محتويات
النّوافل
يسعى المسّلم في حياته إلى نيل رضى الله تعالى، باستغلال الأوقات التي تُضاعف فيها الأجور؛ لزيادة الطّاعات، والمؤمن لا يكتفي بالفرائض التي فرضها الله تعالى، وإنّما يزيد عليها النّوافل من العبادات في الأوقات المسّنونة؛ مثل: قيام الليل، وصلاة الضحى، وصيام الأيّام البِيض؛ لحثّ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- على صيامها، وقد رفع الله -تعالى- مكانة المسّلم الذي يتقرّب إليه بالنّوافل، وقد رتّب عليها أجراً عظيماً، وورد في الحديث القدسيّ: (وما يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنَّوافلِ حتَّى أُحبَّه، فإذا أحببتُه: كنتُ سمعَه الَّذي يسمَعُ به، وبصرَه الَّذي يُبصِرُ به، ويدَه الَّتي يبطِشُ بها، ورِجلَه الَّتي يمشي بها، وإن سألني لأُعطينَّه، ولئن استعاذني لأُعيذنَّه)،[١]فما هي الأيّام البِيض التي حثّ على صيامها الرّسول صلّى الله عليه وسلّم؟
الأيّام البِيض
إنّ صيام الأيّام البِيض من النّوافل التي يتقرّب بها المسّلم إلى الله تعالى، وهي أيّام معيّنة من كلّ شهر، وورد في فَضْلها عدّة أحاديث، وفيما يأتي بيان ذلك:[٢][٣]
تعريف الأيّام البِيض
الأيّام البِيض هي أيّام الثّالث عشر والرّابع عشر والخامس عشر من كلّ شهرٍ هجريّ، وحينئذٍ يكون القمر بدراً، وسُمّيت بالأيّام البِيض لأنّ لياليها تكون بيضاء بسبب نور القمر حين يكتمل، وتسمّى أيضاً بالأيّام الغرّ.
أدلّة صيام الأيّام البِيض
وردت عدّة أحاديث من السّنة النبويّة تدلّ على فَضْل الأيّام البِيض، منها:
- روى ابن عبّاس -رضي الله عنه- عن الرّسول محمّد صلّى الله عليه وسلّم: (كان لا يدعُ صومَ أيَّامِ البيضِ، في سفَرٍ ولا حضرٍ).[٤]
- قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (إن كنتَ صائماً فعَليك بالغُرِّ البِيضِ: ثَلاثَ عشرةَ، وأربعَ عشرةَ، وخمسَ عشرةَ).[٥]
- أوصى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الصّحابة -رضي الله عنهم- بصيام الأيّام البِيض، فقال واصفاً صيامها: (هي صيامُ الدَّهرِ).[٦]
الحِكمة من صيام الأيّام البِيض
سنّ الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- الصِّيام في منتصف الشّهر الهجريّ لعدّة حِكم، منها:[٧]
- التخلّص من أمراض القلب وأدرانه؛ حيث قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (ألا أخبرُكم بما يُذهِبُ وَحَرَ الصَّدرِ؛ قال: صومُ ثلاثةِ أيَّامٍ من كلِّ شهرٍ).[٨]
- مضاعفة الحسنات ومباركتها؛ حيث إنّ الحسنة بعشر أمثالها، فصيام ثلاثة أيّام من كلّ شهر كصيام الدّهر.
- كسر الشّهوة وصَون الفرج؛ فأوصى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الشّباب بالصّيام عند عدم القدرة على الزواج.
- المحافظة على صحّة الجسم، حيث إنّ صيام الأيّام البِيض يساعد الجسم في التخلّص من الفضلات والسّوائل.
الصِّيام المسّنون
أوصى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بصِيام التطوّع في عدّة أوقات من أوقات السّنة، منها:[٢]
- صيام ستّة أيّام من شهر شوّال؛ حيث قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (مَنْ صامَ رمضانَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ ستّاً مِنْ شوَّالٍ، كانَ كصيامِ الدَّهْرِ).[٩]
- صيام أيّام من شهر مُحرّم؛ فقد ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ أفضل الصّيام بعد شهر رمضان هو صيام شهر مُحرّم.
