محتويات
العناية بالأيتام في الإسلام
اهتم القُرآن الكريم باليتيم مُنذ بدء نزوله واستمر بالتوصية به حتّى آخر نزوله، وظهر ذلك في الكثير من آياته التي تحُثّ على الاهتمام باليتيم، والمُحافظة على أمواله، والقيام بحقوقه، والإحسان إليه، وقد حذّر من إهماله وعدم رعايه حُقوقه ومصالحه.[١]
آثار كفالة اليتيم على المجتمع
لكفالة اليتيم العديد من الآثار التي تعود على المُجتمع، ومنها ما يأتي:
- كفالة اليتيم من أسباب رقّة القلب، حيث أن اليتيم يكون فاقداً للحنان والعطف فيحتاج من يعطف عليه، وقد أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّ من أسباب رقّة القلب المسح على رأس اليتيم، قال النبيّ -صلى الله عليه وسلّم-: (إنْ أردتَ أنْ يَلينَ قلبُكَ ، فأطعِمْ المسكينَ ، وامسحْ رأسَ اليتيمِ)،[٢] كما أنّ كفالة اليتيم سبب لدخول الجنّة؛ فقد قال -عليه السلام-: (أنا وكافِلُ اليَتِيمِ في الجَنَّةِ هَكَذا وقالَ بإصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ والوُسْطَى).[٣][٤]
- كفالة اليتيم تُساعد في بثّ روح المحبّة بين الناس، وتُبعد عنهم مشاعر الحقد.[٥]
- كفالة اليتيم تُساعد اليتيم على الشُعور بالأمان ومواجهة المصائب دون خوف؛ فعندما يرى اليتيتم من يهتم بأمره وشؤونه ويقوم على رعاية مصالحة بعد أن فقد أبوه؛ يجعله ذلك أكثر رضا بقضاء الله -تعالى- وقدره، ويبعده ذلك عن الخوف والفزع، ولذلك شدّد الله -تعالى- في القُرآن على المُحافظة على أمواله وعدم أخذها بغير وجه حق، قال -عزّ وجلّ-: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا).[٦][٧]
- كفالة اليتيم تجعل المُجتمع أكثر تكافلاً وإحساناً؛ فالإنسان الذي يُحسن إلى اليتيم يسوق الله -تعالى- من يُحسن إلى أبنائه من بعده.[٨]
- كفالة اليتيم من الأُمور التي أوصى بها الله -تعالى- في الكثير من آيات القُرآن الكريم؛ لما فيها من جعل اليتيم عُنصراً فعّالاً وإيجابيّاً في المُجتمع؛ لأن اليتيم الذي يواجه الذُل والقهر وعدم الاهتمام وخاصّةً بعد فقد حنان الأب يُصبح عُنصراً هدّاماً للمُجتمع بالإضافة إلى تمرده عليه‘ وذلك حال عدم كفالته وتوجيهه إلى الطريق الصحيح.[٩]
- كفالة اليتيم تُشعره بالإنصاف والإطمئنان على مُستقبله بدون خوف من الظُلم، وبالتالي يكون نافعاً لنفسه ولمُجتمعه، ويكون بعيداً عن العُقد النفسية التي قد تجعل منه لصّاً أو قاطعاً للطريق، ولذلك أرشدنا الله -تعالى- إلى ذلك بقوله: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ).[١٠][١١][١٢]
- كفالة اليتيم من السلوكيات التي حثّ عليها الإسلام لنشر المودّة والتعاون بين أفراد المُجتمع.[١٣]
فوائد وفضائل كفالة اليتيم
لكفالة اليتيم العديد من الفوائد والفضائل التي تعود على الكافل في الدُنيا والآخرة، وهي كما يأتي:
- كفالة اليتيم دليلٌ على نقاء الكافل وسلامة طِباعه، كما أنّها تعود عليه بالخير في دُنياه وآخرته.[٥]
- كفالة اليتيم سببٌ لجوار النبي -عليه الصلاة والسلام- في الجنّة؛ فالكافل يكون في الجنة بمنزلةٍ قريبة من النبي -عليه الصلاة والسلام-، فقد قال: (كافِلُ اليَتِيمِ له، أوْ لِغَيْرِهِ أنا وهو كَهاتَيْنِ في الجَنَّةِ وأَشارَ مالِكٌ بالسَّبَّابَةِ والْوُسْطَى).[١٤][١٥]
- كفالة اليتيم تعود على الكافل بالأجر العظيم من الله -تعالى-، وقد بيّن النبي -عليه الصلاة والسلام- مقدار هذا الأجر بقوله: (السَّاعِي علَى الأرْمَلَةِ والمِسْكِينِ، كالْمُجاهِدِ في سَبيلِ اللَّهِ، أوِ القائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهارَ).[١٦][١٧]
