بحث عن البحث العلمي

كتابة - آخر تحديث: ١٥:٢٥ ، ٢٩ ديسمبر ٢٠١٨
بحث عن البحث العلمي

البحث العلمي

يُعَدُّ البحث العلميّ منهجاً لوصف الوقائع عبر مجموعة من المعايير التي تُساهم في نُموِّ المعرفة، حيث اختلفت اتّجاهات الباحثين في ما يتعلَّق بتعريفه؛ وفق ميولهم، وقناعاتهم العلميّة، ومنها ما يأتي:[١]

  • عرَّفه (خضر) على أنّه: "عمليّة فكريّة مُنظَّمة، يقوم بها شخصٌ يسمّى (الباحث)؛ من أجل تقصِّي الحقائق في مسألة، أو مشكلة مُعيَّنة تُسمّى (موضوع البحث)، باتّباع طريقة علميّة مُنظَّمة تُسمّى (منهج البحث)؛ بغية الوصول إلى حلول ملائمة للعلاج، أو إلى نتائج صالحة للتعميم على المشكلات المُماثِلة تُسمَّى (نتائج البحث)".
  • عرَّفه (عناية) على أنّه: "التقصِّي المُنظَّم باتّباع اساليب، ومناهج علميّة مُحدَّدة للحقائق العلميّة؛ بقصد التأكُّد من صحّتها، وتعديلها، أو إضافة معلومات جديدة لها".
  • عرَّفه (كيرلنجر) على أنّه: "تقصٍّ تجريبيّ ناقد، ومُنظَّم، ومضبوط لافتراضات تُحدِّد طبيعة العلاقات بين مُتغيِّرات ظاهرةٍ مُعيَّنة".[٢]


ومن خلال ما سبق يمكن تعريف البحث العلميّ على أنّه: عمليّة مُخطَّطٌ لها، تتَّسم بالموضوعيّة، حيث تعتمد على مجموعة من الخطوات؛ بهدف البحث في ظاهرة ما، ومعرفة الحقائق، والمبادئ اللازمة لاكتشاف حلولٍ تتعلَّق بالمشكلات، وفي المجالات جميعها.[٢]


أهداف البحث العلمي

تتمثّل أهداف البحث العلميّ بعدّة نقاط، من أبرزها:[٣]

  • حلّ المشكلات؛ وذلك لانّ البحث العلمي يحاول الكشف عن الحقيقة، ومعرفة الظواهر المختلفة، وأسبابها، وكيفيّة حدوثها؛ بهدف فهمها بطريقة علميّة، والتمكّن من الوصول إلى النتائج العلميّة التي تتعلَّق بالمشكلة.
  • تقويم المعارف العلميّة الموجودة حاليّاً، وذلك من خلال استخدامها باستمرار على مشاكل مُعيَّنة، ووِفق ضوابط مُحدَّدة.
  • التطلُّع إلى الحصول على جوائز مادّية، أو علميّة، أو ترقية علميّة.
  • التعرُّف على المُستجِدّات العلميّة، واكتشاف المجهول، وذلك بالاطِّلاع على ما هو موجود من معارف في حلّ المشكلات، وفي كافّة الميادين.
  • مواجهة التحدّيات التي يتعرَّض لها الفرد، أو المجتمع، أو غيرهما، وذلك من خلال معرفة أسبابها، وآثارها، واساليب علاجها، واكتشاف الحلول المناسبة حسب ما هو مُتوفِّر من معلومات عنها.


