البُردة
يقول البوصيري:
محمدٌّ سـيدُ الكــونينِ والثقَلَـيْنِ
- والفريقـين مِن عُـربٍ ومِن عَجَـمِ
نَبِيُّنَـا الآمِرُ النَّــاهِي فلا أَحَــدٌ
- أبَـرُّ في قَــولِ لا منـه ولا نَعَـمِ
هُو الحبيبُ الــذي تُرجَى شـفاعَتُهُ
- لكُــلِّ هَوْلٍ مِن الأهـوالِ مُقتَحَمِ
دَعَـا الى اللهِ فالمُسـتَمسِـكُون بِـهِ
- مُستَمسِـكُونَ بِحبـلٍ غيرِ مُنفَصِـمِ
فــاقَ النَّبيينَ في خَلْـقٍ وفي خُلُـقٍ
- ولم يُـدَانُوهُ في عِلــمٍ ولا كَـرَمِ
وكُــلُّهُم مِن رسـولِ اللهِ مُلتَمِـسٌ
- غَرْفَا مِنَ البحرِ أو رَشفَاً مِنَ الدِّيَـمِ
وواقِفُـونَ لَدَيــهِ عنـدَ حَدِّهِــمِ مِن
- نُقطَةِ العلمِ أو مِن شَكْلَةِ الحِكَـمِ
فَهْوَ الـــذي تَمَّ معنــاهُ وصورَتُهُ
- ثم اصطفـاهُ حبيباً بارِيءُ النَّسَــمِ
مُنَـزَّهٌ عـن شـريكٍ في محاسِــنِهِ
- فجَـوهَرُ الحُسـنِ فيه غيرُ منقَسِـمِ
دَع مــا ادَّعَتهُ النصارى في نَبِيِّهِـمِ
- واحكُم بما شئتَ مَدحَاً فيه واحتَكِـمِ
وانسُبْ الى ذاتِهِ ما شـئتَ مِن شَـرَفٍ
- وانسُب الى قَدْرِهِ ما شئتَ مِن عِظَـمِ
فــاِنَّ فَضلَ رســولِ اللهِ ليـس له
- حَـدٌّ فَيُعـرِبَ عنـهُ نــاطِقٌ بِفَمِ
لو نـاسَـبَتْ قَـدْرَهُ آيـاتُهُ عِظَمَـاً
- أحيـا اسمُهُ حين يُـدعَى دارِسَ الرِّمَمِ
لم يمتَحِنَّــا بمـا تَعيَــا العقولُ بـه
- حِرصَـاً علينـا فلم نرتَـبْ ولم نَهِمِ
أعيـا الورى فَهْمُ معنــاهُ فليسَ يُرَى
- في القُرْبِ والبُعـدِ فيه غـيرُ مُنفَحِمِ
كـالشمسِ تظهَرُ للعينَيْنِ مِن بُــعُدٍ
- صغيرةً وتُكِـلُّ الطَّـرْفَ مِن أَمَـمِ
وكيفَ يُــدرِكُ في الدنيــا حقيقَتَهُ
- قَــوْمٌ نِيَــامٌ تَسَلَّوا عنه بـالحُلُمِ
فمَبْلَغُ العِــلمِ فيه أنــه بَشَــرٌ
- وأَنَّــهُ خيرُ خلْـقِ الله كُـــلِّهِمِ
وكُــلُّ آيٍ أتَى الرُّسْـلُ الكِـرَامُ بِهَا
- فــانمـا اتصَلَتْ مِن نورِهِ بِهِــمِ
فـاِنَّهُ شمـسُ فَضْلٍ هُـم كــواكِبُهَا
- يُظهِرْنَ أنـوارَهَا للنــاسِ في الظُّلَمِ
أكــرِمْ بخَلْـقِ نبيٍّ زانَــهُ خُلُـقٌ
- بالحُسـنِ مشـتَمِلٌ بالبِشْـرِ مُتَّسِـمِ
كالزَّهرِ في تَرَفٍ والبـدرِ في شَـرَفٍ
- والبحرِ في كَــرَمٍ والـدهرِ في هِمَمِ
كــأنَّهُ وهْـوَ فَرْدٌ مِن جلالَتِــهِ
- في عسـكَرٍ حينَ تلقاهُ وفي حَشَــمِ
كـــأنَّمَا اللؤلُؤُ المَكنُونُ في صَدَفٍ
- مِن مَعْــدِنَيْ مَنْطِـقٍ منه ومبتَسَـمِ
