قصيدة بغداد للجواهري
كتب الشاعر محمد مهدي الجواهري هذه القصيدة عن بغداد، وتقول أبياتها:
خذي نفسَ الصبا " بغداد " إني
- بعثتُ لكِ الهوى عرضاً وطولا
يذكّرُني أريجٌ بات يُهدي
- إليَّ لطيمُه الريحَ البليلا
هواءك إذ نهشُّ له شَمالاً
- وماءك إذ نصّفِقه شَمولا
ودجلةَ حين تَصقُلها النُعامى
- كما مَسَحتْ يدٌ خداً صقيلا
وما أحلى الغصونَ إذا تهادت
- عليها نُكَّسَ الأطراف مِيلا
يُلاعبها الصِّبا فتخال كفّاً
- هناك ترقِّصُ الظلَّ الظليلا
ربوعُ مسرَّةٍ طابت مُناخاً
- وراقت مَربعاً ، وحلَتْ مَقيلا
ذكرتُ نميرها فذكرتُ شعراً
- "لأحمدَ" كاد لطفاً أن يسيلا
"وردنا ماءَ دجلةَ خيرَ ماءٍ
- وزرنا أشرفَ الشجر النخيلا"
"أبغدادُ" أذكري كم من دموع
- أزارتكِ الصبابةَ والغليلا
جرينَ ودجلةً لكن أجاجاً
- أعدن بها الفراتَ السلسبيلا
"ولولا كثرةُ الواشينَ حولي"
- أثرتُ بشعريَ الداءَ الدخيلا
إذن لرأيتِ كيف النار تذكو
- وكيف السيل إنْ ركب المسيلا
وكيف القلبُ تملكه القوافي
- كما يستملك الغيثُ المحولا
أدجلةُ إنَّ في العبرات نطقاً
- يحيّر في بلاغته العقولا
فإنْ منعوا لساني عن مقالٍ
- فما منعوا ضميري أن يقولا
خذي سجعَ الحَمامِ فذاك شعرٌ
- نظمناه فرتَّله هديلا
قصيدة تهجدات عراقية لعبد الرزاق عبد الواحد
تقول أبيات هذه القصيدة، وهي إحدى القصائد الوطنية للشاعر عبد الرزاق عبد الواحد:
قد كنتَ مُذْ كنت زيتاً في قناديلي
- وكنتَ دمعي، وشمعي في تراتيلي
زهوي.. ولهوي.. وشدوي في مواويلي
- وكنتَ عند الصِّبا أحلى أباطيلي
أشهى غموض دمي.. أبهى أكاليلي
- أدقَّ رَصْدٍ على أوهى بَلابيلي
كنتَ انطباقَ دمي جيلاً على جيلِ
- حتى امتلأتُ امتلاءً بالمجاهيلِ
كم ضحكةٍ رفرفتْ قربي، علقِتُ بها
- فأفلتَتْ بين آلافِ الشناشيلِ!
وكم ذؤابةِ شعرٍ كالسَّنا خفقتْ
- وغاب طائرُها وسْطَ الهلاهيلِ
جرى دمي خلفَها شوطاً، وعاد بهِ
- نَقرُ الدّفوفِ، وإيقاعُ الخلاخيلِ
كم.. كم قرأتُ على شَّطيكَ أدعيَتي
- وكم بنَيتُ على المجرى عرازيلي
كتبتُ فيك مزاميري بِحُرِّ دمي
- فأين تقرأ إنجيلاً كإنجيلي؟!
يا مالكَ العمر.. قالوا: هل تنازعُهُ؟
- أجَلْ.. على كلِّ يومٍ منه يُبقي لي!
أقولُ: هل ضقتَ بي ذرعاً فتتركني
- أُحصي بقيّةَ عمري بالمثاقيلِ؟
وأين أمضي بها لو أنت تتركها؟
- وكيف أحملها حملَ المثاكيلِ؟
يا سيّدي.. يا عراق الأرض.. يا وطني
- يا زهوَ عمريَ مُذْ رنَّتْ جلاجيلي
ومُذْ درَجتُ ولي طوقٌ أُدحرجُهُ
- وصوتُ أُمّيَ من خلفي يُغنّي لي
هل فاتَنا العمرُ حتى صار يُخجلنا
- هذا التَّذكُّرُ حتى في الأقاويلِ؟
أم أنَّني يا عراقَ الأرض يُحرجني
- أمام كِبْرِكَ خَوضي في تَفاصيلي؟
وكيف أكتبُ شعري فيك يا وطني
- إن لم يكنْ كلُّ عمري فيك يوحي لي؟
من رَتْقِ دشداشتي، والرِّجلُ حافيةٌ
- لزهوِ أوّلِ يومٍ في السراويلِ!
من كلِّ محفوظةٍ ما زلتُ أحفظها
- من كلِّ مسطرةٍ أدمَتْ أناميلي!
من أيِّما دمعةٍ .. من أيِّ مَظلَمةٍ
- حملتُها بين مسجونٍ ومفصولِ
إن لم يكنْ كلُّ عمري فيك تزكيتي
- فهل سأكتب شعراً بالتآويلِ؟!
قصيدة بغداد لنزار قباني
كتب الشاعر السوري نزار قباني عن بغداد هذه القصيدة:
مدي بساطي .. واملئي أكوابي
- وانسي العتاب، فقد نسيت عتابي
عيناك يا بغداد، منذ طفولتي
- شمسان نائمتان في أهدابي
لا تنكري وجهي .. فأنت حبيبتي
- وورود مائدتي، وكأس شرابي
بغداد .. جئتك كالسفينة متعباً
- أخفي جراحاتي وراء ثيابي
ورميت رأسي فوق صدر أميرتي
- وتلاقت الشفتان بعد غياب
أنا ذلك البحار أنفق عمره
- في البحث عن حب .. وعن أحباب
بغداد .. طرت على حرير عباءة
- وعلى ضفائر زينب ورباب
وهبطت كالعصفور يقصد عشه
- والفجر عرس مآذن وقباب
حتى رأيتك قطعة من جوهر
- ترتاح بين النخل والأعناب
حيث التفت ، أرى ملامح موطني
- وأشم في هذا التراب ترابي
لم أغترب أبداً.. فكل سحابة
- زرقاء .. فيها كبرياء سحابي
إن النجوم الساكنات هضابكم ..
- ذات النجوم الساكنات هضابي..
بغداد عشت الحسن في ألوانه
- لكن حسنك، لم يكن بحسابي
ماذا سأكتب عنك في كتب الهوى
- فهواك لا يكفيه ألف كتاب
يغتالني شعري .. فكل قصيدة
- تمتصني .. تمتص زيت شبابي
الخنجر الذهبي .. يشرب من دمي
- وينام في لحمي ، وفي أعصابي
بغداد . يا هزج الأساور والحلى
- يا مخزن الأضواء والأطياب
لا تظلمي وتر الربابة في يدي
- فالشرق أكبر من يدي وربابي
قبل اللقاء الحلو .. كنت حبيبتي
- وحبيبتي تبقين بعد ذهابي..