أخلاقيّات البحث العلمي

تُعَدّ أخلاقيّات البحث العلميّ من أهمّ مباحث الأخلاق، وهو يعني: إحياء المبادئ والآداب الخاصّة بالبحث العلميّ لدى كلٍّ من الباحثين، وطُلّاب العلم، وغيرهم، وهي بذلك تحافظ على كيان العلم، ومن أبرز هذه الأخلاقيّات التي يجب على الباحث الاتّصاف بها:[٤]

  • الأهليّة للبحث العلميّ: ونعني بهذا أن يكون لدى الباحث الخبرة بالتخصُّص الذي يُجري حوله بحثه.
  • احترام المُلكيّة الفكريّة والدقّة في نقل آراء الآخرين: حيث إنّ من الأمانة العلميّة أن ينسب الباحث الآراء لأصحابها، لا أن ينسبها إلى نفسه، كما أنّ على الباحث أن لا يتسرَّع في نقل آراء الآخرين؛ لانّ لهذا الأمر مردوداً ذا اثر سلبيٍّ على الباحث.
  • التزام النقد الهادف: بحيث لا يكون ناقداً فقط، بل لا بُدّ من أن يلتزم النقد الهادف في بحثه.
  • الموضوعيّة والإنصاف: بحيث يكون نقاشه مبنيّاً على الأدلّة العلميّة، والحجج التي تؤدّي إلى الوصول إلى الحقيقة، كما عليه أن يكون مُنصِفاً في بحثه.
  • الاتّصاف بالتواضع العلميّ: حيث يجب أنّ يتَّصف الباحث بشخصيّة علميّة متواضعة، وعلى استعدادٍ لتقبُّل نقد الآخرين.
  • الصدق: حيث إنّ على الباحث أن يلتزم الصدق في بحثه، سواء بالقول، أو بالعمل، كما أنّ عليه أن ينقل نتائج بحثه بكلّ أمانة.
  • عدم استغلال المواقف: وهذا يقتضي منه عدم تحريف أقوال المُستهدَفين بالبحث؛ بهدف الوصول إلى النتائج التي تخدمُ هدف بحثه.
  • التمتُّع بالصبر والعزيمة: بحيث يكون يكون مثابراً وصامداً في وجه الصِّعاب التي تُواجهه؛ للتغلُّب عليها.
  • الحفاظ على سرّية المعلومات: ويعني هذا الأمر أن لا يكشف الباحث عن هُويّة المُستَهدفين، أو أسرارهم لدى غيرهم في أيّ وقتٍ من الأوقات.
  • الحصول على الموافقة: ونعني بهذا أن يخبر الباحث من يريدون العمل معه في بحثه، ويحصل على موافقتهم.
  • عدم التأثُّر بالأفكار أو بالأشخاص: حيث إنّ على الباحث أن لا يُؤيِّد فكرة ما؛ تبعاً لشعبيّتها، أو تأييد شخصٍ ما لها، أو ما إلى ذلك.
  • البعد عن الانفعال: حيث إنّ هذا الأمر من شأنه أن يعرقل التفكير المنهجيّ، والمُنظَّم، ممّا يؤدّي إلى مردودٍ سلبيٍّ على البحث.

أمّا في ما يتعلَّق بالأخلاقيّات، والقِيَم الخاصّة بالبحث العلميّ نفسه، فإنّ هناك العديد منها، وفي ما يأتي بعضٌ منها:[٤]

  • الاستعداد للإجابة عن العديد من الاستفسارات، كبيان هدف الدراسة، وأثر النتائج على المجتمع، أو على قطاع مُعيَّن، والمدّة اللازمة لجمع البيانات، والقيمة المُتوقَّعة للنتائج، ومدى المشاركة في تطبيق أدوات جمع المعلومات من قِبَل المسؤولين.
  • الأمانة العلميّة، وعدم تزييف المعلومات التي تمّ جمعها؛ حيث إنّ البحث في هذه الحالة يُعَدُّ غير مقبول.
  • تقديم المعرفة دون أيّ إساءة إلى المُعتقَدات، أو العادات، وما إلى ذلك.
  • الحقّ في بقاء من يشارك في البحث مجهول الهويّة، بحيث تظلّ المعلومات الخاصّة به محفوظة بشكلٍ سرّي، وعدم إعطائها لأيّ جهة.
  • الحصول على موافقة المبحوثين، واحترام كرامتهم، ودياناتهم، وثقافاتهم، إضافة إلى الحفاظ على خصوصيّتهم، وعدم جرح مشاعرهم، أو التسبُّب لهم بأيّ ضرر، واحترام رغباتهم، وإطلاعهم على نتائج البحث، وتحقيق الفائدة لهم.
  • الحصول على الموافقات الخاصّة بالبحث قبل جمع المعلومات من المبحوثين، وذلك من قِبَل الجهات الرسميّة، والمسؤولة، وعدم استخدام هذه المعلومات إلّا لغايات البحث العلميّ فقط.


