تزخر حياتنا بالعديد من الأيام والأحداث، فبعض الأيام تكون سعيدة مليئة بالخير والسرور فتُدخل الفرح إلى قلوبنا، وتظلّ راسخة في القلب إلى الأبد، وتظلّ ذكريات الأيام السعيدة حاضرة في القلب والروح، ومن أكثر الايام سعادة يوم التخرج من الجامعة، فهو يوم مليء بالمشاعر المختلطة التي لا يمكن تفسيرها او فصلها، فبالرغم من الفرحة الكبيرة بالنجاح والتخرج، يشعر القلب للحظة بأنّه سيترك جامعته وقسمه، وكتبه، ودفاتر محاضراته، ويشعر بالفراغ الكبير الذي سيحيط به بعد وداع أصدقاء الدراسة، وفي الوقت نفسه، يظلّ الفرح سيد الموقف، فما من فرحة أكبر من فرحة التخرج.
مهما كانت الأيام السعيدة كثيرة في الحياة لا يوجد أجمل من يوم نجني فيه ثمار التعب والاجتهاد، فالنجاح في الدراسة هو أساس المستقبل، ومفتاح الحياة، وهو الشيء الذي يحق لنا أن نفخر به؛ لأنّه إنجاز لذواتنا، وتحقيق للكثير من الأحلام والطموحات، وانتقال من مرحلة إلى أخرى، ولأنه يوم سعيد لا بدّ أن نرى مظاهر الفرح والسرور ترتسم على وجوه جميع المحبين الذين يحضرون لتهنئتنا بالنجاح، لكن تبقى تلك الفرحة على وجوه الآباء والأمهات هي الأجمل والأغلى على الإطلاق.
لأنّ السعادة كلها تجتمع في يوم واحد تكون الأغنيات والضحكات سيدة الموقف في هذا اليوم، كما يصبح تبادل الورد سنة للنجاح والفرح، وفرصة للتعبير عن بالغ الشكر والامتنان لله تعالى أولاً، وللأهل، والأحبة، والأصدقاء، فالأيام السعيدة لا تكتمل إلا بوجود من نحبهم؛ لأننا نرى تقويم أيامنا في وجوههم، ونشاهد فرحة الدقائق واللحظات مرسومة في عيونهم.
لا يمكن أن نشعر بوجود اليوم السعيد في حياتنا إلا إذا مررنا بالكثير من التعب، فاليوم السعيد في العادة يسبقه الكثير من الايام الصعبة والأيام التي لا تظهر فيها شمس السعادة، وقد نشعر في أحيان كثيرة أنّ الحياة توقفت، وأنّ السعادة لا وجود لها، وأنّ اليوم السعيد ما هو إلا محض خيال، لكننا نكتشف فيما بعد أنّ الأيام السعيدة قادمة رغم كلّ شيء.
يقولون دوماً إنّ السعادة قرار، لذلك بإمكاننا أن نصنع لأنفسنا يوماً سعيداً يليق بنا، وذلك بأن ندرس ونجدّ ونجتهد، وأن نتعب لأجل أحلامنا، وأن نركض لأجل اللحاق بأهداف حياتنا، فمن يجلس عاجزاً لن يستطيع أن يستشعر السعادة أبداً في أي يوم من أيام حياته، فاليوم السعيد يوم غالٍ، لا يأتي إلا لشخص قد تهيأ له ودفع لأجله التعب، والكدّ، والسهر، فمعادلة الحظ للحصول على السعادة لا تتحقق إلا في جزء قليل جداً من أيامنا، والباقي كله يعتمد على اجتهادنا.