قنديل أم هاشم هي بالأحرى رواية وليست قصة للروائي ( يحيى حقي ) ، ومن أهم أعماله الأدبية ، وتتناول الرواية العلاقة بين المجتمع التقليدي بعاداته المتبعة جيلاُ بعد جيل ، والحداثة الوافدة ، ووضع الكاتب في هذه الرواية على العديد من الجوانب العميقة في هذا الموضوع .
ملخص القصة :
اسماعيل شاب انهى دراسته الثانوية ، فغادر إلى اوروبا لدراسة طب العيون ، وعاد من هناك طبيباً للعيون ، وفي يومٍ شاهد والدته تقطر عين إبنة عمه الرمداء بزيت أخذ من قندبل مقام ( السيدة زينب ) ، وبما أنه قنديل المقام فإن هذا الزيت مباركاً !
أخذ إبنة عمه و قام بفحص عينيها فوجد بأن ( الرمد ) قد أتلف جفنيها وأضر مقلة عينيها ، ولو حظيت بالرعاية والعلاج المناسبين لتماثلت للشفاء ، ولكن الزيت المستخدم وما يطلقون عليه مباركاً كان حاراً أضر بعينيها .
إستهجن فعلة أمه تلك رافعاً صوته بأن هذه الخرافات ليست من الدين في شيء ، وأن عملهم هذا مجرد ( خرافات ) .
وهنا يستنكر إسماعيل بعد اطلاعه على الحضارة والمدنية في أوروبا التفكير الرجعي لأبناء بلده والتي تجعل من تلك الأفكار تطال كل صغيرةٍ وكبيرة في الحياة ، حتى بلغ الأمر بتلك الخرافات بأن تطال صحة الإنسان وحياته ، وهذا ما حدث مع إبنة عمه عند تقطيرها بالزيت للإعتقاد بأن هذا الزيت مباركاً سيعجل بشفاء عينيها ، وكانت النتيجة هي العكس تماما ليكوي هذا الزيت الحار مقلتيها .
عند شروع اسماعيل للعمل في عيادته التي قام بافتتاحها في حي السيدة زينب ، وهو أحد أحياء القاهرة المكتظة ، إكتشف بأن جميع مرضاه لا يتماثلون للشفاء سريعاً ، وعند البحث عن السبب إكتشف بأن زيت القنديل نفسه التي استخدمته والدته لتقطير عيني إبنة عمه هو السبب ، فقام بتحطيم القنديل لاعناً بهذا التخلف الذي يسيطر على هذا المجتمع .
من هنا يبدأ الصراع في القصة فقد إبتعد أهل إسماعيل ومرضاه عنه بعد فعلته تلك ، متهمين إياه بأنه يهاجم تعاليم الدين نفسه بفعلته تلك ، وأنه قد أساء لنفسه قبل الإساءة لأهله ودينه .
توالت الصراعات في القصة ، حيث فشل في علاج عيني ( فاطمة ) ، وأقام عند ( افتالي ) ، ليرى المعاملة البذيئة كيف تكون ، الأمر الذي جعله يعيد حساباته من جديد ، متأملاً مواقفه التي جنى بها على نفسه ومجتمعه ، وبأن العلم يتوجه الإيمان ، وعاد من جديد إلى عيادته معلناً للعامة بأن في قلبه متسعٌ لقذارة تلك المعتقدات التي تربى هو عليها وهي من الأساس في أعماقه .
كانت عودة اسماعيل لعيادته يرافقه زيت القنديل الذي تمرد عليه ، واستخدمه لمحاولة شفاء فاطمة ، وكان يرمي بفعلته هذه عقد مصالحة مع أبناء حيه ، والبحث عن رابط بين العلم الذي تلقاه وتلك المعتقدات التي تسيطر على أبناء حيه ، وهنا توقف عند الحدود التي تفصل الشرق عن الغرب ، فمن الغرب كان النور والعلم فقط دون التحلي بعادات الغرب ونبذ قيمهم التي تحوي بين سطورها على الدوام الإستغلال والإستيطان ، وعند الطرف الشرقي كان عليه التسلح بالدين وأصالة القيم ومحاولة تصويبها شيئا فشيئا عن طريق الدين .