لا طيبَ يَعــدِلُ تُرْبَـا ضَمَّ أعظُمَهُ
- طوبى لمُنتَشِـقٍ منـــه ومـلتَثِـمِ
أبــانَ مولِدُهُ عن طِيــبِ عنصُرِهِ
- يـــا طِيبَ مُبتَـدَاٍ منه ومُختَتَـمِ
يَــومٌ تَفَرَّسَ فيــه الفُرسُ أنَّهُـمُ
- قَــد أُنـذِرُوا بِحُلُولِ البُؤسِ والنِّقَمِ
وبـاتَ اِيوَانُ كِسـرَى وَهْوَ مُنْصَدِعٌ
- كَشَـملِ أصحابِ كِسـرَى غيرَ مُلتَئِمِ
والنارُ خـامِدَةُ الأنفـاسِ مِن أَسَـفٍ
- عليه والنهرُ سـاهي العَيْنِ مِن سَـدَمِ
وسـاءَ سـاوَةَ أنْ غاضَتْ بُحَيرَتُهَـا
- وَرُدَّ وارِدُهَـا بــالغَيْظِ حينَ ظَـمِي
كــأَنَّ بالنـارِ ما بالمـاءِ مِن بَلَـلٍ
- حُزْنَـاً وبـالماءِ ما بـالنار مِن ضَـرَمِ
والجِنُّ تَهتِفُ والأنــوارُ ســاطِعَةٌ
- والحـقُّ يظهَـرُ مِن معنىً ومِن كَـلِمِ
عَمُوا وصَمُّوا فــاِعلانُ البشـائِرِ
- لم تُسمَعْ وبـــارِقَةُ الاِنذارِ لم تُشَـمِ
مِن بعـدِ ما أخبَرَ الأقوامَ كــاهِنُهُم
- بــأنَّ دينَـهُـمُ المُعـوَجَّ لم يَقُـمِ
وبعـد ما عاينُوا في الأُفقِ مِن شُـهُبٍ
- مُنقَضَّةٍ وَفـقَ مـا في الأرضِ مِن صَنَمِ
حتى غَــدا عن طـريقِ الوَحيِ مُنهَزِمٌ
- مِن الشـياطينِ يقفُو اِثْــرَ مُنهَـزِمِ
كــأنَّهُم هَرَبَــا أبطــالُ أبْرَهَـةٍ أو
- عَسكَرٌ بـالحَصَى مِن راحَتَيْـهِ رُمِي
نَبْذَا به بَعــدَ تسـبيحٍ بِبَـطنِهِمَــا
- نَبْـذَ المُسَبِّحِ مِن أحشــاءِ ملتَقِـمِ
جاءت لِــدَعوَتِهِ الأشـجارُ سـاجِدَةً
- تمشِـي اِليه على سـاقٍ بــلا قَدَمِ
كــأنَّمَا سَـطَرَتْ سـطرا لِمَا كَتَبَتْ
- فُرُوعُهَـا مِن بـديعِ الخَطِّ في الَّلـقَمِ
مثلَ الغمــامَةِ أَنَّى سـارَ ســائِرَةً
- تَقِيـهِ حَرَّ وَطِيـسٍ للهَجِــيرِ حَمِي
وما حوى الغـــارُ مِن خيرٍ ومِن كَرَمِ
- وكُــلُّ طَرْفٍ مِنَ الكفارِ عنه عَمِي
فالصدقُ في الغــارِ والصدِّيقُ لم يَرِمَـا
- وهُم يقولون مـا بالغــارِ مِن أَرِمِ
ظنُّوا الحمــامَةَ وظنُّوا العنكبوتَ على
- خــيرِ البَرِّيَّـةِ لم تَنسُـجْ ولم تَحُمِ
وِقَـــايَةُ اللهِ أغنَتْ عَن مُضَــاعَفَةٍ
- مِنَ الدُّرُوعِ وعن عــالٍ مِنَ الأُطُمِ
ما سـامَنِي الدَّهرُ ضيمَاً واسـتَجَرتُ بِهِ
- اِلا ونِــلتُ جِـوَارَاً منه لم يُـضَمِ
ولا التَمســتُ غِنَى الدَّارَيْنِ مِن يَـدِهِ اِلا
- استَلَمتُ النَّدَى مِن خيرِ مُسـتَلَمِ
لا تُنكِـــرِ الوَحْيَ مِن رُؤيَـاهُ اِنَّ لَهُ قَلْبَاً
