الإسراء والمعراج
الإسراء والمعراج معجزتا الرَّسول محمد صلى الله عليه وسلم المقترنتين بعضهما ببعضٍ ضِمن مجموعةٍ كبيرةٍ من معجزاته؛ ولتأكيد عظمة هذه المعجزة سُمّيت إحدى سُور القرآن الكريم بسُورة الإسراء. قال تعالى:" سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ"؛ فالإسراء في اللُّغة من الفعل سَرَى أي سار في اللَّيل، أمّا شرعًا هو توجه النّبي صلى الله عليه وسلم من مكّة المُكرّمة إلى بيت المقدس في فلسطين ليلًا.
المعراج في اللُّغة من الفعل عَرَجَ أي ارتقى إلى الأعلى وارتفع، وفي الشَّرع هي الرِّحلة التي قام بها النّبي صلى الله عليه وسلم من الأرض-بيت المقدس- إلى العالم العلويّ-السَّماوات-، وفي الرِّحلتيّن كان انتقال الرَّسول صلى الله عليه وسلم انتقالًا فعليًّا بجسده وروحه.
ذكرى الإسراء والمعراج
اختلف علماء الدِّين والرُّواة والمؤرّخين في تحديد السَّنة التي كانت فيها حادثة الإسراء والمِعراج؛ فإحدى الأقوال أنّها كانت في نفس سنة البِعثة، وقولٌ آخر إنّها كانت في السَّنة الخامسة من البِعثة، وقول ثالثٌ في السَّابع عشر من شهر رمضان سنة اثنتي عشر للنُّبوة، ورابعٌ يقول إنّها كانت في السَّابع عشر من ربيعٍ الأول سنة ثلاث عشرة للنُّبوة، وقولٌ خامسٌ وهو المعتمد لدى المسلمين في معظم الدُّول الإسلاميّة في عصرنا، وعادةً ما يكون يوم عُطلةٍ رسميّةٍ في غالبيّة الدُّول الإسلاميّة، ويُعرف بذكرى الإسراء والمعراج وكان في السَّابع والعشرين من شهر رجبٍ في السَّنة العاشرة للنُّبوة.
قصّة الإسراء والمعراج
كان النّبي صلى الله عليه وسلم جالسًا في المسجد الحرام؛ فجاءه جبريلٌ عليه السَّلام على دابةٍ تُسمى البُراق، فركب النّبي صلى الله عليه وسلم معه حتى أتيا إلى بيت المقدس ودخل المسجد وصلّى ركعتيّن كان فيهما إمامًا لكافّة الأنبياء عليهم السَّلام، ثُمّ جاء جبريلٌ للنّبي صلى الله عليه وسلم بإنائين أحدهما يحوي اللَّبن والآخر يحوي الخمر؛ فاختار عليه السَّلام إناء اللَّبن.
وبعد ذلك ومن بيت المقدس عَرج جبريل بالنّبي صلى الله عليه وسلم إلى السَّماوات السَّبع بالتَّدريج، وفي السَّماء الدُّنيا رأى آدم عليه السَّلام، وفي الثَّانية رأى يحيى بن زكريا، وعيسى بن مريم عليهما السَّلام، وفي الثَّالثة رأى يوسف عليه السَّلام، ورأى إدريس عليه السَّلام في السَّماء الرَّابعة، وهارون بن عمران رآه في الخامسة، وفي السَّادسة رأى موسى عليه السَّلام، وفي السَّابعة رأى إبراهيم عليه السَّلام، وجميعهم كان النَّبي صلى الله عليه وسلم يُلقي عليهم التَّحية؛ فيردّون عليه التَّحية ويرحبون به ويشهدون له بالنُّبوة والرِّسالة.
بعد انتهاء رحلته عاد الرَّسول صلى الله عليه وسلم في نفس اللَّيلة إلى مكّة المكرمة، وفي الصَّباح أخبر القوم برحلته وبالّذي شاهده فيها؛ فكذّبوه وسخروا منه ومن قوله وذهبوا إلى أبي بكر الصِّديق رضي الله عنه ليخبروه الخبر فقال: إنْ كان قال ذلك فقد صَدَق، لذلك سُميّ بالصِدّيق لتصديقه الرَّسول صلى الله عليه وسلم بحادثة الإسراء والمِعراج في حين كذّبه الجميع.
وفي صباح ليلة الإسراء والمِعراج نزل جبريلٌ عليه السَّلام على النّبي صلى الله عليه وسلم مُعلِّمًا إيّاه كيفية أداء الصَّلاة وعددها خمس صلواتٍ مفروضةٍ في اليوم واللَّيلة، وكانت قبل حادثة الإسراء ركعتيّن اثنتين صباحًا ومثلهما مساءً.