الإنسان والقوة
يحتاج الإنسان إلى قوة عظيمة تُحرِّكُهُ من سكونه، وهدوئه، وتشدُّ من أزره إذا ما ضعُف، أو تعرَّض لمغريات عديدة قد تُهدِّد مبادئه، وتعصف بقيمه الإنسانية التي تعدّ رأس المال الأول والأخير له، وهنا يختلف كلُّ إنسان عن الآخر في البحث عن مصدر هذه القوة، ولكن دون أدنى شكٍّ فإن التديُّن الحقيقيّ والإيمان المطلق بالله تعالى هو أعظم هذه القوى وأسماها، فالإيمان يعلو ولا يُعلى عليه، وهذا ما يجعل الإنسان المؤمن بالله تعالى أقوى من غيره في كافة أنواع الظروف التي قد يتعرَّض لها.
قوة المسلم
يعدّ الإيمان بالله تعالى القوة الحقيقية المطلقة التي يلجأ إليها المسلم في كافة الظروف، والمصاعب الحياتية التي قد تواجهه في حياته، فالمسلم المؤمن بالله تعالى، المتوكِّل عليه يرى أن الله تعالى هو السبب في كل ما يحدث له، وأنه ما دام إلى جانبه تعالى في كافة ظروفه وأحيانه، فإنه لن يكون إلا في أفضل حال، فالله تعالى يختار للإنسان دائماً أفضل ممّا يختار الإنسان لنفسه؛ لأن الله تعالى يعلم ما تُخفي القلوب، ويعلم نقاط ضعف الإنسان، ويعلم ما يسعده في حياته، وأين هو الخير الحقيقي الذي يبحث عنه.
إنّ المسلم المؤمن بالله تعالى، الذي لا يستمد قوَّته إلا منه سبحانه، يرى دائماً أنه الأقوى، فهو أقوى من الغني، ومن المتسلط، ومن المتجبِّر، وهذا سيحميه بالضرورة من الضعف، والهوان، ويعصمه من الذل للناس، فمن يلجأ إلى الله تعالى في كافة أحواله وأوقاته سيكون بالضرورة قويَّاً، حُرَّ الإرادة، عزيز النفس، حَسن السُمعة بين الناس، هذا عدا عن النعيم الأخرويّ، المُقيم، الذي لا ينتهي.
ومن جهة أخرى، فإنّ المؤمن يحتمل الصعاب وسوء الأحوال؛ لقناعته الراسخة بالخلود الأبديّ والنعيم المقيم، وأن الآخرة هي دار الجزاء، و هذا الإيمان المطلق بالدّار الآخرة يُقدِّم له المواساة في كافة المصائب التي قد يبتليه الله تعالى بها في الحياة الدنيا، وعلى رأسها مصيبة موت الأقارب، والأعزاء، الذين لا تحلو الحياة إلا بهم، وبتواجدهم.
من الأمور التي قد لا يلتفت لها البعض أن الإيمان يوطِّد العلاقة بين المسلمين، ويجعلهم كالجسد الواحد، الذي إن اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالحُمَّى والسهر، وهنا فإن المسلم يتقوَّى على الدوام بإخوانه المسلمين المؤمنين، الذين يقفون معه في الشدائد بكافة أنواعها، وأشكالها، وهذا سبب آخر عظيم من أسباب قوة المسلم التي لا تنتهي.