- اِذا نــامَتِ العينـانِ لم يَنَـمِ
وذاكَ حينَ بُلُــوغٍ مِن نُبُوَّتِــــهِ
- فليسَ يُنـكَرُ فيهِ حـالُ مُحتَلِــمِ
تبــارَكَ اللهُ مــا وَحيٌ بمُكتَسَـبٍ
- ولا نــبيٌّ على غيــبٍ بمُتَّهَـمِ
كَــم أبْرَأَتْ وَصِبَـاً باللمسِ راحَتُهُ
- وأطلَقَتْ أَرِبَــاً مِن رِبــقَةِ اللمَمِ
وأَحْيت السَــنَةَ الشَّــهباءَ دَعوَتُهُ
- حتى حَكَتْ غُرَّةً في الأَعصُرِ الدُّهُـمِ
بعارِضٍ جادَ أو خِلْتَ البِطَـاحَ بهــا
- سَـيْبٌ مِنَ اليمِّ أو سَـيْلٌ مِنَ العَرِمِ
دَعنِي وَوَصفِيَ آيـــاتٍ له ظهَرَتْ
- ظهُورَ نـارِ القِرَى ليـلا على عَـلَمِ
فالــدُّرُ يزدادُ حُسـناً وَهْوَ مُنتَظِمُ
- وليس يَـنقُصُ قَــدرَاً غيرَ مُنتَظِمِ
فمَــا تَطَـاوُلُ آمــالِ المدِيحِ الى
- مـا فيـه مِن كَرَمِ الأخلاقِ والشِّيَمِ
آيــاتُ حَقٍّ مِنَ الرحمنِ مُحدَثَــةٌ
- قــديمَةٌ صِفَةُ الموصـوفِ بالقِـدَمِ
لم تَقتَرِن بزمـــانٍ وَهْيَ تُخبِرُنــا
- عَنِ المَعَـــادِ وعَن عـادٍ وعَن اِرَمِ
دامَتْ لدينـا ففاقَتْ كُــلَّ مُعجِزَةٍ
- مِنَ النَّبيينَ اِذ جــاءَتْ ولَم تَـدُمِ
مُحَكَّـمَاتٌ فمــا تُبقِينَ مِن شُـبَهٍ
- لــذي شِـقَاقٍ وما تَبغِينَ مِن حِكَمِ
ما حُورِبَت قَطُّ الا عــادَ مِن حَرَبٍ
- أَعـدَى الأعـادِي اليها مُلقِيَ السَّلَمِ
رَدَّتْ بلاغَتُهَــا دَعوى مُعارِضِهَـا
- رَدَّ الغَيُورِ يَـدَ الجــانِي عَن الحُرَمِ
لها مَعَــانٍ كَموْجِ البحرِ في مَـدَدٍ
- وفَـوقَ جَوهَرِهِ في الحُسـنِ والقِيَمِ
فَمَـا تُـعَدُّ ولا تُحـصَى عجائِبُهَـا
- ولا تُسَـامُ على الاِكثــارِ بالسَّأَمِ
قَرَّتْ بَهـا عينُ قارِيها فقُلتُ لــه
- لقـد ظَفِـرتَ بحَبْـلِ الله فـاعتَصِمِ
كــأنَّها الحوضُ تَبيَضُّ الوُجُوهُ بِـهِ
- مِنَ العُصَاةِ وقَــد جاؤُوهُ كالحُمَـمِ
وكـالصِّراطِ وكـالميزانِ مَعدَلَــةً
- فالقِسطُ مِن غيرِهَا في النـاسِ لم يَقُمِ
لا تَعجَبَنْ لِحَسُـودٍ راحَ يُنكِرُهَــا
- تجاهُلا وَهْـوَ عـينُ الحـاذِقِ الفَهِمِ
قد تُنكِرُ العينُ ضَوْءَ الشمسِ مِن رَمَدٍ
- ويُنكِرُ الفَمَ طعمَ المـاءِ مِن سَــقَمِ
يـا خيرَ مَن يَمَّمَ العـافُونَ سـاحَتَهُ
- سعيَــا وفَوقَ مُتُونِ الأَيْنُقِ الرُّسُـمِ
ومَن هُــوَ الآيـةُ الكُبرَى لمُعتَبِـرٍ
- ومَن هُـوَ النِّعمَــةُ العُظمَى لِمُغتَنِمِ
سَرَيتَ مِن حَـرَمٍ ليــلا الى حَرَمِ
- كما سَـرَى البَدرُ في داجٍ مِنَ الظُّلَمِ