خطوات البحث العلمي

تتناول الطريقة العلميّة لإجراء البحوث العديد من الخطوات المهمّة للباحثين، حيث تتمثّل هذه الخطوات في ما يأتي على الترتيب:[٥]

  • تحديد المشكلة: حيث لا بُدّ على الباحث من التعرُّف على المشكلة، وتحليل البيانات التي تؤثِّر فيها، إضافة إلى أنّ عليه تمييز المشكلات المهمّة، وغير المهمّة، دون أن يبتعد عن المشكلة الأساسيّة، والتي عليه أن يحدّدها بعبارات واضحة، كما أنّ عليه أن يدرك المُسلّمات الأساسيّة في البحث، ويدرك الفرق بينها وبين الفروض.
  • جمع البيانات المتعلِّقة بالمشكلة: حيث لا بُدّ أن يكون قادراً على التمييز بين المصادر التي يمكن اعتمادها، والمصادر التي لا يمكن اعتمادها، بحيث يتمكّن من استخدام العديد من المراجع، والمصادر ذات الموثوقيّة، ويستخدم الكتب، والمقابلات الشخصيّة، وغيرها من الأدوات، إضافة إلى أن يكون قادراً على التمييز بين الفروض والافتراضات؛ إذ إنّ الافتراضات الخاطئة تؤدّي إلى نتائج غير سليمة، بل ومشكوكٌ فيها.
  • فرض الفروض الممكنة واختيار الأنسب من بينها: وهنا لا بُدَّ من توضيح المقصود بالفرض، والافتراض، وذلك على النحو الآتي:
    • الفرض: حيث يُعرَّف بأنّه تفسيرٌ للمشكلة التي يدرسها البحث، بحيث يحتاج إلى إثبات صحّته، وتحقيقها، كما أنّه يمثّل علاقة سببيّة بين مُتغيِّر أو أكثر تحتاج إلى إثبات؛ ولهذا يلجأ الباحث إلى استخدام الوسائل الملائمة لجمع المعلومات التي تساعد على إثباته، أو رفضه.
    • الافتراض: حيث يمثّل أمراً مُسلَّماً بصحّته، دون حاجة إلى أيّ دليل، أو إثبات، كما أنّ الباحث لا يحتاج إلى جمع معلومات تدعمه، إلّا أنّه لا بُدّ أن يكون افتراضاً صحيحاً، ومقبولاً من الناحية العلميّة؛ وذلك توفيراً للوقت، والجهد، كما أنّ كونها غير صحيحة أمرٌ يؤدّي إلى حدوث الأخطاء، وبالتالي التشكيك في صحّة نتائج البحث، ومن الجدير بالذكر أنّ الافتراضات قد تكون ظاهرة صراحة في البحث، وقد يجري تضمينها في سياق الإجراءات الخاصّة بالبحث.
  • صياغة الفروض: حيث لا بُدّ عند صياغة الفروض من الاهتمام بأن يكون متناسقاً مع الحقائق المعروفة، وعلاقته بالدراسات ذات العلاقة، كما لا بُدّ من صياغتها بطريقة يمكن من خلالها إثبات صحّتها، أو رفضها، كما أنّها لا يجب أن تكون مُتحيِّزة للاختيار بناءً على المعلومات المبنيّة على حكم الباحث الذاتيّ، أو وجهة نظره، ومن الجدير بالذكر أنّ الفرض لا بُدّ أن يُصاغ بألفاظ سهلة، بعيداً عن التعقيد، والغموض، علماً بأنّ الفروض ينبغي أن تُحدِّد علاقة بين مُتغيِّرات مُعيَّنة، وإلّا فإنّه لا تُعَدُّ صالحةً للبحث.
  • اختبار صحّة الفروض: حيث تُصمَّم تجارب مضبوطة بشكل مُحكَم؛ لاختبار صحّة الفروض التي يتمّ اقتراحها، علماً بأنّه يجب وصف الملاحظات، والتزام الدقّة في تسجيلها، وتنظيم المعلومات بعد جمعها بدقّة، مع الحرص على إدراك الأخطاء المُحتمَلة في الأدوات، والوسائل الخاصّة بالقياس، وتحديد قيمتها عند جمع المعلومات.
  • تفسير البيانات والوصول إلى حلّ للمشكلة: ويتمّ في هذه الخطوة تفسير المعلومات من خلال الرسوم البيانيّة، والجداول، ثمّ تقويمها، وصولاً إلى حلِّ المشكلة.
  • استخدام النتائج في مواقف جديدة: وذلك في حال وجود تشابه بينهما، على الرغم من أنّها تخضع للبحث، والتدقيق رغم هذا التشابُه.


