محتويات
مدينة جرش
تقع مدينة جرش الأردنية إلى الشمال من العاصمة عمان بمسافة تقدر بنحو 48كم، وتحظى المدينة بموقع استراتيجي في قلب وادٍ مخضرٍّ تنساب فيه المياه، وترتفع عن مستوى سطح البحر بنحو 600م تقريباً.
تشترك جرش بحدود داخلية مع محافظة إربد من الشمال، ومن الغرب مع محافظة عجلون، أما حدودها من الشرق فتحدها محافظة المفرق، كما تحدها كل من محافظة العاصمة والبلقاء والزرقاء من الجهة الجنوبية، وتمتد مساحتها إلى أكثر من 402 كم².
تشير إحصائيات التعداد السكاني إلى أنّ عدد سكان جرش قد تجاوز 237.000 نسمة تقريباً، بكثافة سكانية قدرت بنحو 379 نسمة/كم²، وتحتضن جرش بين ربوعها عدداً من المخيمات؛ من بينها مخيم سوف، والذي يبلغ عدد سكانه نحو 9500 نسمة، ومخيم جرش.
الطبوغرافيا
تتأثر جرش بمناخ البحر الأبيض المتوسط، حيث يتراوح ما بين بارد إلى معتدل نسبياً في فصل الشتاء، ويكون صيفها حاراً، وبالرغم من ذلك إلا أنها تعتبر واحدة من المناطق الأكثر اعتدالاً مناخياً في الأردن، كما أنها تشهد ثلوجاً سنوية؛ نظراً لإحاطتها بالمرتفعات الجبلية الشاهقة؛ كثغرة عصفور.
أما فيما يتعلق بطبيعتها الخضراء، فتعتبر المنطقة من أكثر المناطق الأردنية ثراءً بالزراعة، حيث تشتهر بزراعة الزيتون، وخاصة الزيتون الروماني منه، ونظراً لانتشاره فيها تنتشر المعاصر التقليدية والحديثة، كما تنمو فيها الفاكهة والحبوب.
جغرافياً، تعتبر جرش منطقة جبلية تتخللها الغابات، وخاصة في الأجزاء الغربية منها، فتشغل غابات دبين وساكب حيزاً كبيراً هناك، ويتوافد إليها الأردنيون من مختلف المحافظات؛ للتمتع بالطبيعة الخلابة التي تمتاز بها، ويذكر بأنّ هذه المناطق تحتوي على نباتات نادرة؛ كالأوركيد، وأشجار معمرة وتاريخية.
تاريخ المدينة
يعود تاريخ إنشاء جرش إلى القرن الرابع قبل الميلاد في عهد الإسكندر الأكبر؛ وكانت حينها تحمل اسم (جراسا)، ومع قدوم بني كنعان حُرِّف اسمها لتصبح جرشو، ويشار تاريخياً إلى أنّ مدينة جرش عاشت عصراً ذهبياً خلال فترة حكم الدولة الرومانية لها، حتى أصبحت المدينة رمزاً يقترن ذكره بالحكم الروماني، وخير مثال على وجوده في الأردن عبر التاريخ.
لا بد من التنويه إلى أنّ جرش واحدة من مدن الديكابوليس أو المعروف باتحاد المدن العشر، الذي قام على يد القائد الروماني بومبي في السنة الثالثة والستين قبل الميلاد، وجاء ذلك خلال فترة حكم الروم لبلاد الشام، وما أكسبها أهمية بالغة في هذا الاتحاد هو موقعها الجغرافي عند التقاء طرق القوافل، فأصبحت بفضل ذلك مركزاً تجارياً مزدهراً.
عاصرت جرش عدداً من العصور، بدءاً من مرحلة الإنشاء في العصر اليوناني، وانتقالاً إلى الكنعاني، ثم الحكم الروماني عام 350م، ومع مجيء عام 635م عاشت المنطقة في ظل الحكم الإسلامي بعد أن فتحتها الجيوش الإسلامية بقيادة شرحبيل بن حسنة رضي الله عنه، وأخيراً في عهد المملكة الأردنية الهاشمية.
مهرجان جرش
يعرف مهرجان جرش رسمياً بمهرجان جرش للثقافة والفنون، وتفتح مدينة جرش أبوابها سنوياً للزوار من مختلف أنحاء العالم لمشاهدة المهرجان الذي يقام في مسرحيها الشمالي والجنوبي، ويرجع تاريخ تأسيسه إلى عام 1983م بمبادرة من جلالة الملكة نور الحسين، ويستقطب المهرجان عروضاً فلكلورية راقصة من مختلف أنحاء العالم؛ بالإضافة إلى الأمسيات الموسيقية وعروض الأوبرا.
وقع الاختيار على مدينة جرش لتكون مدينة الثقافة الأردنية لعام 2015م، وجاء ذلك ضمن مبادرة وزارة الثقافة (مشروع مدن الثقافة الأردنية) الذي أطلقته الوزارة في عام 2007م، وحازت المدينة على اللقب؛ نظراً لما تضمه بين ثناياها من زخم في البنية التحتية الثقافية، حيث تقام المسارح والفعاليات الثقافية فيها.