وبِتَّ ترقَى الى أن نِلـتَ مَنزِلَــةً
- مِن قابَ قوسَـيْنِ لم تُدرَكْ ولَم تُـرَمِ
وقَـدَّمَتْكَ جميعُ الأنبيـاءِ بهـــا
- والرُّسْـلِ تقديمَ مخـدومٍ على خَـدَمِ
وأنتَ تَختَرِقُ الســبعَ الطِّبَاقَ بهم
- في مَوكِبٍ كُنتَ فيـه صاحِبَ العَـلَمِ
حتى اذا لم تدَعْ شَــأْوَاً لمُســتَبِقٍ
- مِنَ الـــدُّنُوِّ ولا مَرقَىً لمُســتَنِمِ
خَفَضْتَ كُــلَّ مَقَامٍ بالاضـافَةِ اِذ
- نُودِيتَ بالـرَّفعِ مثلَ المُفرَدِ العَــلَمِ
كيما تَفُوزَ بِوَصْــلٍ أيِّ مُســتَتِرِ
- عَنِ العُيــون وسِـــرٍّ أيِّ مُكتَتِمِ
فَحُزتَ كُــلَّ فَخَارٍ غيرَ مُشـتَرَكٍ
- وجُزْتَ كُــلَّ مَقَــامٍ غيرَ مُزدَحَمِ
وجَـلَّ مِقـدَارُ مـا وُلِّيتَ مِن رُتَبٍ
- وعَزَّ اِدراكُ مــا أُولِيتَ مِن نِعَــمِ
بُشـرَى لنا مَعشَـرَ الاسـلامِ اِنَّ لنا
- مِنَ العِنَايَـةِ رُكنَــاً غيرَ منهَــدِمِ
لمَّـا دَعَى اللهُ داعينــا لطــاعَتِهِ
- بـأكرمِ الرُّسْلِ كُنَّـا أكـرَمَ الأُمَـمِ
راعَتْ قلوبَ العِـدَا أنبـــاءُ بِعثَتِهِ
- كَنَبـأَةٍ أَجْفَلَتْ غُفْــلا مِنَ الغَنَـمِ
مـا زالَ يلقــاهُمُ في كُـلِّ مُعتَرَكٍ
- حتى حَكَوْا بالقَنَـا لَحمَا على وَضَـمِ
وَدُّوا الفِرَارَ فكــادُوا يَغبِطُونَ بـه
- أشـلاءَ شـالَتْ مَعَ العُقبَـانِ والرَّخَمِ
تَمضِي الليـالي ولا يَدرُونَ عِدَّتَهَـا
- ما لم تَكُن مِن ليــالِي الأُشهُرِ الحُـرُمِ
كـأنَّمَا الدِّينُ ضَيْفٌ حَلَّ سـاحَتَهُم
- بكُــلِّ قَرْمٍ الى لَحمِ العِــدَا قَـرِمِ
يَجُـرُّ بحـرَ خميسٍ فَوقَ ســابِحَةٍ
- يـرمي بمَوجٍ من الأبطــالِ ملتَـطِمِ
مِن كُــلِّ منـتَدِبٍ لله مُحتَسِـبٍ
- يَسـطُو بمُسـتَأصِلٍ للكُفرِ مُصطَـلِمِ
حتى غَدَتْ مِلَّةُ الاسـلامِ وَهْيَ بهـم
- مِن بَعــدِ غُربَتِهَا موصولَةَ الرَّحِـمِ
مَكفولَـةً أبـدَاً منهـم بِـخَيرِ أَبٍ
- وخيرِ بَعـلٍ فــلم تَيْتَـمْ ولم تَئِـمِ
هُمُ الجبـالُ فَسَـلْ عنهُم مُصَادِمَهُم
- مــاذا لَقِي منهم في كُـلِّ مُصطَدَمِ
وَسَـلْ حُنَيْنَاً وَسَـلْ بَدْرَاً وَسَلْ أُحُدَا
- فُصـولُ حَتْفٍ لَهم أدهى مِنَ الوَخَمِ
المُصدِرِي البِيضِ حُمرَاً بعد ما وَرَدَتْ
- مِنَ العِــدَا كُلَّ مُسْوَدٍّ مِن الِّلمَـمِ
والكاتِبينَ بِسُــمرِ الخَطِّ ما تَرَكَتْ
- أقــلامهُمْ حَرْفَ جِسمٍ غيرَ مُنعَجِمِ
شـاكِي السـلاحِ لهم سِيمَى تُمَيِّزُهُم
