أشعار حب وحنين

كتابة - آخر تحديث: ٧:٣٤ ، ١٠ يونيو ٢٠١٩
أشعار حب وحنين

الحب والحنين

الحب هو وطن يعيش فيه المحبوب، ويبقى الحب بالقلب ولن يتغير مهما قل الحديث، وغابت الأعين والنظرات، وقل السلام والكلام، أمّا الحنين هو نوع من الشوق الذي يصاحبه ألم، ويكون حدث في الماضي ولا يسمح الزمان برجوعه، وهو الشعور الذي يراودك عندما تفقد شيء ما وليس من الممكن تقابلهما من جديد، وفي هذا المقال سنعرض لكم أجمل الأشعار في الحب والحنين.


كفى البدر حسناً أن يقال نديدها

اللواح هو سالم بن غسان شاعر ولد عام 895 هجري ولقب بهذا اللقب بسبب طبيعة عمله وهي عمل ألواح رخامية وبيعها، وله العديد من الكتب والدواوين، منها ديوانه الذي سماه على اسمه اللواح الخروصي الذي أصدره عام 1417، ومن أجمل أشعاره بالحب:[١]

كفى البدر حسناً أن يقال نديدها

فيزهو ولكن عن مثال يذودها

وحسب غصون البان أن قوامها

يقاس به مياسها وميودها

أسيرة حجلٍ مطلقاتٍ لحاظها

قضى حسنها أن ليس يسلو عميدها

وليس عجيباً أن شفتني بنظرةٍ

وحملني ما لا أطيق صدودها

فكم نظرةٍ قادت إلى القلب حسرةٍ

يقطع أنفاس الحياة ورودها

فيا عجباً كم تسلب الأسد في الوغى

وتسلبنا مرحى شنوةٍ عيدها

وجذوة نارٍ في الخدود لهيبها

تشب ولكن في القلوب وقودها

إذا آنستها مقلتي ظل صاعقاً

جناني وقال القلب لا دك طودها

وسرب ظباء مشرقاتٍ شموسها

تذب لها عد النجوم عديدها

تمانع عما في القصور صقورها

وتحمي الذي تحمي الكناس أسودها

تغار من الطيف الملم حماتها

ويغضب من مر النسيم عنيدها

إذا ما رأت في النوم طيفاً يزورها

توهمه في النوم طيفاً يرودها

نظرنا فأولتنا السقام عيونها

ولذنا فأولتنا النحول زرودها

وزرنا وأسد الحي تدني لحاظها

ونسمع من غاب الرماح وعيدها

فيا ساعد اللَه المحب لأنه

يرى غمرات الموت ثم يرودها

ولما ألمت للزيارة خلسةً

وسجف الليالي مطلقاتٍ بنودها

سعى بيننا الواشون حتى عبيرها

ونمت بها الأعداء حتى عقودها

ومرت بنا لولا حبائل شعرها

خطا الصبح لكن قيدته قيودها

تكلفني بيض الليالي وسودها

أموراً بأدناها يشيب وليدها

وترعد لي من دون غاية مطلبي

لتصعقني أبراقها ورعودها

وهيهات أن أعطي قيادي صروفها

فتقتادني بل لا أزال أقودها

وما كان أن يذوي لها عود عزمتي

وتخضع هماتي ويخضر عودها

أكايلها صاعاً بصاعٍ وإنني

أطفف في كيلي لها وأزيدها

وما أنا إلا آيةً

وحسن المساعي الطيبات شهودها

إذا نشر المعروف حمداً على امرئٍ

رضى الحمد أني في المساعي حميدها

ومن نعمةٍ لا يطبيني طريفها

وما إن صباني للمعاصي تليدها

ولم أرض ذل النفس في مطلب الغنى

إذا استعبدت أخلاق قومٍ عبيدها

سأترك ظهر الأرض مفلولة الشبا

صياقلها والعقرب الوخد قودها

وأجعل أكوار المهارى منازلاً

مشيدةً والعزم مني مشيدها

إذا هبطت غوراً تغور عيونها

وتنجد إن غصت بهن نجودها

وتعدو كبنت الجون طوراً وتارةً

لتركع حتى يستكين سجودها

يطلحها المسرى ويلغبها الضحى

ويدئبها إيغالها ووخيدها

وحاضت لأولى الليل حتى إذا بدا

لها الصبح خاضت واستبان وريدها

وظنت لعاب الشمس ماء لترتوي

فما انتفعت حتى استقل عمودها

ويرجو بإقبال الدجى راحة الوجى

فحار بها من بعد جهدٍ جهودها

وما زادها إلا الذميل رحاؤها

وما زادها إلا أواراً ورودها

لها أمل مني وراءً بسوقها

وحسن رجا مني أماماً يقودها

قطعت بها الأرض التي خب آلها

وبات بها الجنان يشجي نشيدها

علت تتقاضاني الوخيد وإنه

إلى نحو خير المرسلين وخيدها

ترض الحصى شوقاً لمن سبح الحصا له

سباع الحي حيته سيدها

وكلمة الظبي الفريد وجروةٌ

أجل حذرته حين جيد ثريدها

ومن شهدت توراة موسى بفضله

وإنجيل عيسى ثم نون وهودها

