كيفيّة تطوّر العلم
مرّ العلم بمراحل عبر العصور والحضارات الإنسانيّة التي مرّت على كوكب الأرض تطوّر خلالها تطوّراً كبيراً، ونوجز هذه المراحل بالآتي:
العلم النظري
بدأ العلم في طوره الأوّل على هيئة ملاحظة واكتشاف وتفسير ولم يكن للإنسان سلطة أو دور فيه، إلّا عمليّة كشف ومحاولات تفسير لما يراه من ظواهر الطبيعة، وقد كان الفلاسفة هم من يمسكون زمام هذه المحاولات، وقد قطعوا شوطاً كبيراً فيها بالنسبة لتراكم الإنتاج المعرفيّ حينها، وتدنّي السبل والأدوات التي كانت إمّا معدومة أو بدائيّة، فكانت مهمة الفلاسفة حينها وضع نظريّات تفسّر الظواهر الطبيعية، بعد أن كانت هذه الظواهر خاضعة لتفسيرات خرافيّة أسطوريّة، فانتقلوا بها إلى حيّز التفسير المنطقي والسببيّة، فدرسوا الطبيعة الأرضيّة وظواهرها بالإضافة إلى الفلك وظواهره، ومن أهمّ هؤلاء الفلاسفة فيثاغورس، وكوبرنيقوس، وأرسطو، وهم فلاسفة لا زالت علومهم تُدرّس حتى الآن، وبعض هذه العلوم تم إثبات صحّتها علميّاً كعلوم الرياضيّات عند فيثاغورس.
سيطر هؤلاء الفلاسفة في نظريّاتهم العلميّة على العلوم البشريّة لأكثر من خمسمئة قرن، وخاصّة علوم أرسطو التي كانت تقول إنّ الأرض هي مركز المجرة، إلى أن جاء جاليليو وقال إنّ الشمس هي المركز، والأرض تدور حولها، وفي البداية رُفضت هذه النظرية× نظراً لأنّ الكنيسة كانت تتبنّى علوم أرسطو، وتمّت محاكمة العالم جاليليو وسجنه في بيته حتى مماته، وكانت هذه أول ثورة علميّة قلبت موازين العلوم، وحتى هذه المرحلة كانت العلوم تقوم على الملاحظة الذاتيّة أو الملاحظة بواسطة أدوات بسيطة.
العلم التجريبيّ
كان أساس هذا العلم هو التجربة المبنيّة على الحواس والاختبار، ومن ثمّ القياس على هذه التجربة، واتّسمت هذه المرحلة بالعلوم الدقيقة التي وصلت لمرحلة البتّ في أنّه ليس هناك احتمال لأيّ شيء تم تجربته واكتشافه تجريبيّاً، يعود الفضل ببدء هذه المرحلة لفلاسفة الإسلام وعلمائهم، مثل: جابر بن حيان، والفارابي، وابن سينا الذين أدخلوا ظواهر الطبيعة للمختبرات فاشتغلوا بالكيمياء، والفيزياء، والطب، والرياضيّات، حتى أسّسوا أرضيّة لعالم التجربة، ليأتي ويكمل بناءها رائدُ هذه المرحلة الذي دُوِّن تاريخ الثورة العلميّة الثانية باسمه وهو نيوتن، الذي اكتشف قانون الجاذبيّة وقوانين الحركة، وفي هذه المرحلة تطوّر العلم التجريبيّ المنتج، ولم يكن باستطاعة أحد التشكيك فيه، أو في نظريّاته؛ لأنّ نظريّاته تُطبّق على أرض الواقع، ولها ناتج محسوس، مثل: الآلات، وكلّ ما ينتج عن الميكانيكا، وفيزياء الكم.
العلوم النسبيّة
دُشّنت هذه الفترة بعد قرون من علم نيوتن على يد العالم الذي يُعرف بأنّه أكبر عبقريّ عرفه التاريخ، وهو آينشتاين وأحدثت نظريّاته ثورة تُعتبر الأعنف في تاريخ العلوم؛ لأنّها نقضت العلوم القاطعة وحوّلتها إلى علوم نسبيّة، فأعلن آينشتاين أنّه ليس هناك علم مطلق، بل كلّ شيء خاضع للنسبيّة عبر نظريّته التي تُدعى الزمنكان، والتي تُعنى بالزمان والمكان، ولا زالت هذه النظريّة حتى الآن هي الأكثر انتشاراً في عالم التطوّر العلميّ، والأكثر بحثاً ودراسة، وأهمّ ما يميّز علوم آينشتاين أنّها لم تنقض علوم نيوتن، بل أضافت إليها، وأثبتت أنّها لا تصلح إلا ضمن ظروف معيّنة خاضعة للزمان والمكان، وبناءً عليه فإنّه رغم انتشار علوم آينشتاين فإنّ علوم نيوتن لا زالت قائمة، ومعمول بها في عالم الفيزياء الميكانيكيّة، ومرحلة آيوشتاين يضاف إليها مرحلة العبقري ستيفن، الذي دشّن صرحاً علميّاً جديداً قائماً على نظريّة كليّة للكون بأكلمه.