- والوَرْدُ يمتـازُ بالسِّيمَى عَنِ السَّـلَمِ
تُهدِي اليـكَ رياحُ النَّصرِ نَشْـرَهُمُ
- فتَحسِبُ الزَّهرَ في الأكمامِ كُلَّ كَمِي
كــأنَّهُم في ظُهورِ الخَيْلِ نَبْتُ رُبَـاً
- مِن شَـدَّةِ الحَزْمِ لا مِن شـدَّةِ الحُزُمِ
طارَتْ قلوبُ العِدَا مِن بأسِـهِم فَرَقَاً
- فمـا تُـفَرِّقُ بين البَهْـمِ والبُهَـمِ
ومَن تَـكُن برسـولِ اللهِ نُصرَتُـهُ اِن
- تَلْقَهُ الأُسْـدُ في آجــامِهَا تَجِمِ
ولَن تَــرى مِن وَلِيٍّ غيرَ منتَصِـرٍ
- بِــهِ ولا مِن عَــدُوٍّ غيرَ مُنعَجِمِ
أَحَــلَّ أُمَّتَـهُ في حِـرْزِ مِلَّتِــهِ
- كالليْثِ حَلَّ مَعَ الأشـبالِ فِي أَجَمِ
كَـم جَدَّلَتْ كَـلِمَاتُ الله مِن جَدَلٍ
- فيه وكـم خَصَمَ البُرهانُ مِن خَصِمِ
كفــاكَ بـالعلمِ في الأُمِّيِّ مُعجَزَةً
- في الجاهـليةِ والتــأديبَ في اليُتُمِ
خدَمْتُهُ بمديــحٍ أســتَقِيلِ بِـهِ
- ذُنوبَ عُمْر مَضَى في الشِّعرِ والخِدَمِ
اِذ قَـلَّدَانِيَ ما تُخشَـى عـواقِبُـهُ
- كــأنني بِهِــمَا هَدْيٌ مِنَ النَّعَمِ
أَطَعتُ غَيَّ الصِّبَا في الحالَتَيْنِ
- ومــا حَصَلتُ الا على الآثـامِ والنَّـدَمِ
فيـا خَسَــارَةَ نَفْسٍ في تِجَارَتِهَـا
- لَم تَشتَرِ الدِّينَ بـالدنيا ولم تَسُـمِ
ومَن يَبِــعْ آجِـلا منه بـعاجِلِـهِ
- بِينَ لـه الغَبْنُ في بَيْـعٍ وفي سَـلَمِ
اِنْ آتِ ذَنْبَـاً فمــا عَهدِي بمُنتَقِضٍ
- مِنَ النَّبِيِّ ولا حَبـلِي بمُنصَـــرِمِ
فـــاِنَّ لي ذِمَّةً منــه بتَسـمِيَتِي
- مُحمَّدَاً وهُوَ أوفَى الخلقِ بــالذِّمَمِ
اِنْ لم يكُـن في مَعَـادِي آخِذَاً بِيَدِي
- فَضْلا والا فَقُــلْ يــا زَلَّةَ القَدَمِ
حاشــاهُ أنْ يَحْرِمَ الرَّاجِي مَكَارِمَهُ
- أو يَرجِعَ الجــارُ منه غيرَ مُحـتَرَمِ
ومُنذُ أَلزَمْتُ أفكَـــارِي مَدَائِحَهُ
- وجَدْتُـهُ لخَلاصِي خــيرَ مُلتَـزِمِ
ولَن يَفُوتَ الغِنَى منه يَــدَاً تَرِبَتْ
- اِنَّ الحَيَـا يُنْبِتُ الأزهارَ في الأَكَـمِ
ولَم أُرِدْ زَهرَةَ الدنيـا التي اقتَطَفَتْ
- يَــدَا زُهَيْرٍ بمـا أثنَى على هَـرِمِ
يــا أكرَمَ الخلقِ ما لي مَن ألوذُ به
- سِـوَاكَ عِنـدَ حُلولِ الحادِثِ العَمِمِ
ولَن يَضِيقَ رسـولَ اللهِ جاهُكَ بي
- اذا الكريمُ تَجَلَّى بــاسمِ مُنتَقِـمِ
يا نَفْـسُ لا تَقنَطِي مِن زَلَّةٍ عَظُمَتْ
- اِنَّ الكَبَـائِرَ في الغُفرَانِ كـالَّلمَـمِ
