الصلاح
لا شكّ بأنّ كثيرًا من النّاس يسعون للوصول إلى الصّلاح؛ بحيث يشار إليهم بالبنان في المجتمع على أنّهم صالحون أتقياء، فالصّلاح هو منشد الفطرة السّليمة للإنسان وغايتها في الوصول إلى مرتبةٍ سامية في الأخلاق والتّعامل والقيم، وإنّ التّاريخ قد خلّد ذكر كثيرٍ من الشّخصيّات التي تركت أثرًا بأخلاقها ومواقفها الخيّرة النّبيلة، كما اشتملت الكتب السّماويّة على ذكر سير الأنبياء والصّالحين لكي يتأسّى بهم النّاس ويقتدوا بأخلاقهم .
كيفيّة الصلاح
جاءت الشّريعة الإسلاميّة بمنهجٍ كامل شامل في الأخلاقيّات والمثل يضمن صناعة إنسان على درجة عالية من الصّلاح، وحتّى يتحقّق ذلك على الإنسان أن يراعي ما يلي :
- أن يقيس الإنسان الصّواب والخطأ والفضيلة والرّذيلة في نفسه بمقاييس الفطرة السّليمة التي تأبي الخطأ وترفضه وتحبّ الصّواب وتطلبه، وفي الحديث الشّريف (الإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه النّاس، والبرّ حسن الخلق)، فالمعاصي والذّنوب تأباها الفطرة السّليمة وترى النفس إذا ارتكبتها خشيت من أعين الناس ونظراتهم، بينما ترى الأعمال الصّالحة والخيرات والبرّ لا يكره الإنسان أن يطلع عليها النّاس بل يحبّ ذلك لأثرها المحببّ في النفّوس، وإنّ من شأن من يراعي ذلك أن يحقّق متطلبًا من متطلّبات الصّلاح والفلاح في الدّنيا والآخرة .
- أن يحبّ الإنسان ما يؤتى إليه من الخير كما يحبّ ذلك لأخيه الإنسان، وأن لا يحسد أحدًا على خيرٍ ساقه الله إليه بل يرضى بما قسمه الله له من رزق ويسأل الله من فضله، وكذلك أن يكره الإنسان لنفسه ما يكره لغيره من النّاس .
- أن يتّسم الإنسان بصفاتٍ تعطي صاحبها سمة الصّلاح والخيريّة بين النّاس، فأن يكون الإنسان صالحًا معناه أن يتحلّى بعددٍ من الصّفات منها الصّدق والتّواضع والأمانة والرّفق وحسن الحديث وغير ذلك الكثير من الصّفات الحسنة .
- أن ينظر الإنسان في سير الأنبياء والصّالحين، وأن يسعى للاقتداء بهم في حياته وتعاملاته مع النّاس، فقد اكتملت الأخلاق في نفوس الأنبياء وبالتّالي على الإنسان الذي يبغي الصّلاح أن يقتدي بهم في ذلك.
- أن يضع الإنسان أمامه هدفاً وغاية يسعى للوصول إليها، فالمسلم بلا شك هدفه وغايته نيل رضا الله سبحانه والجنّة، وإنّ هذا الهدف لا يتأتّي ولا يدرك إلا بمجاهدة النّفس وكبح شهواتها، وكذلك باتباع سبيل الرّشد والصّلاح، وكلّ ذلك من شأنه أن يحقّق صلاح النّفس وسموّها .
- التّودّد إلى الخلق وحسن معاملتهم، فالدّين في جزءٍ كبير من توجيهاته وإرشاداته يتعلّق بجانب الأخلاق والتّعامل مع النّاس، وحتّى يكون الإنسان صالحًا عليه أن يخالق الناس بالخلق الحسن الجميل .