- صيام يوم عرفة؛ حيث ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ صيام يوم عرفة يكفّر ذنوب سنة فائتة وسنة قادمة.
- صيام يوم عاشوراء؛ فقد ورد أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- صامه، وقال أنّه يكفر ذنوب سنة سابقة، وقد صامه النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- شُكراً لله تعالى؛ لأنّه اليوم الذي نجّى فيه الله -تعالى- موسى -عليه السّلام- من فرعون، ثمّ نوى أن يصوم في العام التالي التّاسع والعاشر من شهر مُحرّم؛ ليخالف اليهود بصيامهم، لكنّه توفّي قبل أن يُدرك ذلك.
- صيام يوميّ الاثنين والخميس؛ فقد ورد عن عائشة أمّ المؤمنين أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- كان يصوم الاثنين والخميس؛ لأنّ الأعمال تُعرض على الله -تعالى- فيهما.
- صيام أوّل تسعة أيّام من شهر ذي الحِجّة، فهي من أحبّ الأيّام إلى الله تعالى؛ حيث ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (ما مِن أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيها أحبُّ إلى اللَّهِ من هذِهِ الأيَّام يعني أيَّامَ العشرِ، قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ؟ قالَ: ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ، إلَّا رَجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالِهِ، فلم يرجِعْ من ذلِكَ بشيءٍ).[١٠]
- صيام بعض أيّام من شهر شعبان؛ فقد ورد أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- كان يصوم أيّاماً كثيرةً من شهر شعبان، وروت أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (كانَ يصومُ حتَّى نَقولَ: قد صامَ، ويفطرُ حتَّى نقولَ قد أفطرَ، ولم يَكُن يصومُ شَهْراً، أَكْثرَ من شعبانَ كانَ يصومُ شعبانَ إلَّا قليلاً، كانَ يصومُ شعبانَ كُلَّهُ)،[١١] ويُستحسن الصِّيام في النّصف الأوّل من شهر شعبان؛ حتّى لا يتّصل صيام شهر شعبان بصيام شهر رمضان المبارك.
مستحبّات ومُحرّمات الصّيام
حثّت النّصوص الشرعيّة على عدّة أمور مستحبّة للصّائم وتزيد من أجره، وهناك أمور أخرى مكروه للصّائم، وفيما يأتي بيان بعضها:[١٢]
مستحبّات الصّيام
- السّحور؛ وهو أن يأكل المسّلم الذي يريد الصّيام بعض اللقيمات التي تُعينه على صيام النّهار، وسكون السّحور قبل الفجر، ويستحبّ تأخيره قدر الإمكان.
- تعجيل الإفطار إذا أيقن المسّلم الصّائم أنّ وقت الإفطار حلّ.
- حفظ اللسان عن الغيبة وعن كثرة اللغو.
- الإفطار على تمر وماء.
- الدّعاء عند الإفطار.
مُحرّمات الصِّيام
- الغيبة والنّميمة، والفحش في القول.
- إيذاء النّاس بالقول أو بالعمل.
- الكذب.
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6502، صحيح.
- ^ أ ب "صوم التطوع من تمام المنة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-9. بتصرّف.
- ↑ "الصيام المستحب (صيام التطوع)"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-9. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبد الله بن عبّاس، الصفحة أو الرقم: 4848، صحيح.
- ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن أبي ذر الغفاريّ، الصفحة أو الرقم: 2661، صحيح.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن المنهال بن ملحان، الصفحة أو الرقم: 3651، أخرجه في صحيحه.
- ↑ "الحكمة من صيام ثلاثة أيام في الشهر"، www.fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-9. بتصرّف.
- ↑ رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن رجل من الصحابة، الصفحة أو الرقم: 2\135، إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي أيوب الأنصاري، الصفحة أو الرقم: 1164، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2438، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2178، صحيح.
- ↑ "مختصر أحكام الصيام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-9. بتصرّف.