- كفالة اليتيم سبب من أسباب تفريج الكروب للشخص الكافل، فقد جاء رجل إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- يشكو قسوة قلبه، فأرشده بقوله: (أَدْنِ اليَتيمَ مِنكَ، وأَلطِفْهُ، وَامسحْ بِرأسِهِ، وَأطعِمْه مِن طَعامِك؛ فإنَّ ذلكَ يُليِّنُ قلبَكَ، ويُدرِكُ حاجَتَك).[١٨][١٩]
المراجع
- ↑ إبراهيم القطان، تيسير التفسير، صفحة 263، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1410 ، حسن.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم: 6005 ، صحيح.
- ↑ عدد من المختصين بإشراف الشيخ/ صالح بن عبد الله بن حميد إمام وخطيب الحرم المكي، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم (الطبعة الرابعة)، جدة: دار الوسيلة للنشر والتوزيع، صفحة 3248، جزء 8. بتصرّف.
- ^ أ ب عدد من المختصين بإشراف الشيخ/ صالح بن عبد الله بن حميد إمام وخطيب الحرم المكي، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم (الطبعة الرابعة)، جدة: دار الوسيلة للنشر والتوزيع، صفحة 3264، جزء 8. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 10.
- ↑ محمد متولي الشعراوي (1997)، تفسير الشعراوي - الخواطر، مصر: مطابع أخبار اليوم، صفحة 2021-2022، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (1995)، أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، بيروت - لبنان: دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع، صفحة 569، جزء 8. بتصرّف.
- ↑ محمد بن أحمد بن مصطفى بن أحمد المعروف بأبي زهرة، زهرة التفاسير ، مصر: دار الفكر العربي، صفحة 522، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 220.
- ↑ عدد من المختصين بإشراف الشيخ/ صالح بن عبد الله بن حميد إمام وخطيب الحرم المكي، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم (الطبعة الرابعة)، جدة: دار الوسيلة للنشر والتوزيع، صفحة 597، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من العلماء بإشراف مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر (1993)، التفسير الوسيط للقرآن الكريم (الطبعة الأولى)، مصر: الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية ، صفحة 269، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سليمان بن حمد العودة (2013)، شعاع من المحراب (الطبعة الثانية)، الرياض- السعودية: دار المغني للنشر والتوزيع، صفحة 53، جزء 10. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم: 2983، صحيح.
- ↑ عمر بن سليمان بن عبد الله الأشقر (1998)، الجنة والنار (الطبعة السابعة )، الأردن: دار النفائس للنشر والتوزيع، صفحة 163. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم: 5353، صحيح.
- ↑ حسين شعبان وهدان (25-6-2009)، "حقوق اليتامى في الإسلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 5-7-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبو الدرداء ، الصفحة أو الرقم: 250، حسن.
- ↑ أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران الأصبهاني (1409هـ)، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ، بيروت: دار الكتب العلمية ، صفحة 214، جزء 1. بتصرّف.