لعَـلَّ رَحمَةَ رَبِّي حينَ يَقسِــمُهَا
- تَأتِي على حَسَبِ العِصيَانِ في القِسَمِ
يا رَبِّ واجعَلْ رجائِي غيرَ مُنعَكِسٍ
- لَدَيْـكَ واجعلْ حِسَابِي غيرَ مُنخَرِمِ
والطُفْ بعَبدِكَ في الدَّارَينِ اِنَّ لَـهُ
- صَبرَاً مَتَى تَـدعُهُ الأهـوالُ ينهَزِمِ
وائذَنْ لِسُحْبِ صلاةٍ منك دائِمَةٍ
- عـلى النبِيِّ بِمُنْهَــلٍّ ومُنسَـجِم
ما رَنَّحَتْ عَذَبَاتِ البَانِ رَيحُ صَبَـا
- وأَطرَبَ العِيسَ حادِي العِيسِ بالنَّغَمِ
ثُمَّ الرِّضَـا عَن أبي بَكرٍ وعَن عُمَرَ
- وعَن عَلِيٍّ وعَن عثمـانَ ذِي الكَرَمِ
والآلِ والصَّحبِ ثُمَّ التَّابِعِينَ فَهُـمْ
- أهلُ التُّقَى والنَّقَى والحِلْمِ والكَـرَمِ
وُلد الهدى فالكائنات ضياء
يقول أحمد شوقي:
وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ
- وَفَـمُ الـزَمـانِ تَـبَـسُّـمٌ وَثَناءُ
الـروحُ وَالـمَـلَأُ الـمَلائِكُ حَولَهُ
- لِـلـديـنِ وَالـدُنـيـا بِهِ بُشَراءُ
وَالـعَـرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي
- وَالـمُـنـتَـهى وَالسِدرَةُ العَصماءُ
وَحَـديـقَـةُ الفُرقانِ ضاحِكَةُ الرُبا
- بِـالـتُـرجُـمـ انِ شَـذِيَّةٌ غَنّاءُ
وَالـوَحيُ يَقطُرُ سَلسَلاً مِن سَلسَلٍ
- وَالـلَـوحُ وَالـقَـلَـمُ البَديعُ رُواءُ
أتانا نبيٌّ بعد يأس وفترة
يقول بجير بن زهير المزني:
أتانا نَبِيٌّ بعدَ يأسِ وَفَترَةٍ
- منَ اللَهِ والأوثانِ في الأرضِ تُعبَدُ
وشقَّ لَهُ من اسمِهِ لجلالِهِ
- فَذُو العرشِ محمُودٌ وهذا مُحَمَّدُ
وأشركَه في ذكره جَلَّ ذِكرُهُ
- تَخَلَّدَ في الجناتِ فِيمَن يُخَلَّدُ
أَغرُّ عليهِ للنبوةِ خاتمٌ
- منَ اللَهِ مشهودٌ يلوحُ ويشهَدُ
منع الرقاد بلابل وهموم
يقول عبد الله بن الزبعري:
فَاليَومَ آمَنَ بِالنَبيِّ مُحَمَدٍ
- قَلبي وَمُخطئُ هَذِهِ مَحرومُ
مَضَتِ العَداوَةُ وَاِنقَضَت أَسبابُها
- وَدَعَت أَواصِرُ بَينَنا وَحُلومُ
فَاِغفِر فِدَىً لَكَ وَالِداي كِلاهُما
- زَلَلي فَإِنَّكَ راحِمٌ مَرحومُ
وَعَلَيكَ مِن عِلمِ المَليكِ عَلامَةٌ
- نُورٌ أَغَرُّ وَخاتِمٌ مَختومُ
أَعطاكَ بِعدَ مَحَبَةٍ بُرهانَهُ
- شَرَفاً وَبُرهانُ الإِلَهِ عَظيمُ
وَلَقَد شَهِدتُ بِأَنُّ دينَكَ صادِقٌ
- حَقٌّ وَأَنكَ في العِبادِ جَسيمُ
وَاللَهُ يَشهَدُ أَنَّ أَحمدَ مُصطَفى
- مُستَقبِلٌ في الصالِحينَ كَريمُ
قَرمٌ عَلا بُنيانُهُ مِن هاشِمٍ
- فرعٌ تَمَكَّنَ في الذُرى وَأُرومُ