اصطلاح ملكوت الله هو اصطلاح واسع المعاني: لغويّاً، ودينيّاً، وتاريخيّاً، ومكانيّاً، وماديّاً كان أم روحيّاً. وهو اصطلاح هام للغاية، وغنيّ في مفرداته، وذا مكانة عقائديّة عند كافة الشعوب بالعالم.
فالملكوت هو المُلْك، والمالك المَلِك هو الله عز وجل. وأما مصطلح "ملكوت الله" بحسب ابن منظور في لسان العرب، فقد قال: ومُلك الله وملكوته: أي سلطانه وعظمته، وكلمة ملكوت صيغة مبالغة من مُلك. أمّا أصل الكلمة عبريّاً هي "مالكوت"، وفي الآراميّة "مالْكوتا" (السكون على اللام)، وتعنيان: "سلطان الله الشامل وحكمه السائد الضّابط لكلّ خليقته منذ الأزل وإلى الأبد.
وسأتناول الموضوع فقط من ثلاثة أوجه: إسلاميّة، ومسيحيّة، ويهوديّة.
إسلاميّاً
ذكر (الملكوت) في القرآن الكريم ثلاث مرّات: سورة المؤمنين - 88، وسورة يس - 83 (مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ). وفي سورة الأنعام - 75: (مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ).
وتفسير الفخر الرازي: ملكوت الله عبارة عن ملك السماء، والملك عبارة عن القدرة. وقدرة الله لا ترى إنّما تعرف بالفعل، أي إنّ ملكوت السموات هو الأمجاد السماويّة التي لا تراها العين ولا تخطر على قلب البشر إلّا إذا كشف لهم الله عن ذلك.
كما وذكر في القرآن الكريم اصطلاح مرادف للملكوت وهو كلمة (عرش) حوالي 25 مرة: في سورة المؤمنين، والتوبة، والمائدة، وآل عمران، والشورى، والبقرة، والزمر، والحديد، والأعراف، والفرقان، والبروج، والزخزف، وفي سورة ص.
مسيحيّاً
فملكوت الله أو السماوات هو ملكوت روحي، أي أن يملك الله على كل قلب وفكر وإرادة، ملكوتًا روحيًا. وهو مصطلح لاهوتي ومفهوم أساسي من مفاهيم المسيحية. ملكوت السماوات ليس للمتع الحسية بل للمتع الروحية فقط. وهو عالم روحي حيث يسود الله كملك، وهو نطاق سلطان الله على الوجود بأكمله، أي الله الملك ذو السلطة السيادية الكامة.
الملكوت هو حدث قد جاء فعلاً إلى الإنسان بشخص المسيح، وأيضا محتّم حدوثه في المستقبل. هو المكان الذي يظهر فيه سلطان الله، هو المجازاة وثمرة حياة القداسة، الّتي ينالها المؤمن حاضراً وفي الدهر الآتي، هو بر وسلام وفرح في الروح القدس.
يهوديّاً
مصطلح ملكوت الله في اليهوديّة غير موجود، ولكن فكرة الله الملك السماوي وشعبه المختار هو أمر جوهري. مزمور 47 - 7 (اللهَ مَلِكُ الأَرْضِ كُلِّهَا)، وفي سفر إِرْمِيَا 10 - 7 الله هو (مَلِكَ الشُّعُوبِ). هذا الشعب دستوره القداسة، والطهارة، والبر، والتبعيّة المطلقة لله القدوس باعتباره الإله الواحد الوحيد ولا إله غيره.