مناهج البحث العلمي

تتنوَّع مناهج البحث العلميّ على النحو الآتي:[٦]

  • المنهج التجريبيّ: يستند الباحث في هذا المنهج إلى التحكُّم بالمُتغيِّرات، والعوامل التي كوَّنت الظاهرة جميعها، ما عدا مُتغيِّرٍ واحدٍ يتمّ إخضاعه للتغيير، والتبديل؛ بهدف قياس نتائج ذلك الأمر على الاتّجاهات الخاصّة بالظاهرة.
  • المنهج الاستقرائيّ: حيث يهتمّ بدراسة الأفراد الذين يشملهم البحث دراسة جزئيّة، أو كلّية؛ وصولاً إلى حُكمٍ عامٍّ.
  • المنهج الوثائقيّ: وهو يهتمّ بالبحث عن الوثائق، ودراستها؛ لأنّها تُعَدُّ مرآةً للأحداث التي جرت في الماضي، ويمكن تسمية هذا المنهج بالنقليّ، أو التاريخيّ.
  • المنهج الوصفيّ التحليليّ: حيث يهتمّ هذا المنهج بوصف ظاهرة ما، وصولاً إلى أسبابها، والعوامل التي تؤثِّر فيها، واستخراج النتائج، وتعميمها، حيث يتمّ استخدام العديد من الطرق التي تتطلب جهد الباحث، وخبرته، بحيث يتمّ تفسير هذه النتائج بعناية كبيرة، مثل: طريقة دراسة حالة، وطريقة المسح.
  • المنهج الاستنباطيّ: حيث يُعنى بالوصول إلى نتائج، وقضايا مُحدَّدة، عبر انتقال الذهن من قضايا مُسلَّمٍ بها، دون اللجوء إلى التجارب، بل من خلال المنطق.


المراجع

  1. سعيد سالم الحنكي (2006م)، مجالات البحث العلميّ الأمنيّ في ظلّ إدارة الجودة الشاملة، الشارقة: جامعة الشارقة، صفحة 27. بتصرّف.
  2. ^ أ ب خلود محمد الشواف (1434/1435هـ)، مفهوم البحث العلميّ والبحث التربويّ، السعوديّة: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميّة، صفحة 6،8. بتصرّف.
  3. د. كمال دشلي (2016م)، منهجية البحث العلمي، حماة: جامعة حماة- كلّية الاقتصاد، صفحة 35-36.
  4. ^ أ ب د. منى توكل السيد (2013م)، أخلاقيّات البحث العلميّ، الزلفي: وزارة التعليم العالي- جامعة المجمعة، صفحة 16-23. بتصرّف.
  5. مركز إعداد القادة للقطاع الحكومي، المنهج العلمي في إعداد البحوث، صفحة 5-8. بتصرّف.
  6. شؤون التطوير (2015/2016)، دليل الباحث في كتابة البحث وشكله، طرابلس- لبنان: جامعة الجنان، صفحة 4. بتصرّف.
1,515 مشاهدة