في كثير من الأوقات نشعر بأنّنا بحاجة ماسّة للكثير من الأمور التي تضغط علينا، والتي من الممكن أن تكون بمثابة أوقات جميلة نستذكرها بكل خير، ونحاول أن نعيشها بكل دقيقة تمر علينا، ولو أردت حقاً أن تكون على اطلاع بما يجري من حولك عليك أن تكون ملتزماً دوماً بالتعامل بالخير والحق مع الآخرين حتى تحصل على الراحة والاطمئنان التي لم يعد من الممكن أن تعهدها في ظل غياب العديد من الأمور المريحة في أوقاتنا المختلفة.
رمضان شهر الخير
موضوعنا سيدور عن شهر رمضان، شهر الخير والصلاح، شهر الحق والابتعاد عن المعاصي، شهر ترجمة الخير من قول إلى فعل حقيقي بارز وظاهر على الأرض، فشهر رمضان من أكثر الأوقات التي تمر علينا في حياتنا ورغم ذلك، تمر بسرعة البرق، فالأشياء الجميلة غالباً ما تنقضي بسرعة بالغة، في أوقات قد نشعر أننا حتى لم نستمتع بجمال هذا الشهر الفضيل، وجمال الأوقات التي من الممكن أن نقضيها مع الأهل والأحبة في رواق الأيام والساعات، والحديث عن رمضان قد يطول ويطول، إذ إنه من أهم أشهر السنة، التي ننتظرها من العام للعام، وكان جمالها نابع من اختلاف أيامه، فكل يوم في رمضان هو نتاج حلقات مستمرة من الأحداث المتلاحقة التي تمر علينا في حياتنا، والغريب حقاً أن الله يبارك لنا في كل دقيقة نقضيها في كنف هذا الشهر الفضيل، حيث إنّنا نشعر أنّنا ما زلنا نعهد الخير والصلاح في قلوبنا، وأن الله رغم كل المشاكل التي تحيط بنا في حياتنا إلّا أنّ الحياة من الممكن أن تستمر وتمشي ولا سبيل لغير ذلك.,
أجمل ما في رمضان
إنّ من أجمل الأوقات التي قد تمرّ علينا في رمضان هي كل يوم وكل دقيقة وكل ثانية في هذا الشهر العظيم، فمثلاً في أوقات الصباح ما أجمل الاستيقاظ باكراً، والتعامل مع اليوم من أوله، كأن تذهب للعمل مثلاً، وتبقى به حتى فترة العصر، ثم تعود للمنزل مثلاً لتشارك في إعداد ولائم الطعام التي تشعر أنّها أقيمت في كل يوم على شرف أحد أفراد العائلة، لأنه في كل يوم تجد طبقاً مميزاً يزين الطاولة يختلف عن الطبق الذي سبقه، والذي سبقه وما إلى ذلك، ومن أجمل الأشياء في رمضان ما يلي:
- استشعار رضا الله عنك، وتشعر أنّك بأمان بالغ في منزلك، فأنت تتجول فيه في المساء أو الصباح أو في أي وقت، وتشعر أن الله قد حماك، فلا يوجد شيطان رجيم يتربص بك أو عدو يكنّ لك الشر، فكل التفكير في هذا الشهر الفضيل يكون عن الأشياء الايجابية التي تزين حياتنا، والتي ننعم بها من وقت لآخر، كما أنّك تشعر براحة بالغة كونك قمت صباحاً، وقد أديت فرضك وعملت عليه من منطلق أن الله سبحانه قد أعانك عليها، والسبيل لذلك لا يتم إلّا من خلال الشعور بالأمان، والراحة النفسية والقدرة على البذل والعطاء.
- الشعور بأنك أفضل من أي وقت مضى، وبأن كل وقت يمر عليك هو في مصلحتك، ومن الممكن أن تستفيد منه بأي حال من الأحوال، ولن يثنيك تعبٌ أو جهدٌ عن القيام بمهامك التي تريد أن تمارسها، حتى لو شعرت بالتعب أو الضيق.
- أجمل ما في رمضان الكريم أنك تحاول قدر المستطاع أن تكون باراً بوالديك، وتحاول التقرب منهما، لأنّهما يحاولان أن يظهرا لك الحب طوال العام، غير أنّك لا تلاحظ ذلك إلّا في هذا الشهر الفضيل، وعليه فإن أجمل وقت قد تقضيه يكون برفقتهما، سواءً في الصباح أو المساء.