أهمية جرش
تحتل مدينة جرش مكانة سياحية مهمة على مستوى الأردن، حيث تأتي في المرتبة الثانية ضمن قائمة أفضل الأماكن المحببة للزيارة بعد المدينة الوردية البتراء، وتتخذ المدينة طابعاً يونانياً رومانياً، تمتزج فيها الحضارات التي قامت فوق أراضيها، بالإضافة إلى أنها لا تغفل الطرف عن الطابعين الشرقي والغربي في الوقت ذاته.
الطراز المعماري
الهندسة المعمارية لمدينة جرش تعطي الزائر طابعاً حقيقياً حول ديانتها ولغتها التي عاصرتها على مر التاريخ، وكما تنقله إلى العالم الروماني اليوناني من خلال الاندماج الثقافي لهاتين الإمبراطوريتين، ومن أهم آثار جرش:
آثار جرش
- المسرح الجنوبي: هو مسرح روماني يعود تاريخ تشييده إلى نهايات القرن الأول الميلادي، ويتسع المدرج الروماني الخاص به لأكثر من خمسة آلاف متفرج، ويشار إلى أن هذا المسرح كان مخصصاً لإجراء المبارزات، ومصارعة الحيوانات المفترسة. يعتبر المسرح الجنوبي من أكثر المسارح الرومانية ضخامة في جرش، ويمتاز بتصميم يتماشى مع النظام الصوتي من مختلف زواياه، وما زال قائماً حتى وقتنا هذا، ويستخدم لإقامة المناسبات الثقافية والفنية؛ ومن أهمها مهرجان جرش.
- المسرح الشمالي: يرجع تاريخ بنائه إلى عام 165م، ويمكن استضافة ما بين 1500-3000 متفرج فيه، وتقام عليه مسرحيات وحفلات غنائية منبثقة عن مهرجان جرش للثقافة والفنون.
- سبيل الحوريات: يعرف أيضاً باسم سبيل نمفيوم، ويرجع تاريخ تشييده إلى التسعينات من القرن الثاني الميلادي، وهو مكان يحتضن عدداً من النوافير المائية التي أقيمت خصيصاً لحوريات الماء، كما يضم أيضاً حوضاً رخامياً فخماً يتألف من طابقين تكسوه الزخارف والزينة.
- البوابة الجنوبية: تعرف باسم بوابة فيلادلفيا، شيدت هذه البوابة خلال فترة الحروب التي شنها الروم في القرن الثاني الميلادي، ودمرت عن بكرة أبيها في عام 268م.
- شارع الأعمدة: يعتبر الأكثر شهرة بين آثار مدينة جرش، وهو عبارة عن شارع طويل يمتد لأكثر من 800م تقريباً في قلب المدينة الأثرية.
- المدرج الشمالي: يحظى بأهمية بالغة في الجزء الشمالي من المدينة الأثرية، ويعود تاريخ بنائه إلى عام 165م.
- معبد أرتميس: شيد هذا المعبد في القرن الثاني الميلادي ليكون بمثابة معبد للآلهة الحارسة للمدينة، وهو واحد من أكثر المعالم التاريخية فخراً في المنطقة.
- الهيبودروم: هو ملعب للخيل وحلبة لاستعراض السيرك الروماني، ويشغل حيزاً في قلب المنطقة الأثرية في جرش، ويتخذ شكلاً يشبه حرف U بالإنجليزية؛ حيث يتألف من جدارين ومدرجات ترتفع فوق أقبية من ثلاثة اتجاهات.
- ساحة الندوة: وهي مكان عام ذو شكل بيضاوي، يشغل حيزاً في وسط المدينة الرومانية، ويعتبر بمثابة سوق للمدينة القديمة؛ كما يتجمع فيه رجال السياسة لإجراء المناقشات السياسية.
- الكاتدرائية: لها بوابة ضخمة مصنوعة من الحجر، وتكتسي بالصور المنحوتة؛ وهي بذلك تعتبر من أكثر البنايات الدينية جمالاً في المنطقة، ويرجع تاريخ بنائها إلى القرن الميلادي الثاني.
- بركتا جرش: تعتبر مركزاً لإقامة الاحتفالات الرومانية القديمة ذات العلاقة بمجيء الربيع، كما تعتبر مصدراً لإمداد المدينة بالمياه؛ حيث تتدفق المياه في قلب أسوار المدينة.
- المسجد الحميدي: نسبت تسميته إلى السلطان العثماني عبدالحميد الثاني، ويعود الفضل للشراكسة في تشييده في عام 1887م، ويستقر في موقع فريد بين الآثار الرومانية العريقة.
- المسجد الأموي في جرش: يقع عند نقطة التقاء الشارع الرئيسي الكاردو مع الشارع الفرعي الديكمانوس، ويشير التاريخ إلى أنه شُيِّد في القرن الثامن الميلادي.
- مقام النبي هود: يتربع مقام نبي الله هود فوق قمة جبلية قائمة في الجزء الشرقي من مدينة جرش الأثرية، ويتألف المقام من غرفة تمتد مساحتها إلى 16م، وبنيت فوق مساحة تمتد إلى 160م تقريباً، وفي الجهة الشرقية من المقام يوجد كهف قديم ظلامه دامس.