تقع جبال خمير في الشمّال الغربي من تونس، وهي امتداد طبيعي لجبال أطلس الواقعة في القطر الجزائري، ويسكنها الأمازيغ، وترتفع بما يقارب 1200 متر فوق مستوى سطح البحر، وكغيرها من السلاسل الجبليّة فقد استخدمت كملاذ استراتيجي في عمليّات المقاومة التونسيّة ضد الاحتلال الفرنسي لتونس، وقد كان لساكني هذه الجبال الأشاوس الدّور الكبير في مقاومة الاحتلال والانتداب الفرنسي ونزع الاستقلال الوطني منه وإنشاء الدولة التونسيّة الوطنيّة المستقلّة.
وتمتاز جبال خمير بالتنوّع البيئي فيها، فهناك العديد من الأشجار المختلفة والمتنوعة والأزهار والنباتات البريّة العديدة وكذلك الكثير من أصناف الحيوانات والطيور ذات الأشكال المتعدّدة ويتخلّل هذه الجبال الكثير من الينابيع، وتمتاز منطقتها بالهواء المنعش النقي والصحّي والذي يفيد في علاج الأمراض المزمنة والمتلازمة لضيق التنفّس وأمراض الرئة والأمراض الصدريّة وجهاز التنفّس بشكل عام، كما ويمتاز سكانها بالطيبة والقسوة في الوقت ذاته، وترتبط فيما بينهم عادات وتقاليد متوارثة تقوم على الجمع بين الفضائل والنواقص في آنِ واحد، حيث تجتمع فيهم صفات الكرم والمودّة، إلى جانب الطبع الجلف والعناد في طريقة التفكير والتشبّث في الرأي حتّى وإن كان ذلك الرأي غير صائب، كما ويحرّكهم الانقياد الأعمى للمتوارث من العادات التي أكل عليها الدّهر وشرب، وبالرّغم من ذلك فإنّ جمال المكان وطبيعته تعكس سحرها على ثقافة السكان الموسيقيّة والغنائيّة، فغالباً ما تمتاز الموسيقى الخاصّة بهم بالجمال وأشعارهم تكاد تُحلّق بالشخص الذي يستمع لها إلى ما فوق الغيوم.
ولأنّ جبال خمير تعدّ من التضاريس المختلفة والخارجة عن تضاريس تونس المألوفة، حيث إنّ تونس تمتاز بجغرافيا سهليّة في معظم مناطقها، كانت جبال خمير هي الاستثناء الواضحة معالمه على هذه الفسيفساء المنبسطة، لتضفي عليها قليلاً من الشموخ والعلوّ في السماء، وكما كانت تبقى جبال خمير هي الحلقة الأصعب التي يعجز إخضاعها أو اختراقها في تونس، فكانت ولا زالت ملاذ المقاومة والتّمرد، فهي حصن الأمن والأمان من جهّة، وفوّهة التمرّد والعصيان من جهة أُخرى، ففيها ومنها السكون أو الضجيج، السلم أو العنف، الاستقرار أو التّشرذم، فبأمان جبال خمير يكون أمان تونس كلّها، وإن تألّمت وتضرّرت تألّمت وتضرّرت توتس بأكملها أيضاً.
وقد يقع البعض في لبس التسمية ما بين جبال خمير التونسية ومدينة خمير الإيرانيّة، ورغم التّشابه الحاصل بين تلك المسميّات التي تُطلق عليها يبقى الفرق شاسع بينها، حيث لا يوجد أي رابط مشترك بين تلك المسميّات سواء أكان ذلك من حيث العرق أو الطبيعة الجغرافيّة أو السياسيّة، فجبال خمير التونسيّة تختلف عن مدينة خمير الإيرانيّة الواقعة على الخليج العربي في أقصى الشرق من تلك الجبال الأمازيغية التونسيّة.