الأمم والفنون
لطالما اعتبرت الفنون جزءاً أصيلاً من الهوية، وعنصراً من عناصر التميز لدى الأمم، فالفن بكل ما تحتويه هذه الكلمة من تفرعات يستطيع أن يعكس مدى رقي الأمة، وتطورها، ووصولها إلى قمة الإبداع، إذا ما التزم بالابتعاد عن الابتذال، وإذا حافظ على نفسه من التحول إلى وسيلة رخيصة لإثارة الشهوات، والغرائز لدى الجمهور.
اهتمت الحضارة العربية الإسلامية كثيراً بهذا الجانب، فظهرت العديد من الأسماء التي استطاعت أن تضع لها بصمات واضحة في المجال الفني العربي القديم والحديث. اشتهر العرب والمسلمون بالإسهام بتطوير الجانب الفني، وكنتيجة حتمية لذلك، فقد عمل الأجداد القدماء على الاستفادة مما لدى الشعوب الأخرى، والإضافة عليه وتطويره، ولعلَّ أكثر ما ارتبط بالثقافات، والحضارات الشرقية فنياً تلك الآلة الجميلة التي يطلق عليها اسم العود، وفيما يلي بعض التفاصيل عنها.
العود وأوتاره
يعتبر العود من أكثر الآلات الشرقية شهرة، وهو جزء أصيل من الموسيقا العربية، ويمتاز باحتوائه على أوتار خمسة، ومن الممكن أن يضاف إليه وتر سادس. وقد اهتمت الأمم الشرقية، وتحديداً العربية بهذه الآلة، فصار لها محبوها، وصارت حاضرة دائماً في الجلسات الفنية في القديم والحديث، فهي آلة طربية بامتياز.
أصل كلمة العود مشتق من اللغة العربية، حيث يعني العود لغةً الخشب، ولا تزال صناعته قائمة إلى يومنا هذا، حيث تشتهر بعض المدن العربية بصناعته؛ كمدينة بغداد عاصمة العراق، ومن هنا فإن العود العراقي يحظى بشهرة عالمية لا نظير لها.
يرجع بعض الباحثين أصل آلة العود الموسيقية إلى ما قبل نحو خمسة آلاف عام تقريباً، كما وتشير الدراسات إلى ظهور هذه الآلة في العديد من المناطق الشرقية؛ كالعراق، ومصر، وإيران. وعندما اختلط العرب بالفرس، ورثوا عنهم هذه الآلة، فصارت الآلة الأولى في التخوت العربية، وصار العود سيد الآلات الموسيقية العربية وحتى يومنا هذا، وقد عمل العرب على تطوير آلة العود عبر التاريخ، ولعلَّ أشهر الإضافات التي أضيفت له؛ الوتر الخامس الذي ساعد على تلطيف الأصوات، وتجميلها، حيث ينسب هذا الوتر إلى الشخصية العربية البارزة؛ زرياب.
كان العود في بدايته خالياُ من المفاتيح، ثم أخذ بعدها بالتطور شيئاً فشيئاً، فصار بوتر واحد، ثم باثنين، ثم بثلاثة، ثم بأربعة، إلى أن جاء زرياب كما ذكرنا وأضاف خامس أوتار العود. هذا وقد كانت طريقة حمل العود تختلف عما تعارف عليه الموسيقيون في العصر الحالي، فقد كان قديماً يمسك وهو مائل إلى أعلى، ثم صار يمسك وهو مائل إلى الأسفل. ويشترك العود مع العديد من الآلات الشرقية والغربية بالشكل، والطبيعة، غير أنه يبقى الآلة المهيمنة عليها كلها.