محمد خير المرسلين أخيرها

وأولها في الفضل وهو وحيدها

بمولده قد أخمدت نار فارس

ولولاه لم يسند صحيحاً خمودها

وإيوان كسرى قد تساقط بعد ما

بأعلامه ينبيهم من يرودها

وفي كفه عين من الماء قد جرت

تميراً وكان القوم منها ورودها

وشق له البدر البدر المنير وظللت

على رأسه بيض الليالي وسودها

وكم آيةٍ تترى له إثر آيةٍ

يفوت عديد الرمل طرّاً عديدها

ومعجزةٍ أعيت وما اسطاع نقلها

سواه إليهم والإله شهيدها

فسبحان من أسرى به بعد هجعةٍ

إلى حضرةٍ منه قريب بعيدها

ففاء وقد أعطي الرسالة راقياً

مطارح قد كان منه يريدها

فأبرا قلوباً بالصوارم والقنا

وكانت قلوباً ثائراتٍ حقودها

وقام وشمس الدين لم يبد قرنها

ومات وفق الراس قام عمودها

وفارق دنياه وقد قر مذعنا

له شاكر نعمى الهدى وجحودها

عليه صلاة اللَه ما ريع الحيا

وما روضة مدت عليه برودها

أملاي بل مولى البرايا جميعها

وشافعنا والخلق خابت جدودها

ويا صادق الوعد الأمين وعدتني

ببشرى وشرواكم وفاء وعودها

بسوحك قد ألقيت رحلي فقابلت

نجوم رجائي فيك زهراً سعودها

وأرسلت آمالي خماصاً بطونها

إليك فجاءت مفعماتٍ جلودها

شكوت لك الحال التي لا أعودها

وإن كنت أبديها لكم وأعيدها

ذنوباً لو الدنيا تحمل بعضها

ولو عشر عشر العشر ثقلاً يؤودها

سل اللَه لي فيها العظيم شفاعةً

أكون بها بين العباد سعيدها

دعوتك يا من لا يخيب راجياً

وإن سئل النعما بسر يفيدها

وغالب ظني بل يقيني بأنها

تجاب إذا جلت إليك عقودها

بكم مستجيرٌ ملتجٍ بحماكم

جنيت عظيمات وإني طريدها

وإني رأيت العرب تحفر بالعصا

فيمنع لاجيها ويحمي ضهيدها

وحسبي بما قرضت فيك قصيدةً

يناشد عني في المعاد نشيدها

وأحسن شيءٍ أنني قد جلوتها

عليك وأملاك السماء شهودها

تروم بها نفسي الجزاء فكن لها

قبولاً فإني في ثناك مجيدها

فلابن زهير قد سمحت ببردةٍ

عليه فأثرى من ذويه رهيدها

أجرني أجرني أجزنيأجر مدحتي

فأبيتها مني عليه وفودها

وقابل ثناها بالقبول فإنها

عرائس فكر والقبول يقودها

وإن زانها تطويلها واطرادها

فقد شانها تقصيرها وسمودها

إذا ما القوافي لم تحط بصفاتكم

فشتان منها نزرها وعتيدها

بمدحك أرجو حجتي وهو حجتي

على عصبة يطغى علي عنيدها

وأسهر في نظم القوافي ولم أقل

خليلي هل من رقدةٍ أستفيدها

صلاة من الرحمن تغشاك كلما

جزعن الفلا كوم الركاب وفودها

وعمت أبا بكرٍ ضجيعيك والرضى

إذاً عمراً ما عاقب البيض سودها


أإن حن مشتاق ففاضت دموعه

ابن عنين هو حمد بن نصر الله شاعر قديم عاش في زمن صلاح الدين الأيوبي وكان شعره غالباً هجاء وقليل من اتقى وسلم شره، لكنّه كان من أعظم وأمهر الشعراء في زمنه، وله عدّة قصائد في الحب والحنين منها القصيدة الآتية:[٢]

أَإِن حَنَّ مُشتاقٌ فَفاضَت دُموعُهُ

غَدَت عُذَّلٌ شَتّى حَوالَيهِ تَعكُفُ

وَما زالَ في الناسِ المَوَدَّةُ وَالوَفا

فَما لي عَلى حِفظِ العُهودِ أُعَنَّفُ

نَعَم إِنَّني صَبٌّ مَتى لاحَ بارِقٌ

مِنَ الغَربِ لا تَنفَكُّ عَينيَ تَذرِفُ

وَما قيلَ قَد وافى مِنَ الشامِ مُخبِرٌ

عَنِ القَومِ إِلّا أَقبَلَ القَلبُ يَرجفُ

وَأُعرِضُ عَن تَسآلِهِ عَنكَ خيفَةً

إِذا خَفَّ كُلٌّ نَحوَهُ يَتَعَرَّفُ

فَكَيفَ اِحتِيالي بِاللَيالي وَصَرفُها

بِضِدِّ مُرادي دائِماً يَتَصَرَّفُ

أُحاوِلُ أَن أَمشي إِلى الغَربِ راجِلاً

وَأَحداثُها بي في فَمِ الشَرقِ تَقذِفُ


لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقي

أبو الطيب المتنبيي شاعر عراقي ولد عام 915 ميلادي في الكوفة، ويمتاز شعره بأنّه يصف كل الأحداث التي عاشها في زمنه، حيث وصف بلاغته، وعلمه، وشجاعته، وله العديد من الأشعار والقصائد في الحب ومنها القصيدة الآتية:[٣]