- التهاليل والتسابيح التي تطلقها المساجد في كل يوم، وفي كل ساعة بعد الآذان مباشرةً، حيث أن المساجد تبدأ بالتسبيح بعد كل صلاة، ابتداءً من صلاة الفجر، وختاماً بصلاة العشاء، ويكون صوت الشيخ مختلف عن كل مرة قد يسبح بها في غير أوقات الصيام، فالوقت الذي تجلس به للاستماع للتسبيح قد يساعدك في إيجاد نفسك، والتفكر في حياتك، ومجرياتها، وتساعدك في الحصول على فكرة التواصل مع الله سبحانه وتعالى.
- الجلسات قراءة القرآن، فكل فرد في العائلة بعد صلاة الظهر يتخذ وضعية تناسبه من أجل الوصول إلى الراحة النفسية، والنشوة التي يشعر بها في تلاوة القرآن الكريم، ففي القراءة حلاوة ومتعة لا يشعر بها المسلم إلّا بوقت الخير وهو شهر رمضان الكريم.
- مساعدة الغير في كل أوقات الشهر، ويكون ذلك محبباً لقلبك بشكل كبير، كما أنّه يساعدك في الوصول إلى دعوة لربما تكون متقبلة من إنسان فقير بحاجة ماسة للمساعدة، فيسخّرك الله للقيام بهذه المهمة حتى يكسبك الحسنات، ويضاعفها عليك.
- مساعدتنا للأم في المطبخ، فيقوم كل شخص بأداء مهمة محددة، وهي القيام بتحضير أطباق الطعام ، وبعد الانتهاء من تجهيز الأطعمة واقتراب موعد الإفطار تبقى الأيدي متماسكة مع بعضها البعض من أجل المساعدة في تناول الطعام سوياً، وتنظيف السفرة والأطباق فيما بعد، وهذه أكثر الأمور التي تبهج القلب فعلاً.
- جلسات المساء، وجلسات السمر واللقاءات والزيارات التي بمثابة صلة رحم، والتي تكفل للإنسان الوصول إلى الأجر العظيم الذي كفله الله لعباده في هذا الشهر الفضيل، فهذه الزيارات تساعدك في التواصل مع الآخرين، واللقاء بهم في أكثر الأوقات حاجة، وما أجمل تلك الزيارات التي يتخللها عبادة لا مثيل لها، وهي الزكاة، كأن تزور محتاجاً، وتقدم له كل الحاجة التي يحتاجها في هذا الشهر الفضيل، من أكثرها أشياء السحور وغيرها، كما أنّها تضمن لك الجنة ما دمت غير متمنن عليه بها.
- الصلاة على أوقاتها، وأجملها تلك التي تؤدّيها بخشوع بدون الحاجة إلى أي تعامل مع أي شخص كان، فقط التعامل يكون بين المسلم وربه في أوقات محددة وهي أوقات العبادة، ولا يمكننا أن ننسى صلاة التراويح وهي أجمل العبادة التي ننتظرها فعلاً في أيام السنة بأكملها، فصلاة التراويح لها طعم مختلف جدير بالحب والاهتمام.
- الجلوس على ناصية الوقت في فترات الفجر، والجلوس متأملاً بقدرات الله إما مصلياً أو تتلو القرآن، وتتعبد في كل الأوقات، ولكن وقت الفجر من أهم الأوقات في رمضان.
- التعامل مع الآخرين بحب وود، ودفع الصدقات للمحتاجين، والتعامل مع الأهل من أب وأم وأخوة بحب وانتماء فالفضل لله أولاً ثم لعائلتك الكريمة التي جعلت منك إنساناً ملتزماً قادراً على أداء الطاعات والاستمرار عليها، فكل الشكر يجب أن يكون للأم التي سهرت بجانبك تعلمك أداء الصلوات وقراءة القرآن الكريم، وتذكرك بالعذاب والخير الذي ستحصل عليه من وراء العمل الصالح، كما أنّ أجمل ما في رمضان هي أوقات جلوسك بين أفراد أسرتك تتسامر معهم كأنك لم ترهم من قبل، وتستمع لكل حديث يطلقوه، ولا تتذمر من حديث أي شخص منهم فكونك الأكبر على سبيل المثال يجعل الحديث معك بالنسبة إليهم مشوقاً أكثر من أي شخص آخر.
ورمضان لأنه شهر الخير، لا بدّ من التعامل معه على أنه مصدر الخير كله، فالله يبعث فيه الحب والحنان، ويملأ الكون بأجمل المعاني التي تجمع البشر سوياً.