عمر بن الخطاب
هو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزّى القرشيّ العدويّ، وُلد بعد حادثة الفيل بثلاث عشرة سنة، ومن صفاته الخَلقية أنّه كان رجلاً طويل القامة، عريض المنكبين، أبيض مشرّباً بالحُمرة، مفتول الساعدين، أسلم بعد دعاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حيث قال: (اللَّهمَّ أعزَّ الإسلامَ بأحبِّ هذينِ الرَّجُلَيْنِ إليكَ: بأبي جَهْلٍ أو بعُمرَ بنِ الخطَّابِ)،[١] وكان أول من جهر بالإسلام في مكة، وكان إسلامه فتحاً وعزةً للمسلمين، كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (ما زلنا أعزّة منذ أسلم عمر)، وممّا يدلّ على عظيم فضله، قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (لو كانَ بَعدي نبيٌّ، لَكانَ عُمَرُ بنُ الخطَّابِ)،[٢] بالإضافة إلى أنّه أحد العشرة المبشرين بالجنة، وكان عمر -رضي الله عنه- من أعلم الصحابة، وأفقههم، حيث إنّ القرآن الكريم وافق رأيه في عدد من المواقف؛ منها: رأيه في أسرى بدر، وعدم الصلاة على المنافقين، ورأيه في اتخاذ مقام إبراهيم مصلّى، وكان الصحابة -رضي الله عنهم- يرون أنّه ذهب بتسعة أعشار العلم، ومن الجدير بالذكر أنّه تولّى الخلافة في العام الثالث عشر للهجرة، بعد وفاة أبي بكر الصديق، وفتح الله -تعالى- على المسلمين في عهده، فسقطت دولتي الروم وفارس، ومن شدة زهده و ورعه وتقواه لله -تعالى- كان يقول: (لو أنّ بغلة عثرت في طريق العراق، لخشيت أن يسألني الله عنها يوم القيامة). [٣]
اهتمام عمر بن الخطاب بالرعية
ضرب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أروع الأمثلة في مراقبة الله تعالى، والخشية منه، وهذا ما جعله يقوم بحقّ الرعية، ويهتم بأمر المسلمين على أكمل وجه، حتى روي عنه أنّه كان يقول: (إنّي والله لأكون كالسراج، يحرق نفسه ويضيء للناس)، وقد روي عنه الكثير ممّا يدل على اهتمامه بالرعية، من ذلك:[٤]
- أول ما وُلِّيَ عمر بن الخطاب أمر المسلمين، قال في خطبته: (أيّها الناس قد وليت عليكم، ولولا رجاء أن أكون خيركم لكم، وأقواكم عليكم، وأشدّكم استطلاعاً بما ينوب من مهم أموركم، ما توليت ذلك منكم)، وقال أيضاً: (إنّ الله ابتلاكم بي، وابتلاني بكم، وأبقاني فيكم بعد صاحبي، فوالله لا يحضرني شيء من أمركم فيليه أحدٌ دوني، ولا يتغيّب عني فآلوا عن الجزء والأمانة، ولئن أحسنوا لأحسنن إليهم، ولئن أساؤوا لأنكّلنّ بهم).
- كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- دائماً ما يتفقد أحوال الرعية؛ شريفهم، ووضعيهم، قويهم، وضعيفهم، والقريب منهم والبعيد، حتى إنّه كان يتفقّد الرعية في الشام والعراق والأقطار البعيدة كلّها، ويقضي حاجاتهم، كما حصل عندما أرسل إلى والي العراق، وأمره بأن يبعث له رجلين نبيلين؛ ليسألهما عن أحوال أهل العراق، فبعث إليه عدي بن حاتم، و لبيد بن ربيعة رضي الله عنهما، بل عزم عمر -رضي الله عنه- على أن يرتحل بنفسه إلى كلّ بلاد المسلمين، ويطّلِع على أحوال أهلها بنفسه، وكان ممّا قاله: (لئن سلَّمني الله، لأدعنّ أرامل العراق لا يحتجنَ إلى رجلٍ بعدي)
- كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- شديد الخشية من الله تعالى، حتى إنّه كان يقوم على علاج البعير بنفسه؛ فيدخل يده في قرحتها، ويقول: (إنّي أخاف أن أسأل عمّا بك).
- روى ابن عباس -رضي الله عنه- أنّ عمر بن الخطاب كان يجلس كلّ يوم بعد صلاة الفجر؛ للنظر في أمور الرعيّة حتى ترتفع الشمس، ثمّ يدخل منزله.
عدل عمر بن الخطاب
ارتبط ذكر العدل بذكر عمر الفاروق رضي الله عنه، وممّا يدل على ذلك قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ اللَّهَ جعلَ الحقَّ على لسانِ عمرَ وقلبِهِ)،[٥] ومن القصص التي رويت عن عدل عمر رضي الله عنه:[٦]
- أنّ رجلاً من أهل مصر تسابق مع ابن عمرو بن العاص رضي الله عنه، فلمّا سبق المصري، ضربه ابن عمرو بن العاص بالسوط، وقال أنا ابنُ الأكرمِينَ، فذهب ذلك المصري إلى عمر بن الخطاب، واشتكى له الأمر، فأرسل عمر كتاباً إلى عمراً يأمره بالقدوم إليه، وإحضار ابنه معه، فلمّا وصلوا إليه قال أمر المصري بأخذ السوط، وضرب ابن الأكرمين، فأخذ المصري السوط، وضربه ضرباً موجعاً، ثمّ قال له ضع السوط على صلعة عمرو، فقال المصريّ يا أمير المؤمنين إنّما ابنه الذي ضربني وقد استقدت منه، فقال عمر لعمرو: (منذ كم تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً)، فقال عمرو: (يا أمير المؤمنين لم أعلم ولم يأتني).
- بعد أن أسلم جبلة بن الأيهم، وكان أحد ملوك الغساسنة، كتب إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ليستأذنه بالقدوم إلى المدينة، ففرح عمر بإسلامه وقدومه، فأتى إلى المدينة المنورة، واستقبله عمر أحسن استقبال، ثمّ أراد أن يحجّ، وبينما هو يطوف بالبيت، داس رجل من بني فزارة على إزاره فحلّه، فغضب جبلة لذلك، فضرب الرجل الفزاريّ ضربةً هشّمت أنفه، فذهب الفزاريّ إلى أمير المؤمنين، واشتكى إليه ممّا حدث، فأرسل عمر بطلب جبلة، فلمّا حضر سأله عن ذلك الأمر، فأقرّ به، فقال له: (وما دعاك يا جبلة أن تهشم أنف أخاك)، فأجاب بأنّه قد ترفق بذلك الفزاريّ كثيراً، ولولا حرمة البيت لضرب عنقه، فقال له عمر: (بما أنّك قد أقررت، فإمّا أن ترضي الرجل، وإمّا أن أقتصّ منك)، فتعجّب جبلة، وقال: كيف ذلك وأنا ملك وهو سوقة، فقال له عمر: (إنّ الإسلام سوّى بينكما)، فطلب جبلة منه أن يمهله ليفكر بالأمر، فأمهله عمر رضي الله عنه، فهرب من المدينة وارتدّ.
المراجع
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 3681، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم: 3686، حسن.
- ↑ "مقتطفات من سيرة عمر بن الخطاب"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-6-2018. بتصرّف.
- ↑ "عمر بن الخطاب وواجبات الخليفة نحو رعيته"، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 12-6-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 3682، صحيح.
- ↑ "عمر بن الخطاب - عدل عمر بن الخطاب"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-6-2018. بتصرّف.