لِعَينَيكِ ما يَلقى الفُؤادُ وَما لَقي

وَلِلحبِّ مالَم يَبق مِنّي وَما بَقي

وَما كُنت مِمَّن يَدخل العِشق قَلبهُ

وَلَكِنَّ مَن يُبصِر جُفونكِ يَعشَقِ

وَبَينَ الرِضا وَالسُخطِ وَالقُربِ وَالنَوى

مَجالٌ لِدَمعِ المُقلَةِ المُتَرَقرِقِ

وَأَحلى الهَوى ما شَكَّ في الوَصلِ رَبهُ

وَفي الهجرِ فَهوَ الدَهر يُرجو وَيُتَقي

وَغَضبى مِنَ الإِدلالِ سَكرى مِنَ الصِبا

شَفَعتُ إِلَيها مِن شَبابي بِرَيِّقِ

وَأَشنب مَعسولِ الثَنيّاتِ واضِحٍ

سَتَرت فَمي عَنه فَقَبَلَ مَفرِقي

وَأَجيادِ غِزلانٍ كَجيدِكِ زُرنَني

فَلَم أَتَبَين عاطلاً مِن مُطَوَقِ

وَما كُلُّ مَن يَهوى يَعِفُّ إِذا خَلا

عَفافي وَيُرضي الحِبَّ وَالخَيلُ تَلتَقي

سَقى اللَهُ أَيّامَ الصِبا ما يَسُرُّها

وَيَفعَلُ فِعلَ البابِلِيِّ المُعَتَّقِ

إِذا ما لَبِستَ الدَهرَ مُستَمتِعاً بِهِ

تَخَرَقتَ وَالملبوسُ لَم يَتخرَّقِ

وَلَم أَرَ كَالأَلحاظ يومَ رحيلِهِم

بَعَثنَ بِكُلِّ القَتلِ مِن كلِ مُشفِقِ

أَدَرنَ عُيوناً حائِراتٍ كَأَنَّها

مُرَكَّبةٌ أَحداقُها فَوق زِئبَقٍ

عَشِيَّةَ يَعدونا عَنِ النَظَرِ البُكا

وَعَن لَذةِ التَوديعِ خَوفُ التَفَرُّقِ

نُوَدِّعُهُم وَالبَينُ فينا كَأَنَّهُ

قَنا اِبنِ أَبي الهَيجاءِ في قَلبِ فَيلَقِ

قَواض مَواضٍ نَسجُ داوُودَ عِندَها

إِذا وَقَعَت فيهِ كَنَسج الخدرنَقِ

هَوادٍ لِأَملاكِ الجُيوشِ كَأَنَّها

تَخَيَّرُ أَرواحَ الكُماةِ وَتَنتَقي

تَقُدُّ عَلَيهِم كُلَّ دِرعٍ وَجَوشَنٍ

وَتَفري إِلَيهِم كُلَّ سورٍ وَخَندَقِ

يُغيرُ بِها بَينَ اللُقانِ وَواسِطٍ

وَيُركِزُها بَينَ الفُراتِ وَجِلِّقِ

وَيُرجِعُها حُمراً كَأَنَّ صَحيحَها

يُبَكّي دَماً مِن رحمة المُتَدَقِّقِ

فَلا تُبلِغاهُ ما أَقولُ فَإِنَّهُ

شُجاعٌ مَتى يُذكَر لَهُ الطَعنُ يَشتَقِ

ضَروبٌ بِأَطرافِ السُيوفِ بَنانُهُ

لَعوبٌ بِأَطرافِ الكَلامِ المُشَقَّقِ

كَسائِلِهِ مَن يَسأَلُ الغَيثَ قَطرَةً

كَعاذِلِهِ مَن قالَ لِلفَلَكِ اِرفُقِ

لَقَد جُدتَ حَتّى جُدتَ في كُلِّ مِلَّةٍ

وَحَتّى أَتاكَ الحَمدُ مِن كُلِّ مَنطِقِ

رَأى مَلِكُ الرومِ اِرتِياحَكَ لِلنَدى

فَقامَ مَقامَ المُجتَدي المُتَمَلِّقِ


المراجع

  1. اللواح، "كفى البدر حسنا أن يقال نديدها "، www.poetsgate.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-30.
  2. ابن عنين، "أأن حن مشتاق ففاضت دموعه"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-30.
  3. المتنبي (1983م)، ديوان المتنبي، بيروت: دار بيروت، صفحة 345-346.
782 مشاهدة