معاك.... وحياتي بتكمل برضاك) ولكن لم تتمكن أم كلثوم من تأديتها وذلك بسبب المرض المفاجئ الذي حل بها، أثناء تلك الفترة، فقد أصيبت بمرض التهاب الكلى، الذي تمكن منها بشكل كامل، وقامت أم كلثوم بالسفر إلى لندن من أجل الحصول على العلاج، وكانت أيضاً تعد نفسها من أجل تأدية أغنية لنصر أكتوبر من تأليف صالح جدوت، وقام رياض السنباطي بتلحينها، ولكن لم تتمكن أم كلثوم من غنائها، لأنها توفيت قبل تأدية الأغنية.
بدأت الصحف تكتب عن مرض أم كلثوم، والذي ترك أثراً في نفوس جميع المصريين، كما أنّ الناس والمعجبين بدأوا بالتوافد إلى المستشفى من أجل التبرع لأم كلثوم بالدم، من أجل إكمال العلاج، ولكن انتهى صراعها مع المرض، خرج المذيعون ليعلنوا للناس خبر وفاة أم كلثوم، والذي كان خبراً صادماً ومفاجئاً للعديد من المعجبين، كما أنّ رحيلها ترك فجوة كبير في عالم الفن والطرب الأصيل، وكانت جنازة أم كلثوم أمراً هائلاً جداً، فلم يتبقى أحد في بيته إلا وخرج في الجنازة، وحملت جنازة أم كلثوم تصنيفاً من بين أكبر ثماني جنازات في العالم.
ولا تزال شعبية أم كلثوم قائمة حتى يومنا هذا، حيث إنّ أغانيها لا تزال تسمع من قبل العديد من الأشخاص بمختلف الأعمار، كما أنّ أم كلثوم واحدة من أشهر الفنانين الذين لا يزال صدى صوتهم يملأ العالم العربي بشكل كبير.